في تطور لافت، كثف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب هجماته اللفظية على شبكة ABC الإخبارية ومقدم البرامج الكوميدية جيمي كيميل، وذلك بعد عرض كيميل الأخير الذي تناول قضايا حساسة تتعلق بشخصية ترامب ومحيطه. يأتي هذا التصعيد في إطار سلسلة مواجهات مستمرة بين الرئيس السابق ووسائل الإعلام، تحديدًا تلك التي يعتبرها معارضة له. هذه المواجهة تبرز بحدة مجددًا، وتؤكد على استمرار تركيز ترامب على تشكيل الرأي العام ومحاولة التأثير على التغطية الإعلامية.

تصعيد الهجوم على ABC وجيمي كيميل

لم يكن هجوم ترامب الأخير مفاجئًا، فهو غالبًا ما يعبر عن غضبه عبر منصات التواصل الاجتماعي. في منشور على حسابه على منصة Truth Social، شن ترامب هجومًا لاذعًا على شبكة ABC، متسائلًا عن سبب استمرار بث برنامج جيمي كيميل، واصفًا إياه بـ “الرجل عديم الموهبة” الذي يحقق نسب مشاهدة ضعيفة. هذا الهجوم يعكس عدم ارتياح ترامب لمحتوى البرنامج الذي يقدمه كيميل، والذي غالبًا ما يتضمن نقدًا ساخرًا للسياسات والأداء العام للرئيس السابق.

يأتي هذا بعد غضبه من مقابلة أجرتها مراسلة ABC News، ماري بروس، معه في البيت الأبيض، حيث اعترض على الأسئلة التي طرحتها، واعتبرها استفزازية وغير لائقة. لاحقًا، وزع فريقه الإعلامي مذكرة من 17 نقطة تفصل “المظالم” ضد ABC News. بالإضافة إلى ذلك، كان ترامب قد انتقد كيميل في السابق بسبب تعليقاته حول قضية جيفري إبستاين.

قضية إبستاين ومونولوج كيميل

كما أشرنا سابقًا، أثارت قضية جيفري إبستاين – رجل الأعمال المتورط في جرائم اعتداء جنسي على قاصرين – غضب ترامب بشكل خاص. عرض كيميل ليلة الأربعاء الماضي مونولوجًا ساخرًا تناول هذه القضية، بالإضافة إلى تصويت الكونجرس الأخير على إطلاق المزيد من الوثائق المتعلقة بمراسلات إبستاين.

وقال كيميل خلال عرضه: “نحن أقرب من أي وقت مضى للإجابة على السؤال: ما الذي كان يعرفه الرئيس، وكم كان عمر هؤلاء النساء عندما عرف ذلك؟” وهو سؤال يلمح إلى احتمال تورط ترامب في علاقات مع قاصرات مرتبطة بإبستاين. هذا السؤال، الذي استوحاه من تحقيقات مماثلة في فضيحة ووترغيت، يعتبر بمثابة إشارة استفزازية للرئيس السابق والدليل على كيفية متابعة وسائل الإعلام لقضية دونالد ترامب و محاولاتها للكشف عن الحقائق.

رد فعل ABC والبيت الأبيض

شبكة ABC اكتفت بالإشارة إلى أنها لن تعلق على تصريحات ترامب. ولكن من الجدير بالذكر أن برنامج كيميل شهد ارتفاعًا في نسب المشاهدة بعد عودته للبث في سبتمبر الماضي، على الرغم من الانتقادات التي وجهت له. يجب أن نذكر أن كيميل يعمل في قسم الترفيه بالشبكة، وليس في قسم الأخبار، مما يجعل هجوم ترامب يبدو خارج السياق.

في المقابل، أصدر المكتب الصحفي للبيت الأبيض بيانًا مفصلًا يوضح قائمة طويلة من الشكاوى ضد ABC News، ويعود بعضها إلى فترة ولاية ترامب الأولى. ووصف البيان الشبكة بأنها “ليست صحافة، بل هي عملية دعائية للديمقراطيين تتنكر في شكل شبكة بث.” هذه التصريحات القوية تعكس عمق الهوة بين البيت الأبيض وبعض وسائل الإعلام الرئيسية، وتؤكد على استمرار الحرب الإعلامية.

سياق أوسع: مواجهات ترامب مع الإعلام

هذه ليست المرة الأولى التي يدخل فيها ترامب في مواجهة مع وسائل الإعلام. خلال فترة رئاسته، شن حملة مستمرة ضد وسائل الإعلام التي وصفها بـ “المتحيزة” و “العدائية”. كما هاجم صحفيين بشكل شخصي، واتهمهم بنشر أخبار كاذبة.

في وقت سابق، دعا ترامب أيضًا إلى إقالة مقدم البرامج سيث مايرز من شبكة NBC، مما يؤكد على نمط سلوكه في التعامل مع الكوميديين الذين ينتقدونه. هذه المواجهات لا تعكس فقط أسلوب الرئيس السابق في التعامل مع الانتقاد، بل تشير أيضًا إلى إدراكه لقوة وسائل الإعلام في تشكيل الرأي العام. قضية جيمي كيميل هي مجرد جزء من هذه الصورة الأكبر.

مستقبل العلاقة بين ترامب ووسائل الإعلام

من المرجح أن تستمر المواجهات بين ترامب ووسائل الإعلام. فالرئيس السابق لا يبدو مستعدًا للتراجع عن موقفه، وسيستمر على الأرجح في استخدام منصات التواصل الاجتماعي للرد على أي انتقاد يوجه له. وينبغي على وسائل الإعلام أن تكون مستعدة لمثل هذه المواجهات، وأن تواصل تقديم تغطية إخبارية عادلة وموضوعية.

ختامًا، يمثل تصعيد الهجوم على شبكة ABC وجيمي كيميل حلقة جديدة في سلسلة المواجهات بين دونالد ترامب ووسائل الإعلام. هذه المواجهات تعكس عمق الهوة بين الطرفين، وتؤكد على أهمية دور الإعلام في الرقابة والمساءلة. سيظل هذا الموضوع محل اهتمام ومتابعة واسعة النطاق، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة.

شاركها.