كوبا تعاني من انقطاع التيار الكهربائي واسع النطاق يغرق البلاد في الظلام، ويعيد إلى الأذهان أزمة اقتصادية متفاقمة وبنية تحتية متهالكة. شهدت العاصمة هافانا وبقية النصف الغربي من الجزيرة انقطاعًا مفاجئًا في الكهرباء يوم الأربعاء، مما أثر على حياة الملايين وأعاق الأنشطة اليومية. هذا الانقطاع ليس حادثًا منعزلاً، بل هو جزء من سلسلة انقطاعات كهربائية مستمرة تعاني منها كوبا منذ أشهر، تثير مخاوف بشأن استقرار البلاد وقدرتها على توفير الخدمات الأساسية لمواطنيها.

أسباب الأزمة وتداعياتها المباشرة

ووفقًا لتصريحات لازارو جويرا، المدير العام لوزارة الطاقة والمناجم الكوبية، فإن السبب المباشر للانقطاع الأخير هو عطل في خط نقل رئيسي يربط بين محطتين لتوليد الطاقة. ومع ذلك، فإن هذا العطل يعكس حالة أعمق من التدهور في شبكة الكهرباء الكوبية، التي لم تخضع لصيانة كافية لعقود.

هذا انقطاع التيار الكهربائي أثر بشكل كبير على الحياة في هافانا، حيث اضطرت الشرطة للتدخل لتنظيم حركة المرور المعطلة. كما تم إرسال الطلاب إلى منازلهم من المدارس، بينما استأنفت الشركات الصغيرة التي تمتلك مولدات كهربائية عملها، على الرغم من أن ذلك أتاح ميزة لبعضها فقط. إضافة إلى ذلك، عانت خدمة الإنترنت من تقلبات شديدة، مما زاد من شعور السكان بالإحباط والغموض.

“لا يوجد أي تفسير. لا أحد يعرف سبب انقطاع التيار الكهربائي…. إنهم لا يقولون شيئًا، كل شيء صمت”، هذا ما عبر عنه راؤول كالديرون، وهو متقاعد يبلغ من العمر 82 عامًا، معبرًا عن حالة السخط والترقب التي عاشها السكان المحليون.

تكرار الانقطاعات: مؤشر على أزمة أعمق

لم يكن هذا الانقطاع الأخير هو الأول من نوعه، فقد شهدت كوبا أيامًا قبل ذلك انقطاعات مماثلة في ساعات الذروة. وفي سبتمبر الماضي، تعرضت البلاد لانقطاع كامل للكهرباء، وألقى المسؤولون باللوم في ذلك على البنية التحتية القديمة ونقص الوقود.

تتفاقم هذه الأزمة بتأثيرها على قطاعات حيوية أخرى مثل المياه، حيث تتوقف محطات الضخ عن العمل مع انقطاع الكهرباء. كما يؤثر سلبًا على قطاع الأعمال الهش في كوبا، مما يعيق الإنتاج ويؤدي إلى خسائر اقتصادية. توليد الكهرباء بات يمثل تحديًا حقيقيًا للحكومة الكوبية.

الأزمة الاقتصادية وتأثيرها على الطاقة

تعاني كوبا من أزمة اقتصادية حادة تفاقمت بسبب جائحة كورونا، والتي شلّت قطاع السياحة، وهو أحد مصادر الدخل الرئيسية للبلاد. تفاقمت هذه الأزمة بسبب زيادة العقوبات الأمريكية، بالإضافة إلى إصلاح مالي داخلي فاشل كان يهدف إلى توحيد العملة.

هذه الظروف الاقتصادية الصعبة أدت إلى نقص حاد في التمويل المخصص لصيانة محطات الطاقة التي تعمل منذ أكثر من 30 عامًا. ونقص الوقود، الناتج عن شح الأموال أو استهداف السفن التي تحمل الوقود بالعقوبات الأمريكية، يعيق قدرة هذه المحطات على العمل بكفاءة. بالإضافة الى ذلك، ترتفع تكلفة صيانة شبكة الكهرباء بشكل كبير، وهو أمر يشكل عبئًا إضافيًا على الميزانية الكوبية المحدودة.

جهود الحكومة لمواجهة الأزمة

تحاول الحكومة الكوبية معالجة أزمة الطاقة من خلال استكشاف حلول بديلة. أطلقت برنامجًا لإنشاء مجمعات للطاقة الشمسية بدعم من الصين وفيتنام، ولكن هذا البرنامج لا يزال في مراحله الأولى ولم يحقق بعد تأثيرًا كبيرًا.

بالإضافة إلى ذلك، تضررت المناطق الشرقية من كوبا بشدة بسبب إعصار ميليسا في أواخر أكتوبر، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وترك آلاف السكان بدون كهرباء أو ماء أو مأوى لأسابيع.

مستقبل الطاقة في كوبا

من الواضح أن كوبا تواجه تحديًا كبيرًا في توفير الطاقة لمواطنيها. يتطلب الأمر استثمارات ضخمة في صيانة وتحديث البنية التحتية للكهرباء، بالإضافة إلى إيجاد مصادر بديلة للطاقة لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

شبكة الكهرباء في كوبا بحاجة ماسة إلى إصلاح شامل. إيجاد حلول مستدامة لأزمة الطاقة أمر ضروري لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في كوبا. دون ذلك، ستستمر البلاد في مواجهة انقطاعات متكررة للكهرباء، مما يؤثر سلبًا على حياة المواطنين ويقوض جهود التنمية.

يمكن لمتابعة التطورات في كوبا أن يتم عبر مراقبة التغطية الإخبارية المستمرة من وكالة أسوشيتد برس على الرابط: https://apnews.com/hub/latin-america

شاركها.