نيويورك (أ ف ب) – من المتوقع أن تناقش لجنة استشارية اتحادية للقاحات هذا الأسبوع ما إذا كان يجب على الأطفال حديثي الولادة الحصول على لقاح التهاب الكبد B – أول لقاح تم اكتشافه للوقاية من السرطان. وتثير هذه المراجعة جدلاً واسعاً حول أفضل الممارسات الصحية للأطفال، خاصةً مع التغييرات الأخيرة في قيادة اللجنة. وتُعد هذه القضية ذات أهمية خاصة، حيث أن لقاح التهاب الكبد B يعتبر حجر الزاوية في الوقاية من الأمراض المزمنة والسرطانات المرتبطة بفيروس التهاب الكبد B.
أهمية لقاح التهاب الكبد B والجدل الدائر حوله
تقترح التوصيات الصحية الفيدرالية حاليًا تطعيم جميع الأطفال ضد عدوى الكبد في اليوم الأول من حياتهم، ولكن من المتوقع أن تغير لجنة وزير الصحة الأمريكي روبرت كينيدي جونيور هذا النهج يوم الخميس. هذا التحول يثير قلقًا بالغًا، ويتعارض مع نصائح الصحة العامة السابقة القائمة على عقود من البحث العلمي. الدكتور شون أوليري من المنظمة، صرح بأنه ليس من الواضح بالضبط ما الذي تدرسه اللجنة، لكن الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال ستظل تحث على جرعة الولادة، مؤكدًا: “سنواصل التوصية به لأنه ينقذ الأرواح”.
فهم مرض التهاب الكبد B وتأثيره
التهاب الكبد B هو عدوى خطيرة تصيب الكبد، وغالبًا ما تستمر لدى معظم الأشخاص لمدة أقل من ستة أشهر. ومع ذلك، بالنسبة لبعض الأفراد – وخاصة الرضع والأطفال – يمكن أن تتحول إلى مشكلة صحية مزمنة، مما يزيد من خطر الإصابة بفشل الكبد، وسرطان الكبد، وتليف الكبد. ينتشر الفيروس في البالغين عادةً عن طريق ممارسة الجنس غير الآمن أو مشاركة الإبر الملوثة، ولكنه يمكن أن ينتقل أيضًا من الأم المصابة إلى طفلها أثناء الولادة. تعتبر نسبة الإصابة بالعدوى المزمنة عالية بشكل خاص لدى الأطفال، حيث تصل إلى 90%، مما يعني أن أجهزتهم المناعية غير قادرة على التخلص من الفيروس بشكل كامل. هذا يؤكد على أهمية التطعيم المبكر لحماية هذه الفئة العمرية الأكثر عرضة للخطر.
تاريخ لقاح التهاب الكبد B وفعاليته
تشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 2.4 مليون شخص في الولايات المتحدة مصابون بالتهاب الكبد الوبائي B، وأن ما يقرب من نصفهم لا يدركون إصابتهم. اكتشف العالم الفيدرالي الدكتور باروخ بلومبرغ الفيروس المسبب للعدوى في عام 1965، وحصل على جائزة نوبل بفضل هذا الاكتشاف الذي أدى إلى تطوير الاختبارات واللقاحات الفعالة. تم ترخيص أول لقاح ضد التهاب الكبد B في الولايات المتحدة في عام 1981، مما يمثل علامة فارقة في مجال الصحة العامة.
عقود من التوصيات: جرعة الولادة كإجراء وقائي
على مدى عقود، اعتمدت إرشادات اللقاحات في البلاد بشكل كبير على اللجنة الاستشارية لممارسات التحصين (ACIP)، وهي لجنة من الخبراء المعينين من قبل الحكومة. عادةً ما يتم اعتماد توصيات هذه اللجنة كمعايير وطنية يلتزم بها الأطباء على نطاق واسع. في عام 1991، أوصت اللجنة بإعطاء جرعة أولية من لقاح التهاب الكبد B عند الولادة. تم تعديل هذه التوصيات بشكل طفيف على مر السنين، ولكنها تقترح حاليًا إعطاء الجرعة خلال 24 ساعة من الولادة لجميع الرضع المستقرين طبيًا والذين يزنون 2 كجم على الأقل، بالإضافة إلى جرعات متابعة عند حوالي شهر واحد و6 أشهر.
دوافع التغيير المقترح والمخاوف المثارة
اعتاد مسؤولو الصحة الاعتماد على فحص الأمهات الحوامل لتحديد الأطفال المعرضين لخطر الإصابة بالفيروس. ومع ذلك، يشير الخبراء إلى أن العديد من الحالات كانت تمر دون أن يلاحظها أحد، إما بسبب عدم اختبار بعض النساء أو بسبب نتائج اختبارات غير دقيقة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للفيروس البقاء على الأسطح لأكثر من سبعة أيام في درجة حرارة الغرفة، مما يعرض الأطفال غير المطعمين الذين يعيشون مع شخص مصاب للخطر. تعتبر تطعيمات الكبد B للأطفال حديثي الولادة قصة نجاح حقيقية في مجال الصحة العامة، حيث انخفضت الحالات بين الأطفال من حوالي 18000 حالة سنويًا إلى حوالي 2200 حالة على مدار الثلاثين عامًا الماضية.
تقرير مشروع سلامة اللقاحات: تأكيد الأمان والفعالية
أصدر تعاون بين باحثي الصحة العامة، وهو مشروع سلامة اللقاحات، هذا الأسبوع تقريرًا تحليليًا استعرض أكثر من 400 دراسة وتقرير على مدار 40 عامًا. خلص التقرير إلى أن جرعة الولادة آمنة وفعالة، وأنها ساهمت بشكل كبير في انخفاض معدلات الإصابة بالتهاب الكبد B بين الأطفال في الولايات المتحدة.
تأثير تغيير القيادة في اللجنة الاستشارية
أثار تعيين روبرت إف كينيدي جونيور، المعروف بنشاطه المناهض للقاحات، كوزير للصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية، مخاوف كبيرة. قام كينيدي بطرد جميع الأعضاء الـ 17 من ACIP واستبدالهم بمجموعة تضم العديد من الأصوات المناهضة للقاحات. أعرب أعضاء اللجنة الجدد عن مخاوفهم بشأن إعطاء اللقاح للطفل في وقت مبكر جدًا من حياته، وتساءلوا عما إذا كان هذا الإجراء يضع عبئًا على الأطفال لحل مشاكل البالغين.
السيناريوهات المحتملة في حال تأخير التطعيم
إن عدم اليقين بشأن نوايا اللجنة يجعل من الصعب التنبؤ بالتأثير المحتمل لتغيير التوصيات. ومع ذلك، تشير تقديرات باحثي الصحة العامة إلى أن تأخير جرعة الولادة لمدة شهرين يمكن أن يؤدي إلى ما لا يقل عن 1400 إصابة إضافية بالتهاب الكبد B بين الأطفال و480 حالة وفاة. ويؤكد التقرير أن هذه الأرقام قد تكون أعلى إذا تم إعطاء الجرعة الأولى في وقت لاحق.
ردود الفعل على التغيير المقترح
على الرغم من هذه المخاوف، يرى البعض أن تغيير توصية ACIP قد يكون له تأثير محدود. تأتي سلطة اللجنة الأكثر مباشرة من خلال برنامج اللقاحات الحكومي للأطفال، الذي يغطي تكلفة اللقاحات للأطفال غير المؤمن عليهم من الأسر ذات الدخل المنخفض. غالبًا ما يتم تضمين لقاح التهاب الكبد B في الفاتورة النهائية للمستشفى للولادة. ومع ذلك، يحذر الخبراء من أن أي تغيير قد يسبب ارتباكًا وخوفًا بين الآباء، مما قد يؤدي إلى انخفاض معدلات التطعيم.
وقد أعربت العديد من المنظمات الطبية ومنظمات الصحة العامة، وحتى بعض المسؤولين الحكوميين بالولاية، عن رفضهم لتغيير التوصية. قام ائتلاف من القادة الحكوميين من عدة ولايات شمال شرق البلاد بإصدار بيان أكدوا فيه أنهم سيواصلون حث العائلات على الحصول على جرعة الولادة في غضون 24 ساعة من الولادة. كما دعت السيناتورة الأمريكية باتي موراي الكونجرس إلى إجبار كينيدي على الحضور في جلسة استماع وشرح تصرفات ACIP، واصفةً إنهاء التوصية بتطعيم الأطفال ضد التهاب الكبد B بأنه “خيار بلا قلب”.
في الختام، فإن مستقبل تطعيم التهاب الكبد B للأطفال حديثي الولادة يواجه حالة من عدم اليقين. من الضروري أن يستند أي قرار بشأن تغيير التوصيات إلى أدلة علمية قوية وأن يضع صحة وسلامة الأطفال في المقام الأول. يجب على الآباء والأمهات التحدث مع أطبائهم حول فوائد ومخاطر التطعيم واتخاذ قرار مستنير بناءً على أفضل المعلومات المتاحة.
