في أعقاب اجتماع رفيع المستوى بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ، بدأت الشكوك تحوم حول الوعود الصينية بشراء كميات كبيرة من فول الصويا الأمريكي. البيانات الجديدة الصادرة عن وزارة الزراعة الأمريكية (USDA) يوم الجمعة كشفت عن حجم مشتريات متواضع للغاية، مما يثير تساؤلات حول مستقبل هذه الصفقة الهامة للمزارعين الأمريكيين.
بيانات وزارة الزراعة الأمريكية تثير الشكوك حول مشتريات فول الصويا الصينية
أظهر تقرير وزارة الزراعة الأمريكية أن الصين قامت بشراء 332 ألف طن متري فقط من فول الصويا الأمريكي منذ القمة التي عقدت في كوريا الجنوبية. هذا الرقم يقل بشكل كبير عن الـ 12 مليون طن متري التي وعدت بها وزيرة الزراعة الأمريكية بروك رولينز بحلول شهر يناير، وهو أقل بكثير أيضًا من الـ 25 مليون طن متري التي كان من المفترض أن تشتريها الصين سنويًا على مدى السنوات الثلاث القادمة.
هذا التطور يمثل خيبة أمل كبيرة للمزارعين الأمريكيين الذين كانوا يأملون في استعادة السوق الصينية، التي تعتبر أكبر مستهلك لفول الصويا في العالم. كانت إدارة ترامب قد روجت لهذه الصفقة كنجاح دبلوماسي واقتصادي كبير، لكن البيانات الحالية تشير إلى أن الواقع قد يكون مختلفًا تمامًا.
أسباب ضعف الطلب الصيني على فول الصويا الأمريكي
يشير المحللون إلى عدة أسباب وراء ضعف الطلب الصيني على فول الصويا الأمريكي. تانر إيهمكي، كبير الاقتصاديين في مجال الحبوب والبذور الزيتية في بنك CoBank، أوضح أن الصين لديها بالفعل مخزونات كبيرة من فول الصويا اشترته من البرازيل ودول أخرى في أمريكا الجنوبية هذا العام. بالإضافة إلى ذلك، فإن التعريفات الجمركية المتبقية على الفول الأمريكي تجعله أكثر تكلفة مقارنة بالفول البرازيلي.
“لا نزال بعيدين جدًا عن الأرقام التي أعلنتها الولايات المتحدة بشأن الاتفاق”، صرح إيهمكي. وبالتالي، لا يوجد حافز كبير للصين للشراء من أمريكا في الوقت الحالي.
ردود الفعل على البيانات وتصريحات الإدارة الأمريكية
بكين لم تؤكد بعد تفاصيل اتفاقية شراء فول الصويا، واكتفت بالإشارة إلى أن الجانبين توصلا إلى “توافق” بشأن توسيع التجارة في المنتجات الزراعية. حتى لو وعدت الصين بالشراء، فمن المحتمل أن يكون ذلك مشروطًا بأسعار جذابة.
على الرغم من ذلك، أكد الرئيس ترامب أن فريقه تحدث مع المسؤولين الصينيين الذين أكدوا للبيت الأبيض أنهم سيشترون المزيد من فول الصويا، لكنه لم يقدم أي تفاصيل حول الكمية المتوقعة. وقال للصحفيين: “إنهم لا يقومون بالقليل فحسب، بل سيفعلون الكثير من مشتريات فول الصويا”.
تأثير البيانات على أسعار فول الصويا
تأثرت أسعار فول الصويا سلبًا بالبيانات الجديدة، حيث انخفضت بشكل حاد بمقدار 23 سنتًا لتصل إلى 11.24 دولارًا للبوشل يوم الجمعة. وأشار إيهمكي إلى أن هذا الانخفاض يعكس صدمة السوق بسبب نقص الطلب الصيني الذي أكدته بيانات وزارة الزراعة الأمريكية. على الرغم من أن الأسعار لا تزال أعلى مما كانت عليه قبل الاتفاق، إلا أنها قد تستمر في الانخفاض ما لم تظهر مشتريات صينية كبيرة.
تداعيات الحرب التجارية والمساعدات الحكومية المحتملة
يأتي هذا التطور في سياق الحرب التجارية المستمرة بين الولايات المتحدة والصين. في عام 2020، وقعت الدولتان اتفاقية تجارية وعدت الصين فيها بشراء كميات كبيرة من المحاصيل الأمريكية، لكن جائحة كوفيد-19 أدت إلى تعطيل التجارة بين البلدين. وفي عام 2022، سجلت الصادرات الزراعية الأمريكية إلى الصين رقمًا قياسيًا، لكنها انخفضت بعد ذلك.
المزارعون الأمريكيون يواجهون تحديات كبيرة، بما في ذلك ارتفاع تكاليف الأسمدة والبذور والمعدات والعمالة. كاليب راجلاند، مزارع كنتاكي ورئيس جمعية فول الصويا الأمريكية، أعرب عن قلقه من أن آلاف المزارعين قد يتوقفون عن العمل هذا العام دون مشتريات صينية كبيرة أو مساعدات حكومية.
كان الرئيس ترامب قد وعد بتقديم حزمة مساعدات للمزارعين لمساعدتهم على النجاة من الحرب التجارية، لكن تم تعليق هذه الحزمة أثناء الإغلاق الحكومي، ولم يتضح بعد ما إذا كانت الإدارة ستقدم مساعدات للمزارعين.
مستقبل التجارة الزراعية بين الولايات المتحدة والصين
على الرغم من التحديات، لا يزال راجلاند متفائلاً بأن الصين ستتابع عمليات الشراء، لكنه يقر بأنه من الصعب أن يكون واثقًا في الوقت الحالي. “لا نريد أن نفترض أنهم لن يفعلوا ذلك. ولكن سيكون يومًا رائعًا عندما نقوم بتسليم فول الصويا بالفعل، وعندما تكون أموالي في متناول اليد وما إلى ذلك، وتكتمل الصفقة”، قال راجلاند.
الصين هي أكبر مشتر لفول الصويا في العالم، حيث اشترت ما قيمته أكثر من 12.5 مليار دولار من ما يقرب من 24.5 مليار دولار من فول الصويا الأمريكي الذي تم تصديره العام الماضي. ومع ذلك، فقد تحولت الصين إلى أمريكا الجنوبية للحصول على إمداداتها من فول الصويا، حيث شكل الفول البرازيلي أكثر من 70% من واردات الصين العام الماضي، بينما انخفضت حصة الولايات المتحدة إلى 21%.
في الختام، فإن مستقبل مشتريات الصين من فول الصويا الأمريكي لا يزال غير مؤكد. البيانات الأخيرة تثير الشكوك حول الوعود الصينية، لكن المزارعين الأمريكيين يأملون في أن تفي الصين بالتزاماتها وأن تستعيد السوق الصينية أهمية كبيرة بالنسبة لهم. من الضروري متابعة التطورات عن كثب وتقييم تأثيرها على أسعار فول الصويا وأرباح المزارعين.
