ارتفعت أسواق الأسهم الأمريكية بشكل ملحوظ يوم الأربعاء، مدفوعة بتوقعات خفض سعر الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، مما أثار تفاؤلاً بشأن دعم النمو الاقتصادي. هذا الارتفاع يأتي في ظل بحث المستثمرين عن مؤشرات إيجابية في الاقتصاد العالمي، وتأملاتهم في مستقبل الاستثمار.

الاحتياطي الفيدرالي وتأثيره على الأسواق

أنهى مؤشر S&P 500 تداولات يوم الأربعاء بارتفاع بنسبة 0.7%، مقترباً من أعلى مستوى له على الإطلاق والذي سُجل في أكتوبر الماضي. كما شهد مؤشر داو جونز الصناعي قفزة كبيرة بلغت 497 نقطة، أي ما يعادل 1%، بينما ارتفع مؤشر ناسداك المركب بنسبة 0.3%. يعكس هذا الأداء القوي استجابة إيجابية لقرار بنك الاحتياطي الفيدرالي بخفض سعر الفائدة الرئيسي، والذي يهدف إلى تحفيز النشاط الاقتصادي.

لماذا تفضل وول ستريت أسعار الفائدة المنخفضة؟

تفضل وول ستريت بشكل عام أسعار الفائدة المنخفضة لأنها تقلل من تكلفة الاقتراض للشركات والأفراد، مما يشجع على الاستثمار والإنفاق. هذا بدوره يمكن أن يعزز النمو الاقتصادي ويؤدي إلى ارتفاع أرباح الشركات، وبالتالي زيادة أسعار الأسهم. ومع ذلك، يجب أن يتم هذا التوازن بحذر، حيث أن أسعار الفائدة المنخفضة للغاية قد تؤدي إلى ارتفاع التضخم.

تعليقات باول وتأثيرها على المستثمرين

على الرغم من أن خفض سعر الفائدة كان متوقعًا على نطاق واسع، إلا أن تعليقات رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، أثارت اهتمامًا خاصًا. أشار باول إلى أن البنك المركزي يواجه وضعًا صعبًا، حيث أن سوق العمل يواجه ضغوطًا هبوطية بينما يواجه التضخم ضغوطًا تصاعدية. هذا يعني أن أي محاولة لمعالجة إحدى هاتين المشكلتين قد تؤدي إلى تفاقم المشكلة الأخرى.

“نحن في وضع جيد للانتظار ورؤية”

أكد باول أن البنك المركزي في وضع يسمح له بالانتظار ومراقبة تطورات الاقتصاد قبل اتخاذ أي قرارات أخرى بشأن أسعار الفائدة. وأضاف أنه لا يتوقع رفع أسعار الفائدة في المستقبل القريب، وأن التركيز سينصب على مراقبة سوق العمل ومعدلات التضخم. هذه التصريحات عززت الآمال في المزيد من التخفيضات في سعر الفائدة في عام 2026.

توقعات بنك الاحتياطي الفيدرالي لعام 2026

أصدر مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي توقعاتهم بشأن مسار أسعار الفائدة حتى نهاية عام 2026. تشير التوقعات إلى أن العضو المتوسط في البنك يتوقع خفضًا إضافيًا واحدًا على الأقل لـ سعر الفائدة بحلول نهاية العام المقبل، وهو ما يتماشى مع التوقعات السابقة.

انقسام داخل بنك الاحتياطي الفيدرالي

ومع ذلك، كشفت التصويتات الأخيرة عن وجود انقسام داخل بنك الاحتياطي الفيدرالي حول مدى الحاجة إلى مزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة. في حين أن بعض المسؤولين يرون أن التضخم هو التهديد الأكبر للاقتصاد، صوت اثنان ضد خفض سعر الفائدة الأخير، بينما صوت مسؤول ثالث لصالح تخفيض أعمق. هذا الانقسام يعكس التحديات التي يواجهها البنك المركزي في محاولة تحقيق التوازن بين دعم النمو الاقتصادي والسيطرة على التضخم. السياسة النقدية أصبحت أكثر تعقيدًا في هذا السياق.

تأثير قرارات الاحتياطي الفيدرالي على السندات

في سوق السندات، انخفضت عوائد سندات الخزانة مع تزايد التوقعات بمزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة. انخفض العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى 4.15%، بينما انخفض العائد على سندات الخزانة لأجل عامين إلى 3.53%. هذا الانخفاض في العوائد يعكس زيادة الطلب على السندات، حيث يبحث المستثمرون عن ملاذ آمن في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي.

أداء الشركات في وول ستريت

شهدت وول ستريت أداءً متباينًا بين الشركات المختلفة. ارتفع سهم GE Vernova بنسبة 15.6% بعد رفع الشركة لتوقعاتها للإيرادات، في حين ارتفع سهم Palantir Technologies بنسبة 3.3% بعد حصولها على عقد من البحرية الأمريكية. كما ارتفع سهم Cracker Barrel Old Country Store بنسبة 3.5% على الرغم من خفض الشركة لتوقعاتها للإيرادات السنوية. في المقابل، انخفض سهم GameStop بنسبة 4.3% بعد الإعلان عن إيرادات أضعف من المتوقع. هذا التباين يعكس تأثير العوامل الخاصة بكل شركة على أداء أسهمها، بالإضافة إلى تأثير العوامل الاقتصادية الأوسع نطاقًا. الاستثمار في الأسهم يتطلب تحليل دقيق.

الخلاصة

بشكل عام، يشير الارتفاع في أسواق الأسهم الأمريكية يوم الأربعاء إلى تفاؤل المستثمرين بشأن مستقبل الاقتصاد، مدفوعًا بتوقعات خفض سعر الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي. ومع ذلك، يجب أن نضع في الاعتبار أن هناك تحديات كبيرة لا تزال قائمة، مثل ارتفاع التضخم والانقسام داخل بنك الاحتياطي الفيدرالي. من المهم متابعة التطورات الاقتصادية عن كثب وتقييم المخاطر المحتملة قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية. هل سيستمر هذا الاتجاه الصاعد في الأسواق؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام والأسابيع القادمة.

المصادر:

  • وكالة الأنباء الفرنسية (أ ف ب)
  • بيانات مجموعة CME.
  • تقارير وول ستريت.
شاركها.