تتسبب التخفيضات الأخيرة في رسوم الإيجار للأراضي الفيدرالية في ولاية نيو مكسيكو في قلق متزايد، حيث تعتمد الولاية بشكل كبير على عائدات النفط والغاز لتمويل برامج حيوية مثل التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة. القرار الذي اتخذه الجمهوريون في الكونجرس، والذي يهدف إلى تشجيع إنتاج الطاقة، قد يؤدي إلى خسائر مالية كبيرة للولاية في السنوات القادمة، مما يهدد استقرار ميزانيتها وخططها المستقبلية. هذا التغيير في السياسة يطرح تحديات جديدة لنيو مكسيكو، التي كانت تعتمد على هذه الإيرادات لدعم مبادراتها الاجتماعية والاقتصادية.
تأثير تخفيض رسوم الإيجار على اقتصاد نيو مكسيكو
أقر الكونجرس الأمريكي في يوليو الماضي قانونًا يخفض الحد الأدنى لسعر الإيجار الاتحادي للأراضي المستخدمة في استخراج النفط والغاز إلى 12.5%، بعد أن ظل ثابتًا عند 16.7% لمدة قرن. يرى مؤيدو هذا القانون، وعلى رأسهم الرئيس السابق دونالد ترامب، أنه سيحفز إنتاج الطاقة ويخلق فرص عمل جديدة، ويقلل التكاليف على المستهلكين. ومع ذلك، تشير التقديرات إلى أن هذا التخفيض سيؤدي إلى انخفاض كبير في الإيرادات التي تحصل عليها الولايات من الإيجار الفيدرالي، وعلى رأسها نيو مكسيكو، أكبر متلقي لهذه المدفوعات.
تتوقع مجموعة أبحاث “الموارد من أجل المستقبل” حدوث انخفاض في الإيرادات يقدر بنحو 6 مليارات دولار على مستوى البلاد خلال العقد القادم. أما بالنسبة لنيو مكسيكو تحديدًا، فقد يحرمها هذا التخفيض من 1.7 مليار دولار بحلول عام 2035، وقد يصل هذا الرقم إلى 5.1 مليار دولار بحلول عام 2050، وفقًا للاقتصادي براين بيرست. هذه الخسائر تمثل تهديدًا حقيقيًا لميزانية الولاية، خاصة وأن أكثر من ثلث إيراداتها العامة مرتبطة بصناعة النفط والغاز.
استراتيجية الولاية في مواجهة الانخفاض المتوقع للإيرادات
لطالما اعتمدت نيو مكسيكو على عائدات النفط والغاز لتمويل برامجها التعليمية والصحية والاجتماعية. فبعد زيادة إنتاج النفط المحلي بشكل ملحوظ منذ عام 2017، شهدت الولاية تدفقًا غير مسبوق للإيرادات، مما سمح لها بتمويل مبادرات مثل زيادة رواتب المعلمين، وتوفير التعليم الجامعي المجاني، وتقديم وجبات مدرسية مجانية شاملة، وتوسيع نطاق التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة.
كما خصصت الولاية مليارات الدولارات لصناديق استثمارية تهدف إلى مواجهة أي تراجع في أسعار النفط أو الإنتاج، بما في ذلك صندوق التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة الذي يهدف إلى توسيع نطاق برامج ما قبل المدرسة، وتقديم إعانات لرعاية الأطفال، وتوفير زيارات صحية منزلية للأمهات والأطفال حديثي الولادة. وقد وصلت قيمة هذه الصناديق الاستثمارية إلى 64 مليار دولار، مما يجعلها ثاني أكبر صندوق من نوعه في الولايات المتحدة، بعد الصندوق الدائم في ألاسكا.
ولكن مع التهديد الحالي المتمثل في انخفاض الإيجار الفيدرالي، يسعى مسؤولو الولاية إلى اتخاذ تدابير استباقية لتقليل الأثر السلبي على ميزانيتها. فقد اتخذ المشرعون بالفعل خطوات لتعزيز الإيرادات المحلية، مثل رفع معدلات حقوق الملكية الخاصة على الأراضي المستخدمة في استخراج النفط والغاز إلى 25%، بدلًا من 20%، وإعادة فتح باب المبيعات بعد فترة توقف.
تحديات إضافية تواجه الولاية
بالإضافة إلى التخفيض في رسوم الإيجار الفيدرالية، تواجه نيو مكسيكو تحديات أخرى قد تؤثر على إيراداتها العامة. فقد أظهرت المراجعة المالية الأخيرة للولاية انخفاضًا في الإيرادات المتوقعة بنسبة 1.6%، وهو أول انخفاض منذ بداية جائحة كوفيد-19.
كما أن مبادرة الرعاية الشاملة للأطفال التي أطلقتها الحاكمة ميشيل لوجان جريشام الشهر الماضي قد أثارت جدلاً واسعًا، حيث اعترض بعض الديمقراطيين في الهيئة التشريعية على الزيادة المقترحة في الإنفاق البالغة 160 مليون دولار. وقالت النائبة عن الولاية ميريديث ديكسون إن المئات من الأسر التي تكسب أكثر من 320 ألف دولار سنويًا قد تتأهل للحصول على رعاية مجانية، على الرغم من أنها لا تحتاج إليها.
بالتزامن مع ذلك، يواجه المشرعون أيضًا ضغوطًا لتنفيذ خطة علاجية لتحسين نظام التعليم، خاصة بالنسبة للطلاب الأمريكيين الأصليين وغيرهم من الأسر ذات الدخل المنخفض. لطالما كانت نيو مكسيكو في ذيل القائمة على المستوى الوطني من حيث نتائج التعليم، حيث تعاني من تدني درجات الاختبار وانخفاض معدلات التخرج.
نظرة على الولايات الأخرى
بعد نيو مكسيكو، تعتبر وايومنغ ولويزيانا وداكوتا الشمالية وتكساس من الولايات الأكثر حصولًا على عائدات النفط والغاز الفيدرالية. تتقاسم تكساس، باعتبارها أكبر منتج للنفط في البلاد، حوض بيرميان الغني مع نيو مكسيكو، ولكن أراضيها الفيدرالية أقل بكثير، مما يجعلها أقل عرضة للتأثر بالتغيرات في سياسات الإيجار.
في المقابل، يبدو مسؤولو ولاية ألاسكا متفائلين بتخفيض رسوم الإيجار، حيث يرون أنه قد يؤدي إلى زيادة الاستثمار في مشاريع استكشاف وإنتاج جديدة، مثل مشروع ويلو الضخم في احتياطي البترول الوطني في ألاسكا. ويخططون لإجراء أول مزايدة لإيجار الأراضي في الولاية منذ عام 2019.
الخلاصة
يشكل تخفيض رسوم الإيجار للأراضي الفيدرالية تحديًا كبيرًا لولاية نيو مكسيكو، التي تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط والغاز لتمويل برامجها الحيوية. يتطلب الأمر اتخاذ تدابير استباقية لتعزيز الإيرادات المحلية وتنويع الاقتصاد، بما في ذلك الاستثمار في التعليم والتكنولوجيا والطاقة المتجددة. من خلال التخطيط الاستراتيجي واتخاذ القرارات الحكيمة، يمكن لنيو مكسيكو التغلب على هذه التحديات والحفاظ على مستقبل مزدهر لأبنائها. يجب على صناع القرار دراسة الآثار طويلة الأجل لهذا التغيير في السياسة والبحث عن حلول مبتكرة لضمان استدامة مالية الولاية.
