مع رحيل عملاق… وفاة المهندس المعماري روبرت آم ستيرن تثير الحزن في الأوساط الهندسية

خيم الحزن على عالم الهندسة المعمارية، مع نبأ وفاة المهندس المعماري الأمريكي الشهير روبرت آم ستيرن عن عمر يناهز 86 عامًا، وذلك يوم الخميس الماضي. يترك ستيرن وراءه إرثًا معماريًا ضخمًا، تميز بالجمع بين الأسلوب المعماري الحديث وروعة التصاميم التقليدية. وكانت شركته، RAMSA، قد أعلنت وفاته بـ”راحة في منزله”، دون الكشف عن سبب الوفاة. هذا النبأ أثار موجة من التعازي والتأبين لشخصية تركت بصمة واضحة في المشهد المعماري الأمريكي والعالمي.

حياة وإرث روبرت آم ستيرن: رحلة في عالم التصميم

ولد ستيرن في بروكلين، نيويورك، عام 1939، وسرعان ما أظهر شغفه بالفنون والتصميم. أسس شركة Robert AM Stern Architects، والتي أصبحت فيما بعد RAMSA، في عام 1969. لم تكن RAMSA مجرد شركة تصميم، بل كانت منصة لإطلاق أفكار جديدة، وصقل الأساليب التقليدية، وتقديم مشاريع معمارية فريدة من نوعها.

بداية المسيرة والتأثير المبكر

بدأ ستيرن مسيرته المهنية كأستاذ، حيث شغل منصب عميد كلية الهندسة المعمارية بجامعة ييل لفترة طويلة من عام 1998 حتى 2016. بالإضافة إلى ذلك، كان مديرًا لمركز تيمبل هوين بويل لدراسة الهندسة المعمارية الأمريكية بجامعة كولومبيا. هذه المناصب أكسبته خبرة أكاديمية واسعة، وسمحت له بتشكيل أجيال من المهندسين المعماريين.

أسلوب روبرت آم ستيرن المعماري: مزيج بين الأصالة والحداثة

اشتهر روبرت آم ستيرن بأسلوبه الفريد الذي يجمع بين ما بعد الحداثة والتصميم السياقي، مستوحيًا الإلهام من الأساليب التاريخية والتقليدية. لم يكن يميل إلى التجريد الكامل أو الحداثة الصارمة، بل كان يسعى دائمًا إلى خلق توازن بين الابتكار والحفاظ على الجذور المعمارية لكل موقع. هذا النهج جعله يتميز عن غيره من المهندسين المعماريين، وساهم في تحقيق نجاح كبير لمشاريعه.

التصميم السياقي: فهم البيئة المحيطة

يولي ستيرن اهتمامًا بالغًا بالتصميم السياقي، الذي يرتكز على فهم عميق للبيئة المحيطة بالمشروع، والتاريخ المحلي، والثقافة السائدة. كان يعتقد أن المبنى يجب أن يتكامل مع محيطه، وأن يعكس هوية المكان الذي يقع فيه. وهذا ما يفسر تنوع أساليبه المعمارية، وقدرته على التكيف مع مختلف السياقات.

أبرز أعمال روبرت آم ستيرن: علامات فارقة في عالم الهندسة

ترك ستيرن وراءه مجموعة متنوعة من المشاريع المعمارية البارزة، التي تشمل المتاحف والمكتبات والمساكن الفاخرة والمنتجعات السياحية. من بين أشهر أعماله:

  • 15 سنترال بارك ويست: هذا المجمع السكني الفاخر في مانهاتن، والذي افتتح عام 2008، يعتبر أيقونة معمارية حقيقية. يتميز بواجهة خارجية مميزة من الحجر الجيري، وتصميم داخلي فاخر، وقد اجتذب العديد من المشاهير والأثرياء.
  • مركز جورج دبليو بوش الرئاسي: يقع في دالاس، وهو تحفة فنية تجمع بين التصميم الحديث والتقدير للتاريخ.
  • متحف الثورة الأمريكية: تم تصميمه ليقدم تجربة غامرة للزوار، تعيدهم إلى فترة الثورة الأمريكية.
  • كلية جيرالد ر. فورد للسياسة العامة: تقع في جامعة ميشيغان، وتعكس تصميمًا يعبر عن قيم الحرية والديمقراطية.
  • منتجعات ديزني لليخوت والشاطئ: إضافة ساحرة إلى عالم ديزني، حيث تجمع بين الفخامة والمرح.

ردود الفعل على وفاة روبرت آم ستيرن: تقدير وإعجاب

أثارت وفاة روبرت آم ستيرن موجة من الحزن والتعازي في الأوساط الهندسية والثقافية. فقد وصفه زملاؤه وأصدقاؤه بأنه “معلم” و”ملهم”، وأشادوا بإسهاماته الجليلة في مجال الهندسة المعمارية. عبر شركاء RAMSA عن حزنهم العميق في بيان رسمي، مؤكدين التزامهم بمواصلة تنفيذ رؤيته ومبادئه.

الإرث المستمر: تأثير دائم في الهندسة المعمارية

إن رحيل روبرت آم ستيرن يمثل خسارة كبيرة لعالم الهندسة المعمارية، ولكنه لن يمحُ إرثه العظيم. ستظل أعماله شاهدة على عبقريته وإبداعه، وستظل مبادئه مصدر إلهام للأجيال القادمة من المهندسين المعماريين. يعتبر ستيرن بحق واحدًا من أبرز الشخصيات التي ساهمت في تشكيل المشهد المعماري الأمريكي والعالمي، وستبقى ذكراه حية في قلوب وعقول محبي الفن والتصميم.

في الختام، يمثل روبرت آم ستيرن قصة نجاح ملهمة، ورحلة إبداعية استثنائية في عالم الهندسة المعمارية. ندعوكم لمشاركة هذا المقال مع المهتمين، والتعبير عن تعازيكم في رحيله. يمكنكم أيضًا زيارة موقع RAMSA للاطلاع على المزيد من أعماله وإرثه المعماري.

شاركها.