نيويورك (أ ف ب) – شهدت أسواق الأسهم الأمريكية حالة من التوتر والتقلبات الحادة يوم الجمعة، حيث تأرجحت أسعار أسهم شركات مثل نفيديا و البيتكوين و الذهب بشكل ملحوظ، مما أثار مخاوف المستثمرين. هذه التقلبات جاءت في أعقاب أداء ضعيف في وقت سابق من اليوم، لكن السوق تمكن من استعادة بعضاً من خسائره في نهاية المطاف.
تقلبات حادة في وول ستريت: نظرة على أداء المؤشرات الرئيسية
بدأ اليوم بانخفاض حاد في مؤشر S&P 500 بنسبة 1.3%، لكنه سرعان ما تعافى ومحا هذا الانخفاض، قبل أن يشهد تقلبات صعوداً وهبوطاً طوال اليوم. في نهاية الجلسة، أغلق المؤشر بانخفاض طفيف بنسبة 0.1%. أما مؤشر ناسداك المركب، فقد عكس اتجاهه ليغلق على مكاسب بنسبة 0.1%، بينما قلص مؤشر داو جونز الصناعي خسائره إلى 309 نقاط، أو 0.7%، بعد أن انخفض في وقت سابق بنحو 600 نقطة. هذه التقلبات تعكس حالة عدم اليقين التي تسيطر على المستثمرين في الوقت الحالي.
صعود وهبوط أسهم التكنولوجيا: تركيز على نفيديا
عادت أسهم شركات الذكاء الاصطناعي إلى دائرة الضوء، بعد يوم واحد من تسببها في أحد أسوأ أيام وول ستريت منذ فترة. نفيديا، التي تعتبر حالياً “الطفل المدلل” في قطاع الذكاء الاصطناعي، افتتحت الجلسة بخسارة قدرها 3.4%، لكنها سرعان ما عادت للارتفاع بنسبة 1.8%، مما ساهم في دعم السوق بشكل عام.
يشير المحللون إلى أن ارتفاع أسعار الأسهم الأمريكية بشكل كبير منذ أبريل الماضي قد جعلها تبدو مبالغاً في قيمتها، خاصة أسهم شركات الذكاء الاصطناعي. فمثلاً، تضاعفت أسهم نفيديا خلال أربع من السنوات الخمس الماضية، ولا تزال مرتفعة بأكثر من 40% منذ بداية هذا العام. هذا الارتفاع السريع يثير تساؤلات حول مدى استدامته.
تأثير أسعار الفائدة والتضخم على السوق
حتى مع هذه التقلبات الحادة خلال الأسبوعين الماضيين، لا يزال مؤشر ستاندرد آند بورز 500 ضمن نطاق 2.3% من أعلى مستوى له على الإطلاق، والذي سجله في نهاية الشهر الماضي. يرى بريان جاكوبسن، كبير الاقتصاديين في شركة Annex Wealth Management، أن “الانخفاضات العرضية في السوق هي ثمن تذكرة الرحلة”، بمعنى أنها جزء طبيعي من الاستثمار.
ولكن، هناك عوامل أخرى تؤثر على السوق، مثل أسعار الفائدة والتضخم. يمكن أن يؤدي انخفاض أسعار الفائدة إلى جعل الأسهم أكثر جاذبية للمستثمرين، حيث تصبح السندات أقل ربحية. وقد قام بنك الاحتياطي الفيدرالي بالفعل بخفض أسعار الفائدة مرتين هذا العام، بهدف دعم الاقتصاد.
ومع ذلك، هناك تساؤلات متزايدة حول ما إذا كان سيقوم بخفضها مرة أخرى في اجتماعه المقبل في ديسمبر. ويرجع ذلك إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً، وأن خفض أسعار الفائدة قد يؤدي إلى تفاقم هذه المشكلة. بالإضافة إلى ذلك، أدت حالة عدم اليقين السياسي، مثل إغلاق الحكومة الأمريكية، إلى تأخير إصدار بيانات اقتصادية مهمة، مما يزيد من صعوبة اتخاذ القرارات الاستثمارية.
أداء قطاعات أخرى: وول مارت والذهب والبيتكوين
بعيداً عن قطاع التكنولوجيا، انخفض سهم وول مارت بنسبة 0.1% بعد إعلان الشركة عن تقاعد الرئيس التنفيذي دوج ماكميلون في يناير القادم بشكل مفاجئ. وكان السهم قد انخفض بنسبة تصل إلى 3.6% في الصباح. يعتبر ماكميلون شخصية رئيسية في جهود وول مارت لتبني التكنولوجيا.
في سوق السندات، ارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى 4.14% من 4.11% في وقت متأخر من يوم الخميس.
كما شهدت بعض الأصول الأخرى تقلبات. انخفضت قيمة البيتكوين إلى ما دون 95 ألف دولار، بعد أن كانت قد اقتربت من 125 ألف دولار في أكتوبر. في الوقت نفسه، انخفض سعر الذهب بنسبة 2.4%. كان الذهب قد حقق مستويات قياسية هذا العام، حيث سعى المستثمرون إلى أصول آمنة في ظل ارتفاع التضخم والديون الحكومية.
نظرة مستقبلية: تقرير أرباح نفيديا ومخاطر الركود
يعتمد أداء السوق بشكل كبير على تقرير أرباح نفيديا القادم يوم الأربعاء. إذا كانت أرباح الشركة أقل من توقعات المحللين، فقد نشهد المزيد من الانخفاضات في الأسعار.
بالإضافة إلى ذلك، فإن بقاء أسعار الفائدة مرتفعة يمكن أن يؤثر سلباً على أسعار الأسهم، حيث قد يدفع المستثمرين إلى بيع أسهمهم والتحول إلى السندات.
في أسواق الأسهم في الخارج، انخفضت المؤشرات في جميع أنحاء أوروبا وآسيا. انخفض مؤشر كوسبي في كوريا الجنوبية بنسبة 3.8%، وهو أحد أكبر الانخفاضات على مستوى العالم. وانخفض مؤشر FTSE 100 في لندن بنسبة 1.1%، وسط تكهنات حول احتمال تراجع الحكومة البريطانية عن خططها لزيادة الضرائب على الدخل.
بشكل عام، تشير هذه التطورات إلى أن أسواق الأسهم الأمريكية لا تزال تواجه حالة من عدم اليقين والتقلبات. من المهم للمستثمرين أن يكونوا حذرين وأن يراقبوا عن كثب التطورات الاقتصادية والسياسية.
