تعطل الرحلات الجوية وتأخيرها أصبح مشهدًا مألوفًا للعديد من المسافرين، وكشفت الأحداث الأخيرة عن هشاشة النظام الجوي في الولايات المتحدة. فقد ألهم إغلاق الحكومة الذي انتهى مؤخرًا عملًا نادرًا من الشراكة بين الحزبين في واشنطن، حيث قدم نواب من كلا الحزبين تشريعًا يهدف إلى حماية المسافرين وضمان استمرار عمل مراقبي الحركة الجوية خلال عمليات الإغلاق الحكومي المستقبلية. هذا التشريع يمثل محاولة لمعالجة مشكلة متكررة تهدد سلامة وراحة المسافرين.
مبادرة تشريعية لحماية حركة الطيران خلال الإغلاقات الحكومية
يهدف مشروع القانون الجديد إلى تأمين تمويل رواتب ومصروفات التشغيل لـ مراقبي الحركة الجوية وغيرهم من العاملين الأساسيين في إدارة الطيران الفيدرالية (FAA) خلال فترات الإغلاق الحكومي. الفكرة الرئيسية تكمن في الاستفادة من صندوق موجود بالفعل ولكنه قليل الاستخدام، وهو صندوق يبلغ حجمه 2.6 مليار دولار. تم إنشاء هذا الصندوق في الأصل لتعويض شركات الطيران في حالة استيلاء الحكومة على طائراتها لأغراض عسكرية أو طارئة.
يعتقد مؤيدو مشروع القانون أن استخدام هذا الصندوق سيجعل المقترح أكثر جاذبية للكونجرس، حيث يحد من الحاجة إلى تخصيص أموال إضافية من الميزانية الفيدرالية. النائب سام جريفز، رئيس لجنة النقل والبنية التحتية بمجلس النواب، أكد أن هذا التشريع سيساعد في الحفاظ على سلامة المسافرين في المستقبل. كما يشارك في رعاية مشروع القانون نواب بارزون من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، مما يعكس الاعتراف المشترك بأهمية هذه القضية.
التأثير المباشر على سلامة المسافرين
أكد جريفز على أن الإغلاق الحكومي الأخير كشف عن نقاط ضعف في النظام الجوي، وأن هذا التشريع يضمن استمرار عمل مراقبي الحركة الجوية، الذين يتحملون مسؤولية كبيرة في الحفاظ على سلامة الرحلات الجوية. فخلال فترة الإغلاق، واجه العديد من المراقبين ضغوطًا مالية، مما دفع البعض إلى التوقف عن العمل، وهو ما أدى إلى تفاقم مشكلة نقص الموظفين وتأخير وإلغاء الرحلات الجوية.
الاعتماد على صندوق التأمين الحالي يمثل حلاً عمليًا لتجنب تكرار هذه المشكلة في المستقبل. فهو يوفر مصدر تمويل جاهزًا يمكن استخدامه بسرعة لتغطية رواتب الموظفين الأساسيين، مما يضمن استمرار عمل النظام الجوي بسلاسة حتى في ظل الظروف السياسية الصعبة.
تاريخ من المحاولات غير المكتملة
على الرغم من أهمية هذا المقترح، إلا أنه ليس الأول من نوعه. فقد تم تقديم العديد من الإصلاحات المماثلة في الكونجرس على مر السنين، وخاصة بعد الإغلاق الحكومي الطويل الذي استمر 35 يومًا خلال فترة إدارة الرئيس دونالد ترامب. ومع ذلك، لم يتمكن أي من هذه المقترحات من الحصول على الموافقة النهائية.
هناك مقترح آخر، وهو قانون استقرار تمويل الطيران الذي قدمه السيناتور جيري موران، يعتمد على الصندوق الاستئماني للمطارات والممرات الجوية. وقد تم تقديم نسخ مختلفة من هذا القانون في الكونجرس عدة مرات، لكنه لم ينجح في الحصول على دعم كافٍ لإقراره. المشكلة الرئيسية تكمن في التكلفة المحتملة لهذه المقترحات، حيث يرى البعض أنها قد تكون باهظة للغاية.
صندوق التأمين: الأصل والتطور
يعود تاريخ صندوق التأمين الذي يسعى مشروع القانون الجديد للاستفادة منه إلى سنوات مضت، حيث تم إنشاؤه لدفع تعويضات لشركات الطيران في حالة استخدام الحكومة طائراتها في عمليات عسكرية أو طارئة. ومع ذلك، لم يتم استخدام هذا الصندوق بشكل كبير في السنوات الأخيرة، مما أدى إلى تراكم الأموال فيه.
في فترة ما بعد أحداث 11 سبتمبر، تم استخدام الصندوق أيضًا لتوفير التأمين لشركات الطيران التي كانت تواجه صعوبة في الحصول على تغطية تأمينية. لكن مع استقرار سوق التأمين، انتهى برنامج التأمين في نهاية عام 2014، وظل الصندوق دون استخدام يذكر. الآن، يرى البعض أن هذا الصندوق يمثل فرصة مثالية لحل مشكلة تمويل رواتب مراقبي الحركة الجوية خلال الإغلاقات الحكومية.
التحديات المستقبلية وفرص النجاح
على الرغم من الدعم الحزبي الذي يحظى به مشروع القانون الجديد، إلا أنه لا يزال من غير المؤكد ما إذا كان سيتمكن من الحصول على الموافقة النهائية قبل الموعد النهائي للتمويل الحكومي التالي في نهاية شهر يناير. هناك العديد من العوامل التي قد تؤثر على مصير هذا التشريع، بما في ذلك الأولويات السياسية المتنافسة والجدل حول التكلفة.
ومع ذلك، فإن حقيقة أن هذا المقترح يجمع بين الدعم الحزبي واستخدام مصدر تمويل موجود بالفعل قد تزيد من فرص نجاحه. فهو يقدم حلاً عمليًا وواقعيًا لمشكلة حقيقية تهدد سلامة وراحة المسافرين. الآن، يعتمد الأمر على قدرة الكونجرس على تجاوز الخلافات السياسية والعمل معًا من أجل مصلحة البلاد. هذا التشريع يمثل خطوة هامة نحو ضمان استقرار النظام الجوي في الولايات المتحدة وحماية المسافرين في المستقبل. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يوفر هذا الحل نموذجًا لمعالجة قضايا مماثلة في قطاعات حكومية أخرى. التمويل الحكومي يعتبر عاملًا رئيسيًا في نجاح أي مشروع قانون من هذا القبيل.
