في حكم تاريخي، وجدت هيئة محلفين في ولاية داكوتا الجنوبية مالك فندق “جراند غيتواي” في مدينة رابيد سيتي، مذنبًا بالتمييز ضد السكان الأصليين. هذا القرار يسلط الضوء على قضايا التمييز العنصري المستمرة التي تواجه المجتمعات الأمريكية الأصلية، ويأتي بعد دعوى قضائية مثيرة للجدل رفعتها منظمة NDN Collective. وبذلك، تضع هذه القضية معيارًا جديدًا للمحاسبة في قضايا الحقوق المدنية المتعلقة بالسكان الأصليين في الولايات المتحدة.
تفاصيل القضية: حظر ممنوع ومطالبة رمزية
في مارس 2022، أثارت كوني أوري، رئيسة شركة “ريتسل” المالكة للفندق، عاصفة من الغضب عبر وسائل التواصل الاجتماعي عندما أعلنت عن نيتها حظر دخول الأمريكيين الأصليين إلى الفندق. جاء هذا الإعلان في أعقاب حادث إطلاق نار وقع في الفندق، حيث حددت الشرطة المتورطين على أنهم مراهقون من السكان الأصليين. وكتبت أوري على فيسبوك أنها لن تسمح لأي شخص من أصل أمريكي أصلي بدخول الفندق، بما في ذلك مطعم “Cheers” التابع له.
هذا التصريح أدى إلى رد فعل عنيف، حيث أدانته السلطات المحلية ومنظمات الدفاع عن حقوق السكان الأصليين. حاول أعضاء من NDN Collective حجز غرف في الفندق بعد منشور أوري، لكنهم واجهوا رفضًا صريحًا. استجابةً لذلك، رفعت NDN Collective دعوى قضائية جماعية تتعلق بالحقوق المدنية ضد شركة “ريتسل” في عام 2022.
على الرغم من أن المجموعة طالبت بتعويضات مالية، إلا أنها أكدت أن هدفها الرئيسي هو إرسال رسالة قوية ضد العنصرية والتمييز. وكشف ويزيبان جاريوت، رئيس NDN Collective، أنهم طلبوا في البداية دولارًا واحدًا فقط كتعويض رمزي، مؤكدًا أن القضية لم تكن تتعلق بالمال بل بتوثيق التمييز ومحاربة العنصرية بشكل جذري.
قرار هيئة المحلفين والتعويضات
بعد مداولات، قضت هيئة المحلفين الفيدرالية يوم الجمعة بأن كوني أوري، بصفتها مالكة الفندق، مسؤولة عن التمييز ضد الأمريكيين الأصليين. وتمت تكليفها بدفع تعويضات مالية كبيرة لمختلف المدعين الذين حرموا من الخدمة في الفندق. منحت هيئة المحلفين NDN Collective دولارًا واحدًا، وهو المبلغ الرمزي الذي طلبته المجموعة.
بالإضافة إلى ذلك، قضت هيئة المحلفين في الدعوى المضادة التي رفعتها شركة “ريتسل” ضد NDN Collective بأن المجموعة تصرفت بشكل مزعج خلال احتجاجاتها ضد الفندق، ومنحت الشركة مبلغ 812 دولارًا.
هذا الحكم يأتي في أعقاب مرسوم موافقة مع وزارة العدل الأمريكية في نوفمبر 2023، حيث اضطرت أوري إلى الاعتذار علنًا عن تصريحاتها وتم منعها من إدارة الفندق لمدة أربع سنوات. لم يرد محامو الدفاع عن شركة “ريتسل” على طلبات التعليق حتى الآن.
تاريخ من التوترات العنصرية في رابيد سيتي
تعتبر مدينة رابيد سيتي، وهي بوابة جبل رشمور، منطقة تشهد توترات عنصرية متزايدة منذ فترة طويلة. وفقًا لبيانات التعداد، يشكل الأمريكيون الهنود أو سكان ألاسكا الأصليين ما لا يقل عن 8٪ من سكان المدينة، الذين يبلغ عددهم حوالي 80 ألف نسمة.
هذه التوترات التاريخية تتجلى في العديد من القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تواجهها المجتمعات الأصلية في المنطقة. وتشمل هذه القضايا الفقر، والبطالة، ونقص الوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم الجيد.
إن قضية فندق “جراند غيتواي” ليست مجرد حادث فردي، بل هي جزء من نمط أوسع من التمييز المنهجي الذي يواجهه السكان الأصليون في الولايات المتحدة. وتسلط هذه القضية الضوء على الحاجة الملحة إلى معالجة هذه القضايا وتعزيز المساواة والعدالة لجميع المواطنين.
ماذا يعني هذا الحكم؟
هذا الحكم يمثل انتصارًا هامًا لمنظمة NDN Collective والمدافعين عن حقوق السكان الأصليين. إنه يرسل رسالة واضحة مفادها أن التمييز على أساس العرق أو الأصل القومي غير مقبول ولن يتم التسامح معه.
بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا الحكم قد يشجع ضحايا التمييز العنصري على التقدم والدفاع عن حقوقهم. كما أنه قد يدفع الشركات والمؤسسات الأخرى إلى إعادة النظر في سياساتها وممارساتها للتأكد من أنها لا تميز ضد أي شخص.
الخطوات التالية والمستقبل
على الرغم من أن هذا الحكم يمثل خطوة إيجابية، إلا أن هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به لمعالجة قضايا العنصرية والتمييز في رابيد سيتي وفي جميع أنحاء الولايات المتحدة.
يجب على السلطات المحلية والولائية والاتحادية الاستمرار في العمل مع المجتمعات الأصلية لتطوير وتنفيذ سياسات وبرامج تعزز المساواة والعدالة. كما يجب على المدارس والجامعات أن تضمن حصول الطلاب الأصليين على فرص متساوية للنجاح.
إن مكافحة التحيز والتمييز هي مسؤولية جماعية. يجب على كل فرد أن يلعب دوره في خلق مجتمع أكثر شمولاً وتسامحًا. هذا الحكم هو تذكير بأن الصمت ليس خيارًا، وأننا جميعًا يجب أن نرفع أصواتنا ضد الظلم.
