كولومبيا تستأنف رش الكوكا باستخدام الطائرات بدون طيار في مواجهة ارتفاع إنتاج الكوكايين
أعلنت الحكومة الكولومبية مؤخرًا عن خطط لاستئناف رش حقول الكوكا بمبيدات الأعشاب، ولكن هذه المرة باستخدام طائرات بدون طيار متطورة. يأتي هذا القرار في ظل تصاعد إنتاج الكوكايين في البلاد إلى مستويات قياسية، مما أدى إلى توترات مع الولايات المتحدة. كانت كولومبيا قد حظرت الرش الجوي في عام 2015 بسبب مخاوف صحية وبيئية، ولكن مع تفاقم الأزمة، تبحث الحكومة عن حلول جديدة لمكافحة زراعة الكوكا.
العودة إلى الرش: لماذا الآن؟
بعد سنوات من التوقف، قررت الحكومة الكولومبية العودة إلى استراتيجية الرش لمكافحة زراعة الكوكا، المصدر الرئيسي للكوكايين. يعود هذا القرار إلى الزيادة الكبيرة في مساحة الأراضي المزروعة بالكوكا، والتي تقدر حاليًا بحوالي 261 ألف هكتار، وهو ما يقرب من ضعف ما كانت عليه في عام 2016. هذه الزيادة في الإنتاج غذت التوترات مع إدارة ترامب، التي اتهمت كولومبيا بعدم بذل جهود كافية لمكافحة تجارة المخدرات.
التحديات التي تواجه جهود القضاء على الكوكا
واجهت كولومبيا صعوبات كبيرة في القضاء على زراعة الكوكا بعد تعليق عمليات الرش الجوي. ركزت الحكومة على حملات الإبادة اليدوية، لكنها لم تكن فعالة بما يكفي للسيطرة على الانتشار المتزايد للمحاصيل. بالإضافة إلى ذلك، تسيطر العصابات والجماعات المتمردة على العديد من المناطق النائية، مما يجعل من الصعب على الجيش الوصول إليها وتدمير حقول الكوكا. كما أن هذه المناطق غالبًا ما تكون مليئة بالألغام الأرضية، مما يزيد من المخاطر التي تواجه القوات الأمنية.
الطائرات بدون طيار: حل تكنولوجي
تعتمد الخطة الجديدة على استخدام طائرات بدون طيار عالية التقنية لرش مبيدات الأعشاب على حقول الكوكا. يرى وزير العدل الكولومبي، أندريس إيداراجا، أن هذه الطائرات ستكون أكثر أمانًا وفعالية من الطائرات التقليدية، حيث يمكنها الوصول إلى المناطق النائية بدقة أكبر وتجنب رش المحاصيل القانونية ومصادر المياه. ووفقًا لإيداراجا، يمكن لطائرة بدون طيار واحدة تدمير حوالي هكتار من محاصيل الكوكا كل 30 دقيقة.
ضمانات لتقليل المخاطر البيئية
أكدت الحكومة الكولومبية أنها ستتخذ خطوات لتقليل المخاطر البيئية المرتبطة بالرش. وذكر إيداراجا أن الطائرات بدون طيار لن تطير على ارتفاع أقل من 1.5 متر فوق الأهداف، مما يضمن عدم رش المحاصيل القانونية أو مصادر المياه. ومع ذلك، لا يزال الناشطون البيئيون قلقين بشأن التأثير المحتمل للمبيدات الحشرية على النظم البيئية الضعيفة وصحة القرويين.
ردود الفعل والانتقادات
أثارت خطة استئناف الرش الجوي باستخدام الطائرات بدون طيار ردود فعل متباينة. في حين أن الولايات المتحدة رحبت بالقرار، أعرب بعض الناشطين والمنظمات غير الحكومية عن قلقهم بشأن الآثار البيئية والصحية المحتملة. كما انتقد البعض الحكومة الكولومبية لعدم معالجة الأسباب الجذرية لزراعة الكوكا، مثل الفقر ونقص البدائل الاقتصادية للفلاحين.
موقف إدارة بترو المتغير
في البداية، عارض الرئيس الكولومبي جوستافو بيترو عمليات الرش الجوي، معتبرًا أنها تستهدف الفلاحين الفقراء الذين يزرعون الكوكا بسبب عدم وجود بدائل قانونية. ومع ذلك، يبدو أن موقفه قد تغير في الآونة الأخيرة مع تصاعد العنف المرتبط بتجار المخدرات وتزايد الضغوط من الولايات المتحدة. تواجه إدارة بترو تحديًا صعبًا في الموازنة بين الحاجة إلى مكافحة تجارة المخدرات وحماية حقوق الفلاحين والبيئة.
التوترات مع الولايات المتحدة
لطالما انتقدت الولايات المتحدة قرار كولومبيا بوقف عمليات الرش الجوي. وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أدرجت إدارة ترامب كولومبيا في قائمة الدول التي فشلت في التعاون في حرب المخدرات، مما هدد ملايين الدولارات من التعاون العسكري والاقتصادي. فرضت الولايات المتحدة أيضًا عقوبات على مسؤولين كولومبيين واتهمت إدارة بترو بالسماح لـ”عصابات المخدرات بالازدهار”.
مستقبل مكافحة الكوكايين في كولومبيا
يمثل استئناف رش الكوكا باستخدام الطائرات بدون طيار نقطة تحول في سياسة مكافحة المخدرات في كولومبيا. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الاستراتيجية ستكون فعالة في القضاء على زراعة الكوكا على المدى الطويل. من الضروري أن تترافق هذه الجهود مع برامج تنمية بديلة للفلاحين ودعم المجتمعات المتضررة من تجارة المخدرات. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الحكومة الكولومبية أن تواصل العمل مع الولايات المتحدة والمنظمات الدولية لمكافحة تجارة الكوكايين بشكل شامل ومستدام.
الكلمات المفتاحية: كولومبيا، الكوكا، الرش الجوي، الطائرات بدون طيار، تجارة المخدرات.
الكلمات المفتاحية الثانوية: إنتاج الكوكايين، إدارة ترامب، جوستافو بيترو، مبيدات الأعشاب، الغليفوسات.
