موسم التسوق في الولايات المتحدة يشهد تباطؤًا مع زيادة حذر المستهلكين

كشف أحدث البيانات الصادرة يوم الثلاثاء عن اتجاه مثير للاهتمام في موسم التسوق للعطلات في الولايات المتحدة: بينما كثف المستهلكون من تقديم الهدايا في الأسابيع الأولى، إلا أنهم أصبحوا أكثر حذرًا في إنفاقهم بسبب حالة عدم اليقين الاقتصادي السائدة. هذا التوجه يؤثر بشكل ملحوظ على مبيعات العطلات ويشير إلى تحول في سلوك المستهلك.

ارتفاع طفيف في المبيعات مع تزايد الحذر

وفقًا لبيانات Visa، ارتفعت مبيعات النقد وبطاقات الائتمان بنسبة 4.2% خلال الفترة من 1 نوفمبر وحتى الأحد. على الرغم من أن هذا يمثل زيادة، إلا أنها أقل من الزيادة التي سجلت في العام الماضي خلال نفس الفترة، والتي بلغت 4.8%. هذه الأرقام لا تشمل مبيعات السيارات أو الوقود أو المطاعم، ولم يتم تعديلها لمراعاة التضخم أو تأثير الرسوم الجمركية.

بعد تعديل البيانات لمراعاة التضخم، تبين أن مبيعات التجزئة ارتفعت بنسبة أكثر تواضعًا بلغت 2.2% خلال الأسابيع السبعة الأولى من موسم العطلات. يشير مايكل براون، كبير الاقتصاديين في Visa USA، إلى أن هذا يعكس مخاوف المستهلكين بشأن النمو الاقتصادي والتضخم، مع وجود قدر كبير من عدم اليقين.

Mastercard SpendingPulse، وهي خدمة أخرى لتتبع الإنفاق، أظهرت زيادة بنسبة 3.9% في المبيعات خلال نفس الفترة. على الرغم من أن هذا الرقم يتجاوز توقعات Mastercard الإجمالية للموسم، إلا أنه لا يزال أقل من الزيادة التي تم تسجيلها في العام الماضي.

التسوق الهجين والتركيز على الصفقات

يبدو أن المتسوقين يتبنون استراتيجية تسوق هجينة، حيث يجمعون بين التسوق عبر الإنترنت وداخل المتاجر بهدف العثور على أفضل الصفقات وتحقيق أقصى قدر من الراحة. ميشيل ماير، كبيرة الاقتصاديين في معهد Mastercard للاقتصاد، تؤكد على هذا الاتجاه.

وتشير البيانات إلى أن المستهلكين يركزون بشكل خاص على شراء الهدايا، بينما يقللون من الإنفاق على العناصر غير الضرورية مثل ديكورات العطلات. يعزى هذا إلى ارتفاع أسعار البقالة والإيجارات والسلع المستوردة، بالإضافة إلى تدهور سوق العمل.

تراجع ثقة المستهلك وتأثير الرسوم الجمركية

تتزامن هذه التطورات مع تراجع ملحوظ في ثقة المستهلكين في الاقتصاد. فقد انخفضت ثقة المستهلكين لشهر ديسمبر، مسجلة انخفاضًا شهريًا خامسًا على التوالي، بسبب القلق المتزايد بشأن ارتفاع الأسعار وتأثير الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس ترامب.

من الواضح أن الرسوم الجمركية تلعب دورًا في سلوك المستهلكين. فقد شهدت مبيعات الملابس والإكسسوارات تسارعًا، ربما لأن هذه الفئة لم تتأثر بالرسوم الجمركية مثل ديكورات العطلات التي يتم تصنيعها في الغالب في الصين. في المقابل، تأثرت مبيعات سلع تحسين المنازل سلبًا بسبب ضعف سوق الإسكان.

توقعات مبيعات العطلات: نظرة واقعية

على الرغم من هذه التحديات، لا يزال المتسوقون صامدين. تتوقع Visa أن تكون بيانات مبيعات العطلات متوافقة إلى حد ما مع توقعاتها بزيادة المبيعات بنسبة 4.6% بين شهري نوفمبر وديسمبر.

ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن هناك العديد من أيام التسوق الأكثر ازدحامًا في موسم العطلات لا تزال قادمة، مثل اليوم التالي لعيد الميلاد وأول يوم سبت بعد العطلة. تشير بيانات RetailNext إلى انخفاض في حركة العملاء في “السبت الكبير” مقارنة بالعام الماضي، مما يشير إلى أن المتسوقين يوزعون رحلاتهم على مدار الأسابيع الأخيرة قبل عيد الميلاد ويلتزمون بقوائم التسوق.

نظرة عامة على حجم الإنفاق المتوقع

تتماشى التوقعات الحالية مع توقعات الاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة (NRF)، أكبر مجموعة تجارة التجزئة في البلاد. يتوقع الاتحاد أن تتراوح مبيعات التجزئة خلال شهري نوفمبر وديسمبر بين 1.01 تريليون دولار و1.02 تريليون دولار، بزيادة تتراوح بين 3.7% و4.2% مقارنة بالعام الماضي.

التجارة الإلكترونية تواصل نموها

شهدت التجارة الإلكترونية نموًا ملحوظًا خلال الأسابيع الأولى من موسم العطلات، حيث ارتفعت مبيعاتها بنسبة 7.8%، مدعومة بالعروض الترويجية المبكرة. ومع ذلك، لا يزال التسوق في المتاجر هو المهيمن، حيث يمثل 73% من حجم مدفوعات العطلات، بينما تمثل المبيعات عبر الإنترنت 27%.

لكن، وفقًا لـ Mastercard SpendingPulse، ارتفعت المبيعات عبر الإنترنت بنسبة 7.4%، مقارنة بزيادة قدرها 2.9% في المتاجر، مما يؤكد على التحول المستمر نحو التسوق الرقمي.

الفئات الرابحة والخاسرة

برزت الإلكترونيات كالفئة الأكثر رواجًا، حيث ارتفعت مبيعاتها بنسبة 5.8%، مدعومة جزئيًا بالأجهزة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي. كما شهدت مبيعات الملابس والإكسسوارات نموًا قويًا، حيث ارتفعت بنسبة 7.8%، بفضل الطقس البارد والصفقات الموسمية.

في المقابل، تأثرت مبيعات سلع تحسين المنازل سلبًا بسبب ضعف سوق الإسكان. كما أن الإنفاق على المطاعم يشير إلى أن الأمريكيين ينفقون على التجارب الترفيهية.

خلاصة: موسم عطلات معتدل مع تحديات اقتصادية

بشكل عام، يشير موسم التسوق في العطلات إلى أنه سيكون “معتدلًا” وليس “رائعًا”، كما ذكر براون. إن حالة عدم اليقين الاقتصادي والتضخم والرسوم الجمركية تؤثر جميعها على سلوك المستهلكين، مما يدفعهم إلى أن يكونوا أكثر حذرًا وانتقائية في إنفاقهم. ومع ذلك، لا يزال المتسوقون ينفقون، ومن المتوقع أن تحقق مبيعات العطلات نموًا إيجابيًا، وإن كان بوتيرة أبطأ من العام الماضي. من المهم متابعة البيانات القادمة لفهم التوجهات بشكل كامل وتقييم تأثير العوامل الاقتصادية على مبيعات نهاية العام.

شاركها.