ارتفعت أسهم وول ستريت يوم الجمعة، مسجلةً مكاسب لليوم الثاني على التوالي، مما ساهم في تعويض الخسائر التي شهدتها في بداية الأسبوع. كان قطاع سوق الأسهم الأمريكي هو المحرك الرئيسي لهذا الارتفاع، مدفوعًا بشكل خاص بالشركات العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي. على الرغم من التقلبات التي ميزت الأيام السابقة، تمكن كل من مؤشري S&P 500 و Nasdaq من إنهاء الأسبوع في المنطقة الخضراء.
أداء المؤشرات الرئيسية في وول ستريت
شهدت المؤشرات الرئيسية في بورصة وول ستريت أداءً متفاوتًا ولكنه إيجابي بشكل عام. فقد ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 0.9%، أي ما يعادل 59.74 نقطة، ليصل إلى 6834.50 نقطة، محققًا مكاسب أسبوعية طفيفة بلغت 0.1%.
أما مؤشر داو جونز الصناعي فقد أضاف 183.04 نقطة، أو 0.4%، إلى رصيده، ليغلق عند 48134.89 نقطة. لكن الأداء الأقوى كان لمؤشر ناسداك، الذي يركز بشكل كبير على شركات التكنولوجيا، حيث ارتفع بنسبة 1.3%، أي 301.26 نقطة، ليبلغ 23307.62 نقطة، مسجلاً مكاسب أسبوعية بنسبة 0.5%.
صعود أسهم التكنولوجيا ودور الذكاء الاصطناعي
كان قطاع التكنولوجيا هو القوة الدافعة وراء هذا الارتفاع في أسواق المال. تواصل الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، مثل Nvidia، ممارسة ضغوط إيجابية على السوق. ارتفع سهم Nvidia بنسبة ملحوظة بلغت 3.9%، بينما قفز سهم برودكوم بنسبة 3.2%.
هذا الأداء القوي لشركات التكنولوجيا يذكرنا بالهيمنة التي شهدتها هذه الشركات طوال العام، لكن في الوقت نفسه، يثير تساؤلات حول ما إذا كانت تقييمات هذه الأسهم المرتفعة مبررة. المستثمرون يراقبون عن كثب أرباح هذه الشركات وقدرتها على الحفاظ على هذا النمو في المستقبل.
صفقة تيك توك وأثرها على أوراكل
شهد سهم أوراكل ارتفاعًا كبيرًا بنسبة 6.6%، وذلك بعد الإعلان عن اتفاقية جديدة مع مجموعة من المستثمرين لتشكيل مشروع مشترك مع TikTok في الولايات المتحدة. ستحصل كل من Oracle و Silver Lake و MGX على حصة قدرها 15% في منصة الفيديو الاجتماعي الشهيرة، مما يضمن استمرار عمل TikTok في السوق الأمريكية. هذه الصفقة تعزز مكانة أوراكل كلاعب رئيسي في مجال التكنولوجيا والبنية التحتية السحابية.
أرباح الشركات والتحديات الاقتصادية
ركز المستثمرون بشكل كبير على أرباح الشركات وتقييم أدائها في ظل التحديات الاقتصادية الحالية، مثل الرسوم الجمركية والتضخم. على الرغم من أن بعض الشركات تمكنت من تجاوز توقعات الأرباح، إلا أن تأثير الرسوم الجمركية كان واضحًا على أداء البعض الآخر.
فقد انخفض سهم نايكي بنسبة 10.5%، حيث طغى تأثير الرسوم الجمركية على تقرير أرباحها القوي. وبالمثل، انخفض سهم شركة لامب ويستون، المتخصصة في إنتاج البطاطس المجمدة، بنسبة 25.9%، على الرغم من تفوقها على توقعات الأرباح والإيرادات.
في المقابل، قفز سهم Winnebago Industries بنسبة 8.4% بعد أن أعلنت عن أرباح وإيرادات في الربع الأخير تجاوزت تقديرات المحللين. لكن قطاع البناء شهد تراجعًا بعد تقرير أظهر تباطؤًا في مبيعات المنازل مقارنة بالعام السابق، وهو أول تباطؤ منذ شهر مايو. انخفض سهم KB Home بنسبة 8.5% نتيجة لذلك.
معنويات المستهلك والتضخم
أظهر استطلاع رأي أجرته جامعة ميشيغان تحسنًا طفيفًا في معنويات المستهلكين في ديسمبر مقارنة بنوفمبر، لكنها لا تزال أقل بنسبة 30% تقريبًا من مستويات ديسمبر 2023. وأشارت جوان هسو، مديرة الاستطلاعات، إلى أن “مشكلات محافظ الجيب” لا تزال تؤثر بشكل كبير على آراء المستهلكين بشأن الاقتصاد.
التضخم المستمر والتباطؤ في سوق العمل وضعف مبيعات التجزئة كلها عوامل تساهم في ضعف ثقة المستهلك. بالإضافة إلى ذلك، يشعر كل من الشركات والمستهلكين بالقلق بشأن التأثير المستمر للحرب التجارية التي تقودها الولايات المتحدة، والتي استهدفت شركاء رئيسيين مثل الصين وكندا.
أظهر أحدث تقرير للتضخم انخفاضًا مفاجئًا في الأسعار في نوفمبر، حيث ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 2.7%. لكن الاقتصاديين حذروا من أن هذه الأرقام قد تكون مشبوهة بسبب الإغلاق الفيدرالي الذي استمر 43 يومًا.
موقف الاحتياطي الفيدرالي وتوقعات المستقبل
لا يزال التضخم أعلى من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%. وقد قام البنك المركزي بخفض سعر الفائدة القياسي في اجتماعه الأخير، معربًا عن قلقه من أن تباطؤ سوق العمل قد يضر بالاقتصاد. لكن خفض أسعار الفائدة قد يؤدي أيضًا إلى تفاقم التضخم، مما قد يعيق النمو الاقتصادي.
يحافظ الاحتياطي الفيدرالي على موقف حذر بشأن سياسة أسعار الفائدة، وتراهن تحليلات سوق الأسهم في الغالب على أنه سيحافظ على أسعار الفائدة ثابتة في اجتماعه المقبل في يناير. في سوق السندات، ارتفعت عوائد سندات الخزانة، حيث ارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى 4.15% من 4.11%.
في سياق عالمي، ارتفعت الأسهم اليابانية بعد أن رفع بنك اليابان سعر الفائدة القياسي إلى أعلى مستوى له في 30 عامًا. كما حققت الأسواق في أوروبا مكاسب.
باختصار، شهد سوق الأوراق المالية أداءً إيجابيًا في نهاية الأسبوع، مدفوعًا بشكل أساسي بقطاع التكنولوجيا وصفقة TikTok. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات اقتصادية قائمة، مثل التضخم والحرب التجارية، والتي تتطلب مراقبة دقيقة من قبل المستثمرين. من المهم متابعة آخر التطورات الاقتصادية وتحليلات الخبراء لاتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة.
