كاليفورنيا تؤجل إلغاء رخص القيادة التجارية للمهاجرين وسط معركة قانونية واحتجاجات

في تطور يثير الجدل ويحمل في طياته تداعيات اقتصادية كبيرة، أعلنت ولاية كاليفورنيا عن تأجيل إلغاء ما يقرب من 17,000 رخصة قيادة تجارية حتى شهر مارس. يأتي هذا القرار بعد أيام قليلة من رفع دعوى قضائية من قبل مجموعات مهاجرة، ويهدف إلى منح مزيد من الوقت للتحقق من أهليات السائقين من غير المواطنين للحصول على هذه التراخيص والحفاظ عليها. وتأتي هذه الخطوة في ظل ضغوط متزايدة من وزارة النقل الأمريكية، وتحديدًا وزير النقل شون دافي، لتشديد الرقابة على منح هذه الرخص وضمان عدم حصول الأفراد الذين ليس لديهم حق قانوني في الإقامة على تراخيص تمكنهم من قيادة الشاحنات والحافلات.

خلفية الأزمة وتصعيد وزارة النقل الأمريكية

بدأت الأزمة بعد حادث مأساوي في فلوريدا في شهر أغسطس، تسبب فيه سائق شاحنة غير مصرح له بالقيادة في الولايات المتحدة، وأدى إلى وفاة ثلاثة أشخاص. أعقب ذلك حادث آخر في كاليفورنيا في أكتوبر، تورط فيه سائق من السيخ، مما زاد من الضغط على وزارة النقل الأمريكية للتحقق من إجراءات إصدار رخص القيادة التجارية في الولايات المختلفة.

وقد اتهم وزير النقل شون دافي بعض الولايات، بما في ذلك كاليفورنيا وبنسلفانيا ومينيسوتا، بالتراخي في تطبيق القواعد الحالية، مشيرًا إلى أن بعض التراخيص التجارية ظلت صالحة حتى بعد انتهاء صلاحية تصاريح عمل السائقين المهاجرين. ونتيجة لذلك، هدد دافي بحجب ملايين الدولارات من التمويل الفيدرالي عن هذه الولايات.

دعوى قضائية جماعية ترفعها مجموعات الدفاع عن حقوق المهاجرين

ردًا على هذه التطورات، رفع تحالف السيخ، وهي منظمة وطنية تدافع عن الحقوق المدنية لأفراد مجتمع السيخ، بالإضافة إلى جمعية القانون الآسيوي، دعوى قضائية جماعية نيابة عن السائقين المتضررين في كاليفورنيا. تزعم الدعوى أن السائقين المهاجرين قد تعرضوا للاستهداف بشكل غير عادل، وأن قرار إلغاء تراخيصهم يمثل تمييزًا ضدهم.

وقال ممثل كور، المدير القانوني لائتلاف السيخ، إن التأخير في إلغاء التراخيص يمثل “خطوة مهمة نحو تخفيف التهديد المباشر الذي يواجهه هؤلاء السائقون على حياتهم وسبل عيشهم”. وأضاف أنهم سيواصلون الضغط من أجل حل دائم يضمن حقوق جميع السائقين، بغض النظر عن وضعهم القانوني.

الأثر الاقتصادي المحتمل لتعليق رخص القيادة

تعتبر رخص القيادة التجارية ضرورية لعمل سلاسل الإمداد في كاليفورنيا والولايات المتحدة ككل. ووفقًا لإحصائيات وزارة النقل، يمثل المهاجرون حوالي 20% من إجمالي عدد سائقي الشاحنات في البلاد، في حين أن التراخيص غير المحلية التي يحصل عليها المهاجرون تمثل حوالي 5% من جميع التراخيص التجارية، أي ما يعادل 200,000 سائق.

وأعرب مدير إدارة المركبات (DMV) في كاليفورنيا، ستيف جوردون، عن قلقه بشأن الأثر المحتمل لتعليق هذه التراخيص على الاقتصاد، قائلاً: “السائقون التجاريون جزء أساسي من اقتصادنا – فبدونهم، لا تتحرك سلاسل التوريد، ولا تبقى مجتمعاتنا متصلة”.

القيود الجديدة المقترحة وتداعياتها

بالإضافة إلى تأجيل إلغاء التراخيص، تعمل وزارة النقل الأمريكية على اقتراح قيود جديدة تحد بشكل كبير من قدرة غير المواطنين على الحصول على رخصة قيادة تجارية. وتشمل هذه القيود اشتراطات إضافية تتعلق بالتحقق من الهوية والإقامة القانونية، بالإضافة إلى اختبارات لغوية أكثر صرامة. وثارت مخاوف بشأن تأثير هذه القيود على نقص السائقين الذي تعاني منه بالفعل صناعة النقل.

في الوقت الحالي، تم تعليق خطط الولاية لاستئناف إصدار رخص القيادة التجارية في منتصف ديسمبر، وذلك بقرار من الإدارة الفيدرالية لسلامة حاملي السيارات. وتسعى إدارة كاليفورنيا جاهدة للوصول إلى اتفاق مع وزارة النقل الفيدرالية بشأن الإصلاحات التي تم تطبيقها، بهدف استعادة حقها في إصدار هذه التراخيص.

ردود فعل متباينة من قطاع النقل

حظيت جهود وزارة النقل الأمريكية بتأييد من بعض مجموعات تجارة النقل بالشاحنات، التي أشادت بالتحركات الرامية إلى إبعاد السائقين غير المؤهلين عن الطريق. كما أشادوا بجهود الوزارة لملاحقة مدارس رخصة القيادة التجارية المشبوهة التي قد تكون متورطة في إصدار تراخيص بشكل غير قانوني.

ومع ذلك، أعربت منظمات أخرى عن قلقها بشأن الأثر السلبي لهذه الإجراءات على صناعة النقل، خاصة في ظل النقص الحاد في السائقين الذي تشهده البلاد. ويرى البعض أن التركيز يجب أن يكون على تحسين إجراءات التدريب والترخيص، بدلاً من تقييد الوصول إلى هذه التراخيص.

مستقبل رخص القيادة التجارية للمهاجرين في كاليفورنيا

لا يزال مستقبل رخص القيادة التجارية للمهاجرين في كاليفورنيا غير واضح. من المتوقع أن تستمر المفاوضات بين الولاية ووزارة النقل الفيدرالية في الأشهر المقبلة، بهدف التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف. في الوقت الحالي، يظل التأخير في إلغاء التراخيص بمثابة بارقة أمل للسائقين المهاجرين الذين يخشون فقدان سبل عيشهم.

من المهم متابعة هذا الموضوع عن كثب، حيث أنه يحمل تداعيات كبيرة على الاقتصاد وعلى حياة الآلاف من السائقين وعائلاتهم. يمكن للقراء البقاء على اطلاع دائم بآخر التطورات من خلال متابعة الأخبار والمصادر الموثوقة.

شاركها.