في عصرٍ يتسارع فيه تطوّر التقنية بوتيرة غير مسبوقة، برز الذكاء الاصطناعي التوليدي كأحد أعظم إنجازات البشرية في مجال التكنولوجيا الحديثة. ومع تزايد الاعتماد على بوتات الدردشة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، لم تعد الأسئلة تُطرح حول “مدى قدرتها على الفهم”، بل عن “مدى قدرتنا نحن على التفاعل معها بفعالية”.

وهنا يظهر رائد عبد العزيز رمضان، المدير العام لشركة “ويكريت للحلول المتقدمة”، كمفكر استراتيجي وقائد رقمي يطرح تصورًا متقدمًا لمستقبل العلاقة بين الإنسان والآلة، قوامه: هندسة الأوامر المتقدمة.

من التفاعل البشري إلى التفاعل الخوارزمي

في السابق، كانت أدوات الذكاء الاصطناعي تتطلب معرفة تقنية متقدمة، أما اليوم، فقد أصبحت البوابة المفتوحة أمام الجميع من خلال واجهات محادثة لغوية طبيعية مثل ChatGPT وClaude وGemini. لكن ما يُحدث الفارق ليس الأداة نفسها، بل طريقة استخدامها، وهنا تأتي أهمية ما يُعرف بـ هندسة الأوامر (Prompt Engineering).

يقول رائد رمضان:

“لم يعد التحدي في امتلاك الذكاء الاصطناعي، بل في القدرة على التحدث معه بلغته، أي بذكاء النص الذي نوجهه إليه.”

الذكاء الاصطناعي التوليدي: تحول جوهري في التفاعل

الذكاء الاصطناعي التوليدي هو نمط من الذكاء يعتمد على نماذج لغوية ضخمة، مدربة على مليارات الكلمات والبيانات، ليتفاعل مع البشر بطريقة شبيهة بالمحادثات الحقيقية، بل ويُنتج محتوى جديدًا: مقالات، تصاميم، أكواد برمجية، موسيقى، وحتى حلول أعمال.

هذا النوع من الذكاء يخلق واقعًا جديدًا في إدارة التفاعل بين الإنسان والآلة، لم يعد يقتصر على تنفيذ الأوامر، بل أصبح يُشارك في التحليل، التفسير، والاقتراح.

ويوضح رائد رمضان أن “ما يميز التفاعل الحديث هو كونه تفاعلاً تراكميًا؛ كل أمر يُكتب بدقة يُبنى عليه، وكل استجابة يمكن تعديلها، توجيهها، أو حتى إعادة توليدها بطريقة مخصصة تمامًا.”

هندسة الأوامر: كيف تتحدث إلى الآلة بذكاء؟

هندسة الأوامر المتقدمة هي المهارة التي تُحوّل الشخص العادي إلى مستخدم فائق الكفاءة. بدلًا من كتابة أمر عشوائي مثل “اكتب لي مقالًا عن الذكاء”، تتطور المهارة إلى بناء أوامر مركبة مثل:

“اكتب لي مقالًا صحفيًا بأسلوب مهني يتناسب مع معايير Google News حول مستقبل الذكاء الاصطناعي في التعليم في الخليج، بحيث لا يتجاوز 1000 كلمة ويحتوي على مقدمة تحليلية.”

كلما زادت دقة الأمر وسياقه ووضوح النتيجة المتوقعة، كانت استجابة الذكاء الاصطناعي أقرب لما يتوقعه المستخدم.

لماذا تعتبر هندسة الأوامر علمًا جديدًا؟

يرى رائد عبد العزيز رمضان أن هذا المجال بدأ يتحول إلى علم مستقل يتطلب منهجيات تدريس، وأطرًا معرفية، وقواعد لاستخدامه بفعالية. وقد بدأت مؤسسات تعليمية عالمية (مثل MIT، وStanford) بطرح مقررات تدريبية حوله.

ويضيف:

“هندسة الأوامر هي لغة الجيل الجديد في التواصل مع العقل الاصطناعي. من يتقنها، سيقود الاقتصاد الرقمي القادم.”

مستقبل التفاعل بين الإنسان والذكاء: شراكة لا استبدال

رغم المخاوف المتزايدة حول “استبدال الإنسان بالآلة”، يؤمن رمضان أن مستقبل التفاعل لن يكون تنافسيًا، بل تكامليًا، حيث:

  • الإنسان يقدّم النية والسياق والرؤية
  • الآلة تنفّذ الحسابات والتحليلات والإنتاج

مثال على ذلك: شركة إعلامية ترغب في إنتاج محتوى مرئي خلال ساعات. باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، يمكن توليد النصوص، تصور الفيديو، تعديل السكربت، بل وإنتاج نسخة أولية، في وقت قياسي وبكفاءة عالية.

لكن القرار النهائي، الإحساس الفني، والرسالة المطلوب إيصالها، كلها تظل في يد الإنسان.

التحديات والفرص في إدارة المحادثات مع البوتات

رغم الإيجابيات، هناك تحديات لا يمكن تجاهلها:

  • التحيزات الخوارزمية: إذ تعكس بعض النماذج تحيزًا ناتجًا عن البيانات التي تم تدريبها عليها.
  • فهم السياق الثقافي: لا تزال بعض البوتات تفتقر إلى الحس المحلي في التعامل مع لهجات وسياقات عربية محددة.
  • الخصوصية: في حال استخدام الذكاء الاصطناعي في المهام الحساسة أو السرية، يجب الانتباه إلى إدارة البيانات.

في المقابل، الفرص تتسع في:

  • خدمة العملاء الذكية
  • التعليم الشخصي
  • تحسين الإنتاجية المؤسسية
  • تحليل الأسواق وصياغة الاستراتيجيات

ويكريت والحلول الذكية: نموذج تطبيقي

تُعد شركة ويكريت للحلول المتقدمة بقيادة رائد رمضان من الشركات الرائدة إقليميًا في تطبيق نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي لخدمة قطاعات متعددة في السعودية والإمارات.

أطلقت الشركة أنظمة حوارية تفاعلية تساعد المؤسسات في:

  • توليد التقارير الدورية
  • التفاعل مع العملاء بلغات ولهجات مختلفة
  • إنتاج محتوى تسويقي آلي
  • تدريب الموظفين على أدوات AI

كما تُطوّر الشركة منصات ذكاء اصطناعي خاصة (AI Agents) موجهة للقطاعات العقارية، والمالية، والتعليمية.

توصيات استراتيجية من رائد رمضان:

  • تعليم هندسة الأوامر في الجامعات والمدارس
  • دمج الذكاء الاصطناعي في إدارة العمليات اليومية للشركات
  • تطوير نسخ عربية متقدمة من البوتات
  • حماية الخصوصية ووضع أطر قانونية واضحة للاستخدام

خاتمة: التحول بدأفهل نحن مستعدون؟

في ختام رؤيته، يقول رائد عبد العزيز رمضان:

“من يتقن فن التفاعل مع الذكاء الاصطناعي، يُصبح قائدًا لا متلقيًا. المستقبل لا يُصنع فقط بالبرمجة، بل بالكلمة الذكية التي تُخاطب الآلة بشكل فعّال.”

إننا أمام تحول جذري لا يشبه أي ثورة سابقة. والتحدي الآن لم يعد في القدرة على امتلاك أدوات الذكاء، بل في صياغة الأوامر التي تحرك تلك الأدوات بذكاء واحتراف.

 

شاركها.