في ظل توجهات متزايدة نحو تقليص دور النقابات العمالية في القطاع الحكومي الأمريكي، تجدد وزارة الأمن الداخلي برئاسة كريستي نويم مساعيها لإلغاء اتفاقية المفاوضة الجماعية مع موظفي إدارة أمن النقل (TSA)، وهم ضباط أمن المطارات. هذه المحاولة تأتي بعد شهر واحد فقط من انتهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة، مما يثير تساؤلات حول دوافع الوزارة وتوقيتها. يثير هذا الجدل قلقًا واسعًا بين العاملين، ويؤكد الحاجة إلى فهم تفاصيل هذه القضية وتداعياتها المحتملة.
محاولات متكررة لإلغاء اتفاقية المفاوضة الجماعية
ليست هذه المرة الأولى التي تحاول فيها نويم إلغاء هذه الاتفاقية. في فبراير الماضي، أصدرت توجيهًا مشابهًا، لكن قاضيًا فدراليًا أصدر أمرًا زجريًا في يونيو يمنع تنفيذ هذا التوجيه. هذا الأمر الزجري كان يهدف إلى الحفاظ على الحقوق والمزايا التي يتمتع بها ضباط أمن المطارات منذ فترة طويلة من خلال تمثيلهم النقابي.
ومع ذلك، لم تتراجع الوزارة عن موقفها، وأعلنت في سبتمبر عن مذكرة جديدة تعتمد على نفس الأساس: أن موظفي إدارة أمن النقل يقومون بوظيفة أساسية تتعلق بالأمن القومي، وبالتالي لا ينبغي لهم الانخراط في المفاوضة الجماعية أو أن يمثلهم اتحاد. هذه الخطوة تثير الدهشة، خاصة وأن المذكرة الجديدة صدرت بعد الاعتراف بالأمر الزجري السابق، دون تقديم تفسير واضح لكيفية التغلب على القيود القانونية التي فرضها.
رد فعل الاتحاد الأمريكي لموظفي الحكومة (AFGE)
اتحاد AFGE، الذي يمثل حوالي 800,000 موظف في الحكومة الفيدرالية، أدان بشدة هذه الخطوة ووصفها بأنها غير قانونية وانتهاك للأمر الزجري السابق. جونز، أمين صندوق وحدة التفاوض لعمال إدارة أمن النقل، عبر عن قلقه من أن الوزارة “تستخدم كل الثغرات لمحاولة إلغاء حقوق المفاوضة الجماعية”. وأضاف ساخرًا أن توزيع شيكات مكافأة على الموظفين خلال الإغلاق الحكومي، ثم محاولة إلغاء حقوقهم، هو بمثابة “صفعة على وجه الأشخاص الذين يسلمون الشيكات لهم”.
الاتحاد الأمريكي لموظفي الحكومة أكد على أنه سيقاتل هذا القرار بكل الوسائل القانونية المتاحة، مشيرًا إلى أن هذه المحاولة تمثل جزءًا من جهد أوسع لتقويض حقوق العمال الفيدراليين.
دوافع الوزارة والتركيز المتزايد على الأمن
تبرر إدارة أمن النقل هذه الخطوة بالرغبة في “تخليص الوكالة من الأنشطة المهدرة والمستهلكة للوقت” التي تصرف انتباه ضباط أمن المطارات عن عملهم الأساسي. ووفقًا لآدم ستال، القائم بأعمال نائب مدير إدارة أمن النقل، فإن العاملين “بحاجة إلى التركيز على مهمتهم المتمثلة في الحفاظ على سلامة المسافرين”.
الوزارة تخطط لإلغاء العقد الحالي الذي يمتد لسبع سنوات في يناير واستبداله “بإطار عمل جديد يركز على الأمن”. هذا التغيير المقترح قد يشمل تعديلات في إجراءات العمل، والتدريب، وتقييم الأداء، بهدف تحسين كفاءة وفعالية عمليات الأمن في المطارات.
تداعيات الإغلاق الحكومي وتأثيرها على الموظفين
تأتي هذه المحاولات في أعقاب فترة عصيبة عاشها موظفو إدارة أمن النقل خلال الإغلاق الحكومي الذي استمر 43 يومًا. على الرغم من عدم تلقيهم أجورهم خلال فترة التوقف عن العمل، إلا أن الآلاف منهم استمروا في أداء واجبهم للحفاظ على سلامة المطارات والمسافرين.
قرار الوزارة بإصدار شيكات مكافأة بقيمة 10000 دولار لهؤلاء الموظفين، بينما تسعى في الوقت نفسه لإلغاء حقوقهم النقابية، أثار انتقادات واسعة. يرى البعض أن هذا القرار يمثل محاولة لكسب تأييد الموظفين قبل اتخاذ إجراءات تقويضية ضدهم.
مستقبل المفاوضة الجماعية لحماية حقوق العاملين
من المتوقع أن تتصاعد المعركة القانونية بين إدارة أمن النقل واتحاد AFGE في الأشهر المقبلة. المحاكمة في القضية الأصلية، والتي رفعتها النقابة بعد إصدار التوجيه الأول في فبراير، مقررة في العام المقبل.
تعتبر هذه القضية بمثابة اختبار حاسم لمستقبل المفاوضة الجماعية وحقوق العمال في القطاع الحكومي الأمريكي. النتيجة قد تؤثر بشكل كبير على قدرة النقابات على تمثيل مصالح أعضائها والدفاع عن حقوقهم في وجه التحولات السياسية والإدارية. التركيز على حقوق موظفي أمن المطارات أصبح ضروريًا لضمان بيئة عمل عادلة ومنتجة.
الخلاصة
إن مساعي وزارة الأمن الداخلي لإلغاء اتفاقية المفاوضة الجماعية مع ضباط أمن المطارات تثير قلقًا بالغًا وتؤكد على أهمية حماية حقوق العمال في القطاع الحكومي. سواء كانت هذه الخطوة مدفوعة برغبة حقيقية في تحسين الأمن، أو بمحاولة أوسع لتقويض دور النقابات، فإن من الضروري إجراء حوار مفتوح وشفاف حول التداعيات المحتملة لهذه التغييرات. مستقبل هذا الحوار سيحدد إلى أي مدى ستستمر الحكومة الأمريكية في تقدير مساهمات موظفيها، ومراعاة حقوقهم في بيئة عمل آمنة وعادلة.
Furthermore, closely following updates on this case is crucial for anyone interested in federal employee rights and the future of TSA union representation.
