في مشهد مؤثر يجمع بين الإنسانية وحب الحيوان، شهد مطار كولبيبر الإقليمي في ولاية فيرجينيا حدثًا استثنائيًا. لم يكن وصول 16 راكبًا من رحلة جوية عادية، بل كان لحظة فارقة في قصة إنقاذ الحيوانات بدأت تتشكل ملامحها قبل سنوات، وتعمقت بعد مأساة ألمت بفريق متطوعين. هذه الرحلة، التي حملت على متنها 16 راكبًا و19 حيوانًا أليفًا (3 قطط و 16 كلبًا)، كانت جزءًا من عملية إغاثة جوية واسعة النطاق، تهدف إلى نقل الحيوانات من ملاجئ الجنوب المكتظة إلى فرص جديدة للحياة في الشمال.
ذكرى مؤثرة وراء عملية الإنقاذ
لم تكن هذه الرحلة مجرد عملية نقل روتينية، بل كانت بمثابة تكريم لروح الطيار المتطوع سوك كيم، الذي فقد حياته في حادث تحطم طائرة في نوفمبر 2024 أثناء مهمة مماثلة. كان كيم، البالغ من العمر 49 عامًا، قد حقق حلمه بتعلم الطيران بعد مسيرة مهنية في القطاع المالي، وسرعان ما وجد شغفه الحقيقي في مساعدة الحيوانات المحتاجة. تأسست المجموعة التي قادها كيم، والتي أُطلق عليها الآن اسم “جيش سوك”، على مبادئ التعاون والتفاني في رعاية الحيوانات، وقد استمرت في النمو والتوسع بعد وفاته.
“جيش سوك”: إرث من العطاء
بعد وفاة كيم، شعر المتطوعون بحزن عميق، لكنهم قرروا مواصلة عمله. قالت كاريسا جريجوري، منسقة الرحلات الجوية: “لا أعتقد أنني أستطيع فعل هذا بعد الآن”، لكن زميلها كلاي باركهيرست ذكّرهم بأهمية تحمل المخاطر من أجل قضية نبيلة. أصبح باركهيرست، والطيارون الآخرون، حريصين على الحفاظ على إرث كيم، وقاموا بتوسيع نطاق عمليات الإنقاذ لتشمل عددًا أكبر من الحيوانات. وقد أثمرت جهودهم عن نقل أكثر من 117 حيوانًا في هذه الرحلة التذكارية، وهو رقم قياسي يمثل ضعف العدد المعتاد.
العمل اللوجستي المعقد لإنقاذ الحيوانات
تتطلب عمليات نقل الحيوانات الأليفة هذه تخطيطًا دقيقًا وتنفيذًا سلسًا. يعتمد المتطوعون على شبكة واسعة من الشركاء، بما في ذلك ملاجئ الحيوانات، ومجموعات الإنقاذ، والطيارين المتطوعين، لضمان وصول الحيوانات إلى وجهتها بأمان. يستخدم الطيارون طائراتهم الخاصة، ويتحملون تكاليف الرحلة التي قد تصل إلى مئات الدولارات في الساعة. بالإضافة إلى ذلك، يقوم المتطوعون بتأمين الفواتير البيطرية والإمدادات اللازمة لضمان صحة الحيوانات ورفاهيتها.
التعاون والتنسيق بين المتطوعين
تعتمد المجموعة بشكل كبير على التواصل والتنسيق عبر تطبيقات المراسلة مثل WhatsApp ومنصات التواصل الاجتماعي مثل Facebook. يسمح هذا التواصل الفعال للمتطوعين بتبادل المعلومات وتنسيق الجهود والاستجابة بسرعة لأي تحديات قد تنشأ. كما أنهم يعملون على تنظيم فعاليات لجمع التبرعات، مثل الحملة الخيرية التي أقيمت في مطار كولبيبر في يونيو الماضي، لضمان استمرارية عمليات الإنقاذ.
تأثير عمليات الإنقاذ على الملاجئ والحيوانات
تلعب عمليات إنقاذ الحيوانات دورًا حيويًا في تخفيف الضغط على الملاجئ الجنوبية المكتظة، وتوفير فرص جديدة للحيوانات المحتاجة. يقول مسؤولو مركز مراقبة الحيوانات في مقاطعة هيرد في جورجيا إنهم يعملون مع “جيش سوك” لنقل ما يصل إلى ثمانية حيوانات أليفة أسبوعيًا إلى مناطق أخرى في البلاد. هذا يسمح لهم بإفساح المجال للحيوانات الجديدة التي تحتاج إلى رعاية، ويقلل من خطر القتل الرحيم بسبب الاكتظاظ.
قصص مؤثرة للحيوانات المنقذة
من بين الحيوانات التي تم إنقاذها في هذه الرحلة، كانت هناك ديزي، كلبة صيد فقدت صاحبها، وكوبر، كلب صيد وسيم تم التخلي عنه، وميدي، كلبة حامل تم العثور عليها مهجورة في جورجيا. لكن القصة الأكثر إثارة للشفقة كانت قصة جيني، كلبة البيتبول النحيلة، وجرائها السبعة، الذين كانوا يواجهون القتل الرحيم في ملجأ في ألاباما. بفضل جهود “جيش سوك”، حصلت جيني وجرائها على فرصة جديدة للحياة، وتم نقلهم إلى كونيتيكت، حيث تم تبنيهم من قبل عائلات محبة. هذه القصص المؤثرة هي التي تدفع المتطوعين إلى مواصلة عملهم، وتذكرهم بأهمية تبني الحيوانات وتقديم الرعاية لها.
في الختام، يمثل “جيش سوك” قصة ملهمة عن الإنسانية والتفاني في رعاية الحيوانات. من خلال جهودهم المتواصلة، فإنهم لا ينقذون حياة الحيوانات المحتاجة فحسب، بل يكرمون أيضًا ذكرى سوك كيم، ويساهمون في بناء مجتمع أكثر رحمة وإنسانية. إذا كنت ترغب في معرفة المزيد عن “جيش سوك” أو تقديم الدعم لعمليات الإنقاذ الخاصة بهم، يمكنك زيارة موقعهم على الإنترنت أو التواصل معهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي. تذكر، كل حيوان منقذ يستحق فرصة للحياة والسعادة.
