في أعقاب وفاة جيفري إبستين المثيرة للجدل، عادت القضية إلى دائرة الضوء بقوة مع صدور مذكرات فيرجينيا روبرتس جيوفري، والتي حققت نجاحًا باهرًا في المبيعات، مما أثار موجة جديدة من الانتقادات والمطالبات بالكشف عن المزيد من الحقائق حول شبكة إبستين المعقدة. هذا النجاح يمثل لحظة فارقة في سعي جيوفري للكشف عن معاناتها، ويؤكد على أهمية سماع أصوات الناجيات من الاعتداء الجنسي.
مبيعات مذهلة لمذكرات فيرجينيا روبرتس جيوفري وتأثيرها المتزايد
حققت مذكرات “فتاة لا أحد” (Epstein’s Little Black Book) إنجازًا ملحوظًا، حيث تجاوزت مبيعاتها مليون نسخة حول العالم في غضون شهرين فقط من إصدارها. وأشار الناشر، ألفريد أ. كنوبف، إلى أن أكثر من نصف هذه المبيعات كانت في أمريكا الشمالية، وأن الكتاب دخل طبعته العاشرة في الولايات المتحدة بعد أن كانت الطبعة الأولية تقتصر على 70 ألف نسخة. هذا الإقبال الكبير يعكس الاهتمام العام المتزايد بقضية فيرجينيا روبرتس جيوفري وشهادتها الصادمة.
الكتاب، الذي شاركت في كتابته الصحفية إيمي والاس، لم يقتصر تأثيره على المبيعات فحسب، بل ساهم أيضًا في إحياء التدقيق في الأمير أندرو، الابن الثاني للملكة إليزابيث الثانية، والذي اتهمته جيوفري بالاعتداء الجنسي عليها عندما كانت في السابعة عشرة من عمرها.
ردود الفعل الملكية وتصاعد الضغوط
في أعقاب نشر الكتاب، اتخذ الملك تشارلز الثالث إجراءً حاسمًا، حيث جرد الأمير أندرو من ألقابه المتبقية وأعفاه من واجباته الملكية. هذا القرار جاء بعد سنوات من النفي والجدل، وأكد على خطورة الادعاءات الموجهة ضده.
الأمير أندرو، الذي لطالما نفى هذه الادعاءات، كان قد قدم مقابلة مثيرة للجدل لقناة بي بي سي في نوفمبر 2019، حاول فيها دحض مزاعم جيوفري، لكن المقابلة جاءت بنتائج عكسية وزادت من الضغوط عليه. لاحقًا، اضطر إلى دفع ملايين الدولارات في تسوية خارج المحكمة لجيوفري في عام 2022، بعد أن رفعت ضده دعوى قضائية مدنية في نيويورك. وعلى الرغم من أنه لم يعترف بارتكاب أي مخالفات، إلا أنه أعرب عن تعاطفه مع جيوفري كضحية للاتجار بالجنس.
إرث جيوفري ومطالبات بالكشف عن ملفات إبستين
وفاة جيوفري في أبريل الماضي عن عمر يناهز 41 عامًا لم تمحُ تأثيرها، بل زادت من أهمية شهادتها. عائلتها، بما في ذلك أشقاؤها سكاي روبرتس وداني ويلسون، أعربت عن فخرها بها وبالتأثير الذي أحدثته على العالم، معبرين عن حزنهم لعدم تمكنها من رؤية هذا التأثير بنفسها.
وقالت العائلة في بيان: “إنها لحظة حلوة ومر بالنسبة لنا. نحن فخورون جدًا بأختنا، والتأثير الذي لا تزال تحدثه على العالم. كما أننا نشعر بالكثير من الحزن لدرجة أنها لم تتمكن من الحضور لتشهد تأثير كلماتها. وفي غيابها، تظل عائلتنا ملتزمة بضمان أن يبقى صوتها خالدًا.”
هذا النجاح للكتاب عزز المطالبات العامة بضرورة نشر وزارة العدل الأمريكية لملفات إبستين الكاملة، والتي يُعتقد أنها تحتوي على معلومات حاسمة حول شبكة الاتجار بالجنس التي كان يقودها. العديد من المراقبين يرون أن الكشف عن هذه الملفات ضروري لتحقيق العدالة الكاملة وتقديم جميع المتورطين إلى العدالة. قضية إبستين لا تزال تثير تساؤلات حول الامتيازات والنفوذ الذي سمح له بالإفلات من العقاب لفترة طويلة.
الناجيات من الاعتداء الجنسي والبحث عن العدالة
تعتبر قصة فيرجينيا روبرتس جيوفري بمثابة تذكير مؤلم بالمعاناة التي تعيشها الناجيات من الاعتداء الجنسي، وأهمية توفير الدعم اللازم لهن وتشجيعهن على الإبلاغ عن الجرائم التي تعرضن لها. إن نجاح مذكراتها يمثل انتصارًا لهن، ويؤكد على أن أصواتهن يجب أن تُسمع.
بالإضافة إلى ذلك، يسلط هذا الحدث الضوء على الحاجة إلى إصلاحات قانونية تضمن حماية الناجيات من الاعتداء الجنسي وتسهيل حصولهن على العدالة. العديد من المنظمات الحقوقية تعمل بجد للدفاع عن حقوق الناجيات وتقديم المساعدة القانونية والنفسية لهن.
تأثير وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية
لعبت وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية دورًا حاسمًا في انتشار قصة جيوفري وزيادة الوعي بقضية إبستين. فقد ساهمت هذه المنصات في تضخيم صوتها وتوصيل رسالتها إلى جمهور واسع. كما ساعدت في تنظيم حملات الضغط على وزارة العدل الأمريكية للمطالبة بالكشف عن ملفات إبستين. الاعتداء الجنسي هو جريمة خطيرة يجب مكافحتها بكل الوسائل المتاحة.
في الختام، إن نجاح مذكرات فيرجينيا روبرتس جيوفري ليس مجرد إنجاز أدبي، بل هو حدث ذو أهمية اجتماعية وقانونية كبيرة. فهو يمثل لحظة فارقة في سعي الناجيات من الاعتداء الجنسي للحصول على العدالة، ويؤكد على أهمية الكشف عن الحقائق وتقديم جميع المتورطين إلى العدالة. ندعو القراء إلى مواصلة متابعة هذه القضية والتعبير عن دعمهم للناجيات من الاعتداء الجنسي.
