اقتصاد اليابان يشهد انكماشًا بسبب الرسوم الجمركية وتراجع الاستثمار السكني

شهد الاقتصاد الياباني انكماشًا ملحوظًا في الفترة من يوليو إلى سبتمبر، مسجلاً انخفاضًا سنويًا بنسبة 1.8%. يعزى هذا التراجع بشكل كبير إلى تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بالإضافة إلى تراجع الاستثمار السكني الخاص. هذه التطورات تثير قلقًا بشأن مستقبل ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وتضع ضغوطًا على الحكومة الجديدة بقيادة رئيس الوزراء ساناي تاكايشي.

تأثير الرسوم الجمركية على الصادرات اليابانية

تسببت الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على الواردات من العديد من الدول، بما في ذلك اليابان، في إلحاق ضرر كبير بالصادرات اليابانية. في محاولة للتغلب على هذه التكاليف المرتفعة، سارعت الشركات اليابانية إلى زيادة صادراتها في وقت سابق من العام، مما أدى إلى تضخيم بعض البيانات السابقة. ومع ذلك، لم يكن هذا التأثير مستدامًا، وشهدت الصادرات انخفاضًا بنسبة 4.5% على أساس سنوي في الأشهر الثلاثة التي انتهت في سبتمبر.

تعتبر اليابان اقتصادًا يعتمد بشكل كبير على التصدير، خاصة في قطاعات مثل صناعة السيارات، بقيادة شركات عريقة مثل تويوتا موتور. على الرغم من أن بعض الشركات المصنعة قد نقلت إنتاجها إلى الخارج لتجنب تأثير الرسوم الجمركية والقيود التجارية الأخرى، إلا أن هذا لم يكن كافيًا لتعويض الأثر السلبي على الاقتصاد بشكل عام.

تراجع الاستثمار السكني الخاص

بالإضافة إلى تأثير الرسوم الجمركية، ساهم انخفاض الاستثمار السكني الخاص في انكماش الاقتصاد الياباني. سجل الاستثمار السكني الخاص انخفاضًا حادًا بنسبة 9.4% على أساس ربع سنوي، وهو ما يعادل انخفاضًا بنسبة 32.5% على أساس سنوي.

يعزى هذا التراجع بشكل أساسي إلى مراجعات قانون البناء في اليابان، والتي دخلت حيز التنفيذ في أبريل. أدت هذه المراجعات إلى انخفاض أسعار الإسكان، مما أثر سلبًا على الاستثمار في هذا القطاع. هذا الانخفاض في الاستثمار السكني يمثل تحديًا إضافيًا للاقتصاد الياباني، الذي يعتمد على قطاع العقارات كأحد محركاته الرئيسية.

الأداء العام للاقتصاد الياباني

أظهرت البيانات الحكومية الصادرة يوم الاثنين أن الناتج المحلي الإجمالي لليابان انخفض بنسبة 0.4% على أساس ربع سنوي، وهو أول انكماش في ستة أرباع. في الربع السابق (أبريل – يونيو)، نما الاقتصاد الياباني بنسبة 0.6% على أساس ربع سنوي، بينما نما بنسبة 0.2% في الفترة من يناير إلى مارس.

على الرغم من هذا الانكماش، هناك بعض الجوانب الإيجابية في الاقتصاد الياباني. ارتفع الاستهلاك الخاص بنسبة 0.1% خلال الربع الثالث، مما يشير إلى أن الطلب المحلي لا يزال قويًا نسبيًا. ومع ذلك، انخفضت الواردات بنسبة 0.1% خلال نفس الفترة، مما يعكس تباطؤ النشاط الاقتصادي.

جهود الحكومة الجديدة وتوقعات المستقبل

تعهد رئيس الوزراء ساناي تاكايشي، الذي تولى منصبه في أكتوبر، بإنعاش الاقتصاد الياباني. من المتوقع أن يعزز الإنفاق الحكومي كجزء من هذه الجهود، مما قد يؤدي إلى تعقيد جهود البنك المركزي لكبح جماح التضخم عن طريق رفع أسعار الفائدة.

يرى محللون في كابيتال إيكونوميكس أن المستوى الضعيف للنشاط في الربع الأخير يجعل رفع سعر الفائدة المحتمل في ديسمبر أمرًا غير مرجح. ومع ذلك، تشير البيانات الأولية لهذا الربع والمسوحات الخاصة بمعنويات الأعمال إلى أن الاقتصاد قد يتحسن في الأشهر المقبلة. ويتوقعون أن بنك اليابان قد يستأنف رفع أسعار الفائدة في وقت مبكر من عام 2026.

مستقبل الاقتصاد الياباني والاعتماد على التصدير

يواجه الاقتصاد الياباني تحديات كبيرة، بما في ذلك تأثير الرسوم الجمركية العالمية، وتراجع الاستثمار السكني، وارتفاع التضخم. ومع ذلك، لا يزال لدى اليابان اقتصاد قوي ومتنوع، وقدرة على التكيف مع الظروف المتغيرة.

من الضروري أن تركز الحكومة اليابانية على تعزيز الطلب المحلي، وتشجيع الاستثمار في القطاعات الجديدة، وتنويع أسواق التصدير لتقليل الاعتماد على أي سوق واحد. بالإضافة إلى ذلك، يجب على بنك اليابان أن يوازن بين الحاجة إلى كبح جماح التضخم والحفاظ على النمو الاقتصادي. النجاح في هذه المجالات سيحدد مستقبل النمو الاقتصادي لليابان في السنوات القادمة.

الوضع الحالي يتطلب مراقبة دقيقة وتحليل مستمر لضمان استقرار الاقتصاد الياباني وتجنب المزيد من الانكماش. الاستجابة الفعالة للتحديات الحالية ستكون حاسمة لضمان مستقبل مزدهر لليابان.

شاركها.