في أعقاب حادث تحطم طائرة شحن تابعة لشركة UPS في نوفمبر الماضي، يلوح شبح تقاعد أسطول عالمي من طائرات MD-11، وهي الطائرات التي لطالما اعتمدت عليها شركات الشحن الكبرى لنقل البضائع لعقود. الحادث، الذي أسفر عن مقتل 14 شخصًا، أثار تساؤلات جدية حول سلامة هذا الطراز من الطائرات، مما قد يؤدي إلى نهاية حقبة في مجال شحن البضائع الجوية. هذا المقال يستكشف تفاصيل الحادث، المخاوف المتعلقة بـ MD-11، والمسار المحتمل الذي قد تتخذه هذه الطائرات في المستقبل.

تفاصيل حادث تحطم طائرة UPS وتداعياته

تحطمت طائرة UPS بعد وقت قصير من الإقلاع من مطار محمد علي الدولي في لويزفيل، كنتاكي، بعد أن انفصل محركها الأيسر عن الجناح وتسبب في حريق هائل. لم ترتفع الطائرة سوى حوالي 30 قدمًا قبل أن تسقط على الأرض. ولقي جميع من كانوا على متن الطائرة المكون من ثلاثة أشخاص، بالإضافة إلى 11 شخصًا كانوا في الشركات المتضررة على الأرض، مصرعهم.

وقد أدى هذا الحادث المأساوي إلى إصدار إدارة الطيران الفيدرالية (FAA) أمرًا بتقييد طيران جميع طائرات MD-11 و DC-10 في الولايات المتحدة، بما في ذلك إجراء فحوصات إضافية لضمان سلامتها. يشكل هذا الأمر ضربة كبيرة لشركات الشحن التي تعتمد بشكل كبير على هذه الطائرات لنقل البضائع.

هل يمثل هذا الحادث ناقوس خطر لـ MD-11؟

التحقيق الذي يجريه المجلس الوطني لسلامة النقل (NTSB) كشف عن وجود شقوق في أجزاء رئيسية من الجناح فشلت في تثبيت المحرك بشكل آمن. هذا الاكتشاف أعاد إلى الأذهان حادثًا مماثلًا وقع عام 1979 لطائرة تابعة لشركة الخطوط الجوية الأمريكية، مما أدى إلى مقتل 273 شخصًا.

في حادث عام 1979، انفصل محرك طائرة DC-10، وهي الطائرة السابقة لـ MD-11، عن الجناح إثر خلل في عملية الصيانة. تم حينها إيقاف جميع طائرات DC-10 عن العمل لإجراء إصلاحات شاملة.

يثير التشابه بين الحادثين قلقًا بأن هناك مشكلة تصميم أساسية قد تكون موجودة في كل من الطائرتين. سيحتاج المحققون إلى تحديد ما إذا كانت الشقوق المكتشفة في طائرة UPS مرتبطة بالخلل الذي تسبب في كارثة عام 1979، أو ما إذا كانت المشكلة فريدة من نوعها لهذه الطائرة تحديدًا.

ماري شيافو، المفتش العام السابق لوزارة النقل الأمريكية، تشير إلى أن التكلفة المحتملة للإصلاحات، بالإضافة إلى توفر طائرات أحدث وأكثر كفاءة، قد تجعل إصلاح MD-11 غير مجدٍ اقتصاديًا.

مستقبل أسطول MD-11: التقاعد أم الاستمرار؟

تعتبر MD-11 طائرة شحن بضائع موثوقة، لكنها تقترب من نهاية عمرها التشغيلي، حيث يبلغ متوسط عمرها أكثر من 30 عامًا. تعمل UPS و FedEx و Western Global حاليًا على أكبر أساطيل MD-11 في العالم. تمتلك UPS بحسب التقديرات حوالي 9٪ من أسطول الطائرات، بينما تمتلك FedEx حوالي 4٪، وتمتلك Western Global 16 طائرة.

هناك بالفعل ضغوط من شركات الطيران لاستبدال أسطول MD-11 الحالي بطائرات أحدث، مثل طائرات بوينج 777 أو إيرباص A350، التي تتميز بكفاءة أكبر في استهلاك الوقود وتقنيات سلامة متطورة. لكن تكلفة الحصول على هذه الطائرات، بالإضافة إلى أوقات التسليم الطويلة، قد تكون عائقًا.

على الرغم من ذلك، يرى بعض الخبراء أن MD-11 لا تزال تمتلك قيمة كبيرة، خاصة في مجال شحن البضائع. يقول فولفجانج بورجمان، صحفي الطيران المتخصص في تاريخ هذا الطراز من الطائرات: “أعتقد أن هناك حياة مفيدة متبقية لهذه الطائرات”. ويشير إلى أن قاذفات B-52، التي ظهرت لأول مرة في عام 1955، لا تزال قيد الاستخدام على نطاق واسع. ويؤكد على أهمية الصيانة الدقيقة في ضمان سلامة التشغيل.

التركيز على الصيانة والتحقيقات الجارية

التحقيق في سجل الصيانة لطائرة UPS هو جزء حاسم في تحديد سبب الحادث. وفقًا لـ NTSB، خضعت الطائرة لفحص تفصيلي للمحركات في عام 2021، ولكن لم يتم إجراء فحص مماثل خلال الصيانة الممتدة التي خضعت لها قبل شهر من التحطم. لم يكن من المقرر إجراء فحص متعمق آخر للمحرك إلا بعد حوالي 7000 رحلة أخرى.

سيطالب المحققون بوينج وإدارة الطيران الفيدرالية بتقييم ما إذا كان جدول الصيانة الحالي كافيًا لمنع تكرار مثل هذه الحوادث. قد يؤدي ذلك إلى صدور أوامر بتنفيذ فحوصات إضافية، مما قد يزيد من تكلفة تشغيل MD-11.

الخلاصة

حادث تحطم طائرة UPS يمثل نقطة تحول محتملة في مستقبل طائرات MD-11. النتائج التي سيخرج بها المحققون، والتكلفة المقدرة للإصلاحات، وتوفر الطائرات البديلة، كلها عوامل ستلعب دورًا في تحديد مصير هذا الأسطول الذي يبلغ عمره 30 عامًا. سواء انتهى الأمر بتقاعد MD-11 بشكل كامل، أو استمرارها في العمل مع إجراءات صيانة أكثر صرامة، فإن هذا الحادث يسلط الضوء على أهمية السلامة الدائمة في صناعة الطيران. من المهم مراقبة تطورات التحقيق، وتقييم المخاطر المحتملة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان سلامة السماء. ويؤكد هذا الحدث على ضرورة الاستثمار في تكنولوجيا الطيران الحديثة والحفاظ على أعلى معايير الصيانة لجميع الطائرات، بغض النظر عن عمرها.

(كلمات مفتاحية مستخدمة: MD-11, تكنولوجيا الطيران, تقاعد الطائرات)

شاركها.