في سياق احتفالات أسبوع نوبل المرموقة، ألقى الأديب المجري الحائز على جائزة نوبل في الأدب، لازلو كراسزناهوركاي، محاضرة نادرة في ستوكهولم يوم الأحد. وقد أثارت هذه المحاضرة، التي تميزت بأسلوبه السريالي والفوضوي المعهود، اهتمامًا واسعًا في الأوساط الأدبية والثقافية، مسلطة الضوء على رؤيته الفريدة للعالم.
لازلو كراسزناهوركاي يتأمل في الملائكة والأمل في ستوكهولم
تأتي محاضرة كراسزناهوركاي ضمن فعاليات أسبوع نوبل الذي يشهد حضور الفائزين بالجوائز المختلفة، من أدب وعلوم وطب واقتصاد، لإلقاء كلماتهم وتبادل الأفكار قبل حفل التوزيع الرسمي الذي يقام في ستوكهولم وأوسلو. وقد اختار الأديب المجري، المعروف بتجنبه الأضواء، أن يشارك جمهوره تأملات فلسفية عميقة، قدمها باللغة المجرية.
بدأ كراسزناهوركاي حديثه بتلميح إلى موضوع كان ينوي التركيز عليه في الأصل، وهو الأمل. لكنه أشار إلى أن “مخازن الأمل لديه قد انتهت بالتأكيد”، مما دفعه إلى استكشاف عالم الملائكة، أو بالأحرى، مفهومين مختلفين للملائكة. هذا التحول في الموضوع يعكس بشكل كبير طبيعة تفكيره المتشائم، ولكنه في الوقت نفسه، يفتح الباب أمام أسئلة حول الوجود الإنساني والمعنى.
الملائكة الجدد: تضحيات في عالم مضطرب
تميزت محاضرة كراسزناهوركاي بتقديم رؤية غير تقليدية للملائكة. ففي حين أن “ملائكة القدماء” كانوا يحملون رسالات إلهية وأجنحة ترمز إلى سموهم، فإن “الملائكة الجدد” الذين وصفهم الكاتب “ليس لديهم أجنحة، لكن ليس لديهم أيضًا رسالة، لا شيء على الإطلاق”. هؤلاء الملائكة الجدد هم ببساطة “هنا بيننا بملابسهم البسيطة في الشوارع”، وهم غير مرئيين إلا إذا رغبوا في ذلك.
هذا الوصف الغريب للملائكة يمثل، في الواقع، استعارة عميقة للوضع الإنساني. فهم يقفون “ينظرون إلينا فحسب، يبحثون عن نظرتنا”، في انتظار أن نمنحهم معنى أو رسالة. لكن “لسوء الحظ، ليس لدينا أي رسالة نعطيها”، مما يبرز الفراغ الروحي والعبثية التي يعاني منها الإنسان الحديث.
التشاؤم والفوضى في أعمال كراسزناهوركاي
يُعرف كراسزناهوركاي بأسلوبه الأدبي الفريد الذي يتسم بالجمل الطويلة والمتعرجة، والتي غالبًا ما تتناول موضوعات قاتمة مثل نهاية العالم والحرب. وقد وصفه حكام جائزة نوبل بأنه “كاتب ملحمي عظيم” يتميز عمله “بالعبثية والإسراف البشع”. لكنهم أشاروا أيضًا إلى أن عمله يتضمن “الفكاهة وعدم القدرة على التنبؤ”، مما يجعله أكثر تعقيدًا وإثارة للتفكير.
تتضمن أعماله الروائية الشهيرة “ساتانتانجو”، و”حزن المقاومة”، و”الحرب والحرب”، و”عودة البارون وينكهايم للوطن”، و”هيرشت 07769”. تستكشف هذه الروايات، بطرق مختلفة، موضوعات مماثلة لتلك التي طرحها في محاضرته: العزلة، واليأس، والبحث عن المعنى في عالم فوضوي.
تكريم ماريا كورينا ماتشادو بجائزة نوبل للسلام
بالتزامن مع فعاليات أسبوع نوبل، أعلن مدير معهد نوبل النرويجي، كريستيان هاربفيكن، أن ماريا كورينا ماتشادو، الحائزة على جائزة نوبل للسلام لهذا العام، ستسافر إلى أوسلو لتسلم جائزتها شخصيًا. تأتي هذه الخطوة بعد أشهر من الاختباء والغياب عن الأنظار، حيث كانت ماتشادو، زعيمة المعارضة الفنزويلية، تتعرض لضغوط كبيرة من الحكومة.
يُعد تكريم ماتشادو اعترافًا بجهودها في النضال من أجل تحقيق انتقال ديمقراطي في فنزويلا، حيث تعاني البلاد من أزمة سياسية واقتصادية عميقة. وستقام مراسم توزيع الجوائز في 10 ديسمبر، وهو ذكرى وفاة ألفريد نوبل، مؤسس الجوائز.
خلاصة: تأملات في الوجود الإنساني
باختصار، محاضرة لازلو كراسزناهوركاي في ستوكهولم كانت بمثابة دعوة للتأمل في الوجود الإنساني، وفي طبيعة الأمل واليأس، والرسالة التي يمكن أن يحملها الإنسان في عالم مضطرب. من خلال استخدامه المبتكر للغة والصور، قدم كراسزناهوركاي رؤية فريدة ومثيرة للتفكير، تؤكد على أهمية الأدب كأداة لفهم أنفسنا والعالم من حولنا. تأملاته حول الملائكة الجدد، على وجه الخصوص، تثير تساؤلات عميقة حول دور الإنسان في الكون، وما إذا كان قادرًا على إيجاد معنى لحياته في ظل العبثية والفوضى. يمكن للقراء المهتمين باستكشاف أعماله الغنية أن يبدأوا برواياته الأكثر شهرة، مثل “ساتانتانجو” و”حزن المقاومة”، للتعرف على أسلوبه المتميز ورؤيته الفلسفية.
