في ديسمبر، شهد الاقتصاد الأمريكي تراجعًا ملحوظًا في ثقة المستهلك، مدفوعًا بمخاوف متزايدة بشأن ارتفاع الأسعار وتداعيات الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب. هذا الانخفاض في ثقة المستهلك يثير تساؤلات حول مستقبل النمو الاقتصادي، خاصةً مع تباطؤ وتيرة خلق فرص العمل وارتفاع معدلات البطالة.
تراجع ثقة المستهلك: نظرة على الأرقام
أظهر تقرير مجلس المؤتمر الصادر يوم الثلاثاء انخفاض مؤشر ثقة المستهلك بمقدار 3.8 نقطة ليصل إلى 89.1 في ديسمبر. يمثل هذا الانخفاض الشهر الخامس على التوالي، ويقترب من أدنى مستوى له منذ أبريل، عندما بدأت إدارة ترامب في فرض الرسوم الجمركية على الشركاء التجاريين. على الرغم من تعديل قراءة نوفمبر بالزيادة لتصل إلى 92.9، إلا أن الاتجاه العام يشير إلى تدهور في معنويات المستهلكين.
توقعات المستهلكين ومخاوف الركود
لا يزال مقياس توقعات المستهلكين على المدى القصير لدخلهم وظروف عملهم واقتصادهم سوق العمل مستقرًا عند 70.7، لكنه أقل بكثير من مستوى 80 الذي يعتبر مؤشرًا على تجنب الركود. هذا هو الشهر الحادي عشر على التوالي الذي تقل فيه القراءة عن هذا المستوى الحرج. بالإضافة إلى ذلك، انخفضت تقييمات المستهلكين لوضعهم الاقتصادي الحالي بشكل كبير، حيث سجلت انخفاضًا قدره 9.5 نقطة لتصل إلى 116.8.
الأسعار والرسوم الجمركية: المحركان الرئيسيان للقلق
أظهرت الردود المكتوبة على الاستطلاع أن الأسعار والتضخم لا يزالان مصدر القلق الأكبر للمستهلكين، على الرغم من ادعاءات الرئيس ترامب المتكررة بأن التضخم مجرد خدعة. بالإضافة إلى ذلك، أضافت الرسوم الجمركية طبقة أخرى من عدم اليقين، حيث يخشى المستهلكون من تأثيرها على أسعار السلع المستوردة. هذه المخاوف تؤثر بشكل مباشر على قدرتهم الشرائية وتزيد من شعورهم بالتشاؤم بشأن المستقبل الاقتصادي.
سوق العمل يظهر علامات الضعف
لم يقتصر تراجع الثقة على الجانب المالي للمستهلكين، بل امتد ليشمل تصوراتهم حول سوق العمل. أفاد الاستطلاع أن نسبة المستهلكين الذين يرون أن الوظائف “وفيرة” انخفضت إلى 26.7% من 28.2% في نوفمبر، بينما ارتفعت نسبة أولئك الذين يرون أن الوظائف “يصعب الحصول عليها” إلى 20.8% من 20.1% في الشهر الماضي.
تباطؤ خلق فرص العمل وارتفاع معدل البطالة
تتفق هذه النتائج مع البيانات الحكومية الأخيرة التي أظهرت أن الاقتصاد الأمريكي أضاف 64 ألف وظيفة صحية فقط في نوفمبر، بعد خسارة 105 آلاف وظيفة في أكتوبر. والأكثر إثارة للقلق هو ارتفاع معدل البطالة إلى 4.6% الشهر الماضي، وهو الأعلى منذ عام 2021. يصف الاقتصاديون الوضع الحالي بأنه “انخفاض التوظيف وانخفاض معدلات إطلاق النار”، حيث تتردد الشركات في التوسع بسبب عدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية وتأثيرات أسعار الفائدة المرتفعة. منذ مارس، انخفض متوسط خلق فرص العمل الشهرية إلى 35 ألف وظيفة، مقارنة بـ 71 ألفًا في العام السابق. حتى رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، أشار إلى احتمال تعديل هذه الأرقام إلى مستوى أقل.
نظرة متفائلة وسط التشاؤم
على الرغم من الصورة القاتمة، أظهر الاستطلاع ارتفاعًا في نسبة المستهلكين الذين يعتقدون أن الركود في العام المقبل أمر غير مرجح. كما أن آراء المشاركين حول وضعهم المالي الحالي تراجعت إلى المنطقة السلبية للمرة الأولى منذ ما يقرب من أربع سنوات، إلا أن التوقعات بشأن وضعهم المالي المستقبلي كانت الأكثر إيجابية منذ يناير. هذا التناقض قد يشير إلى أن المستهلكين يتوقعون تحسنًا في الأوضاع الاقتصادية على المدى الطويل.
النمو الاقتصادي في الربع الثالث وتوقعات الربع الرابع
في سياق متصل، ذكرت الحكومة أن الاقتصاد الأمريكي توسع بمعدل سنوي 4.3% في الربع الثالث. ومع ذلك، يتوقع الاقتصاديون ربعًا رابعًا أكثر تباطؤًا بكثير بسبب إغلاق الحكومة والتراجع المحتمل في الإنفاق الاستهلاكي. هذا التباطؤ المتوقع قد يزيد من الضغط على الوضع الاقتصادي ويؤثر سلبًا على الاستقرار الاقتصادي.
في الختام، يشير تراجع ثقة المستهلك في ديسمبر إلى وجود تحديات اقتصادية كبيرة تواجه الولايات المتحدة. مخاوف بشأن الأسعار والرسوم الجمركية، بالإضافة إلى تباطؤ سوق العمل، تثير تساؤلات حول مستقبل النمو الاقتصادي. من الضروري مراقبة هذه التطورات عن كثب وتقييم تأثيرها على الاقتصاد العالمي. هل تعتقد أن هذه المؤشرات تنبئ بركود قادم؟ شاركنا رأيك في التعليقات أدناه.
