كوالالمبور، ماليزيا (أ ف ب) – كشف بحث حديث صدمة حقيقية لعشاق الحياة البرية حول العالم: يتم ضبط تسعة نمور في المتوسط ​​كل شهر على مستوى العالم خلال السنوات الخمس الماضية. هذا المعدل المقلق يؤكد تفاقم أزمة الاتجار غير المشروع بهذه المخلوقات المهيبة، ويهدد بقاءها على كوكبنا. التقرير الصادر عن شبكة مراقبة تجارة الحياة البرية TRAFFIC يحذر بشدة من أن الشبكات الإجرامية تتطور بوتيرة أسرع بكثير من قدرة جهود الحفاظ على البيئة على مواكبة هذا التطور.

تدهور أعداد النمور.. صورة قاتمة

كانت أعداد النمور البرية قبل قرن من الزمان تقدر بحوالي 100 ألف نمر، وهو رقم مذهل مقارنة بالوضع الحالي. تشير التقديرات الحالية إلى أن العدد الإجمالي للنمور في البرية تضاءل بشكل كبير، حيث يتراوح بين 3700 و 5500 نمر فقط. على الرغم من مرور أكثر من نصف قرن على قوانين الحماية الدولية، إلا أن الاتجار بالنمور يزداد حدة، ويتجه بشكل متزايد نحو استهداف الحيوانات بأكملها، سواء كانت حية أو ميتة، مما يعكس تغيراً مقلقاً في أساليب الصيد والاستغلال.

ازدياد الاتجار بالنمور الحية والجثث الكاملة

يكشف أحدث تحليل لـ TRAFFIC عن تحول جذري في طبيعة التجارة. ففي بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كانت أجزاء النمر – مثل العظام والجلد – تمثل الغالبية العظمى، حيث تصل إلى 90% من المنتجات المضبوطة. لكن منذ عام 2020، انخفضت هذه النسبة إلى حوالي 60%، مع ارتفاع حاد في عمليات الضبط التي تشمل جثث النمور الكاملة والحيوانات الحية.

في الواقع، أصبحت أكثر من 40% من عمليات المصادرة في دول مثل فيتنام وتايلاند وإندونيسيا وروسيا تشمل الآن نمور كاملة، مما يشير إلى أن الدافع وراء الصيد قد تغير. يعتقد الخبراء أن هذا التحول قد يكون مرتبطًا بمزارع النمور في الأسر أو بزيادة الطلب على امتلاك الحيوانات الأليفة الغريبة، أو حتى لغرض التحنيط والزينة.

أرقام مرعبة ومناطق ساخنة للاتجار

بين عامي 2000 ومنتصف عام 2025، سجلت وكالات إنفاذ القانون حول العالم 2551 عملية ضبط، تتعلق بما لا يقل عن 3808 ببور. لكن السنوات الخمس الأخيرة (2020 – يونيو 2025) شهدت تصعيدًا ملحوظًا، حيث تم ضبط 765 نمرًا، وهو ما يعادل حوالي تسعة نمور شهريًا خلال 66 شهرًا.

حيث كان عام 2019 هو الأسوأ على الإطلاق، بتسجيل 141 عملية ضبط، تلاه عام 2023 بـ 139 عملية ضبط. تركزت معظم عمليات الضبط في 13 دولة موطن رئيسي للنمور البرية، وعلى رأسها الهند (التي تضم أكبر عدد من النمور في العالم)، والصين وإندونيسيا وفيتنام. ولكن بشكل مثير للقلق، أبلغت دول لا توجد بها نمور برية، مثل المكسيك والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، عن عدد كبير من الحوادث، مما يُظهر نطاق الشبكات الإجرامية العابر للحدود.

الاستغلال المتزايد للأنواع المهددة الأخرى

لا يقتصر الخطر على النمور وحدها. يوثق التقرير “تقارب الأنواع” المتزايد، حيث أظهرت تقريباً واحدة من كل خمس حوادث اتجار بالنمور علاقة بحياة برية أخرى مهددة بالانقراض، مثل الفهود والدببة والبانغولين. يشير هذا إلى أن الشبكات الإجرامية تستغل نفس الطرق والشبكات لتهريب مجموعة واسعة من الأنواع المهددة، مما يزيد من الضغط على التنوع البيولوجي العالمي.

نقاط ساخنة تتطلب تدخلًا فوريًا

حدد التقرير النقاط الساخنة التي يجب أن تكون في صدارة جهود الحفاظ على البيئة: محميات النمور في الهند وبنغلاديش، ومنطقة آتشيه في إندونيسيا، والحدود بين فيتنام ولاوس، ومراكز الاستهلاك الرئيسية في فيتنام، بما في ذلك هانوي ومدينة هوشي منه. التدخل الفعال في هذه المناطق أمر بالغ الأهمية لتقليل الاتجار غير المشروع وحماية بقايا أعداد النمور البرية.

الحاجة الملحة للتعاون الدولي والتصدي للشبكات الإجرامية

التصدي لأزمة الاتجار بالنمور يتطلب أكثر من مجرد زيادة جهود إنفاذ القانون. يؤكد التقرير على أهمية التعاون الدولي القوي، وضرورة تعطيل الشبكات الإجرامية المنظمة التي تقف وراء هذه التجارة غير المشروعة. يجب أن تعتمد هذه الجهود على جمع وتحليل المعلومات الاستخباراتية، والتنسيق بين مختلف الوكالات المعنية.

بالإضافة إلى ذلك، يسلط التقرير الضوء على الدور الذي تلعبه مزارع النمور في الأسر في تغذية وإدامة التجارة غير المشروعة. يجب التحقق من هذه المزارع وتنظيمها بشكل صارم، لضمان عدم استخدامها كواجهة لتهريب الحيوانات أو أجزائها.

وفي هذا الصدد، صرح لي هنري، مدير الحفاظ على الحياة البرية في الصندوق العالمي للطبيعة، بأن الزيادة في الاتجار بالحيوانات الكاملة تؤكد على هذا الدور البارز لمزارع النمور. وأضاف: “التجارة غير المشروعة لا تزال أكبر تهديد مباشر للنمور البرية. وإذا لم نقم بزيادة الاستثمارات بشكل عاجل لمكافحة الاتجار بالنمور – في جميع النقاط على طول السلسلة التجارية – فإننا نواجه بالتأكيد إمكانية وجود عالم خال من النمور البرية.”

يجب أن تكون هذه التقارير بمثابة جرس إنذار، يدفعنا جميعًا – الحكومات، ومنظمات الحفاظ على البيئة، والمجتمع الدولي – إلى العمل معًا لحماية هذا النوع الرائع من الانقراض. فالنمور ليست مجرد حيوانات برية، بل هي جزء لا يتجزأ من تراثنا الطبيعي، ولها دور حيوي في الحفاظ على صحة النظم البيئية التي نعتمد عليها جميعًا.

شاركها.