في أعقاب سلسلة من الحوادث المأساوية، تواجه الحكومة الفيدرالية الأمريكية تحديات كبيرة في حملتها لتشديد الرقابة على رخص القيادة التجارية للمهاجرين. فقد كشفت تحقيقات حديثة عن ثغرات في أنظمة الترخيص في ثماني ولايات، مما أثار مخاوف جدية بشأن السلامة العامة وتهديدات بسحب تمويل فيدرالي كبير. هذه القضية أصبحت محط أنظار في الأشهر الأخيرة، خاصة بعد حادثة فلوريدا المروعة في أغسطس و حادث كاليفورنيا الناري في أكتوبر.
تصاعد المخاوف بعد الحوادث المأساوية
بدأت الضغوط تتزايد على الولايات بعد حادثة فلوريدا التي تسببت في وفاة ثلاثة أشخاص، وكان سائق الشاحنة المتورط فيها غير مصرح له بالوجود في الولايات المتحدة. لاحقًا، زادت المخاوف بعد وقوع حادث مماثل في كاليفورنيا، راح ضحيته أيضًا ثلاثة أشخاص، وكان السائق فيه يقيم بشكل غير قانوني في البلاد. هذه الحوادث سلطت الضوء على ضرورة التأكد من أن جميع سائقي الشاحنات الحاصلين على رخص القيادة التجارية يلتزمون بالقوانين ويستوفون الشروط اللازمة.
لقد أثار هذا الأمر جدلاً واسعًا حول مدى فعالية عمليات التحقق من الخلفيات والهجرة للأفراد الذين يتقدمون للحصول على هذه الرخص الحساسة. يخشى الكثيرون من أن تكون هناك حالات أخرى مماثلة لم يتم اكتشافها حتى الآن.
تهديدات بسحب التمويل الفيدرالي
ردًا على هذه المخاوف، هدد وزير النقل شون دافي بسحب الملايين من الدولارات من التمويل الفيدرالي عن الولايات المتورطة. تضمنت هذه التهديدات كاليفورنيا وبنسلفانيا ومينيسوتا ونيويورك، حيث وجدت التحقيقات مشاكل مثل التراخيص التي ظلت سارية المفعول لفترة طويلة بعد انتهاء الوضع القانوني للمهاجر. بالإضافة إلى ذلك، تم إرسال رسائل مماثلة إلى تكساس وداكوتا الجنوبية وكولورادو وواشنطن أثناء إغلاق الحكومة.
هذه التهديدات أثارت ردود فعل متباينة من قبل المسؤولين المحليين، حيث أصر البعض على أنهم يتبعون بالفعل القواعد الفيدرالية، بينما اعترف آخرون بوجود بعض المشاكل التي تحتاج إلى تصحيح. تسعى الحكومة الفيدرالية الآن إلى ضمان امتثال جميع الولايات لمعايير الأمان والرقابة الصارمة.
تفاصيل التدقيق في كل ولاية
كاليفورنيا
كانت كاليفورنيا أول ولاية يتم التركيز عليها بسبب حصول سائق شاحنة حادث فلوريدا على رخصة قيادة تجارية منها. ردت الولاية بسحب أكثر من 21 ألف رخصة تجارية بعد التأكد من وجود مشاكل بها. ورغم ذلك، استمر تهديد بسحب 40 مليون دولار بسبب عدم تطبيق الولاية لمتطلبات اللغة الإنجليزية لسائقي الشاحنات.
بنسلفانيا
تواجه بنسلفانيا خطر فقدان ما يقرب من 75 مليون دولار من التمويل الفيدرالي. كشف التدقيق عن وجود تراخيص لا تزال صالحة بعد انتهاء صلاحية إقامة السائق، وأخرى لم يتم التحقق من وضعها القانوني بشكل صحيح.
مينيسوتا
هذه الولاية مهددة بفقدان 30.4 مليون دولار، بعد اكتشاف أن بعض التراخيص كانت صالحة لفترة أطول من تصريح عمل السائق، وأن البعض الآخر لم يتم التحقق من حالة الهجرة للسائق بشكل كاف. لكن ولاية مينيسوتا قامت بالفعل بتصحيح بعض المشاكل الإدارية.
نيويورك
أظهرت التحقيقات أن أكثر من نصف التراخيص التي تم فحصها في نيويورك قد تم إصدارها بشكل غير صحيح، حيث إنها كانت صالحة لفترة طويلة جدًا بغض النظر عن تاريخ انتهاء صلاحية تصريح عمل المهاجر. كما وجدت التحقيقات حالات إصدار تراخيص حتى بعد انتهاء صلاحية تصاريح العمل.
تكساس وداكوتا الجنوبية وكولورادو وواشنطن
واجهت هذه الولايات أيضًا انتقادات بسبب وجود بعض التراخيص المعيبة، مما أدى إلى تهديدات بسحب التمويل الفيدرالي. كل منها يحاول الآن معالجة المشاكل التي تم اكتشافها والامتثال للمعايير الفيدرالية. وتُعتبر سلامة الطرق في هذه الولايات أولوية قصوى، ويتطلب الأمر جهدًا جماعيًا لضمان سلامة الجميع.
القيود المقترحة ومتطلبات اللغة الإنجليزية
إضافة إلى التدقيق في التراخيص القائمة، اقترحت وزارة النقل قيودًا جديدة تحد من قدرة غير المواطنين على الحصول على رخصة قيادة تجارية للشاحنات والحافلات. ومع ذلك، تم تعليق هذه القواعد الجديدة بأمر من المحكمة.
بالتوازي مع ذلك، سعت إدارة ترامب إلى تطبيق متطلبات اللغة الإنجليزية لسائقي الشاحنات منذ الصيف الماضي. وقد تم سحب حوالي 9500 سائق شاحنة من الطرق بسبب عدم قدرتهم على إثبات كفاءتهم في اللغة الإنجليزية أثناء التفتيش المروري. هذه الإجراءات تهدف إلى تحسين التواصل بين السائقين وجهات إنفاذ القانون، مما يساهم في تعزيز السلامة المرورية. يعتبر إتقان اللغة الإنجليزية من عوامل السلامة الهامة في مهنة قيادة الشاحنات.
الخلاصة
إن حملة الحكومة الفيدرالية على رخص القيادة التجارية للمهاجرين هي مسعى ضروري لضمان السلامة العامة على الطرق الأمريكية. بينما تثير هذه القضية تساؤلات حول حقوق المهاجرين وإجراءات الترخيص، إلا أنها تسلط الضوء على أهمية الامتثال للقوانين وفرض معايير أمان صارمة. من المتوقع أن تستمر هذه الحملة في الأشهر المقبلة، مع التركيز على العمل مع الولايات لحل المشاكل القائمة وتجنب فقدان التمويل الفيدرالي. يجب على الولايات المعنية التعاون بشكل كامل مع الحكومة الفيدرالية لتنفيذ الإصلاحات اللازمة وضمان سلامة جميع مستخدمي الطريق. من الضروري مواصلة الحوار والبحث عن حلول مستدامة توازن بين احتياجات السلامة وحقوق المهاجرين.
