وول ستريت تترقب بيانات اقتصادية حاسمة وتتأثر بتقلبات أسهم الذكاء الاصطناعي
شهدت وول ستريت يومًا هادئًا نسبيًا، مع تراجع المؤشرات الرئيسية يوم الاثنين، وذلك قبل صدور سلسلة من التقارير الاقتصادية الهامة هذا الأسبوع. يترقب المستثمرون هذه البيانات عن كثب، حيث أنها قد تؤثر بشكل كبير على قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة. فقد انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 0.2%، على الرغم من أن غالبية الشركات المكونة للمؤشر حققت مكاسب. كما تراجع مؤشر داو جونز الصناعي بمقدار 41 نقطة، أو 0.1%، في حين انخفض مؤشر ناسداك المركب بنسبة 0.6%.
أداء أسهم الذكاء الاصطناعي: بين التقلبات والأمل
كان أداء أسهم شركات الذكاء الاصطناعي هو أحد العوامل المؤثرة في حركة السوق، حيث شهدت هذه الأسهم تذبذبًا ملحوظًا بعد الأداء القوي الذي حققته في الأسبوع الماضي. وشهدت بعض الأسهم انتعاشًا، بينما واجهت أخرى ضغوطًا بيعية.
ارتفع سهم Nvidia، الرائد في مجال تصنيع الرقائق وأحد أبرز المستفيدين من طفرة الذكاء الاصطناعي، بنسبة 0.7%. واستمر هذا السهم في تقديم دعم كبير لمؤشر S&P 500، خاصة بعد الارتفاع الذي حققه في الأسبوع الماضي والذي ساهم في تعويض جزء من الخسائر.
في المقابل، واصل سهم أوراكل انخفاضه، مسجلًا خسارة إضافية بنسبة 2.7% بعد انخفاض حاد بنسبة 12.7% الأسبوع الماضي، وهو الأسوأ له على مدار أكثر من سبع سنوات. كما تراجع سهم برودكوم بنسبة 5.6%. هذه التقلبات تعكس مخاوف متزايدة بشأن ما إذا كانت الاستثمارات الضخمة في قطاع الرقائق ومراكز البيانات ستترجم إلى عائدات ملموسة ومبررة.
البيانات الاقتصادية المحورية: التضخم، الوظائف، ونظرة الفيدرالي
بالإضافة إلى تطورات قطاع الذكاء الاصطناعي، سيكون التركيز الأكبر في وول ستريت هذا الأسبوع على البيانات الاقتصادية الهامة التي ستصدر. سيراقب المستثمرون عن كثب هذه المؤشرات لتقييم صحة الاقتصاد الأمريكي وتوقع الخطوات التالية التي قد يتخذها بنك الاحتياطي الفيدرالي.
تقرير الوظائف لشهر نوفمبر
يصدر يوم الثلاثاء تقرير الوظائف لشهر نوفمبر، والذي يتوقع الاقتصاديون أن يظهر إضافة 40 ألف وظيفة جديدة، وهو ما قد يشير إلى تباطؤ في وتيرة النمو الوظيفي.
تحديثات التضخم
أما يوم الخميس، فسيكشف عن أحدث البيانات المتعلقة بالتضخم، ويتوقع الخبراء أن تظهر ارتفاعًا في الأسعار بنسبة 3.1% في شهر نوفمبر مقارنة بالعام السابق.
هذه البيانات حاسمة لأن بنك الاحتياطي الفيدرالي يسعى إلى فهم ما إذا كان التباطؤ في سوق العمل أو ارتفاع التضخم هو التحدي الأكبر الذي يواجهه الاقتصاد الأمريكي. يواجه البنك معضلة صعبة، حيث أن التدخل لمعالجة إحدى هاتين المشكلتين قد يؤدي إلى تفاقم المشكلة الأخرى على المدى القصير.
سيناريو “الأخبار السيئة جيدة” والآمال في خفض أسعار الفائدة
الأمل السائد في وول ستريت هو أن يشهد سوق العمل بعض الضعف، ولكن بدرجة معتدلة. هذا الضعف قد يشجع بنك الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة، مما قد يعزز النمو الاقتصادي ويحسن جاذبية الاستثمارات.
صرح كريس لاركين، المدير الإداري للتداول والاستثمار في شركة مورجان ستانلي، بأن “سيناريو الأخبار السيئة جيدة” قد يكون واردًا في حالة تقرير الوظائف، طالما أن الأرقام لا تشير إلى انهيار حاد في التوظيف. وأضاف أن التركيز سينصب على معدل البطالة، الذي من المتوقع أن يبلغ 4.4%، مما قد يجعله قريبًا من أعلى مستوى له منذ عام 2021.
تأثير البيانات على السندات
تراجعت عوائد سندات الخزانة بشكل طفيف قبل صدور هذه التحديثات الاقتصادية، مما يعكس حالة عدم اليقين السائدة في السوق.
مؤشرات اقتصادية إضافية
أظهر تقرير صادر في وقت سابق من يوم الاثنين ضعفًا غير متوقع في مقياس قوة التصنيع في ولاية نيويورك، على الرغم من توقعات النمو المستمر. انخفض العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى 4.18% من 4.19% في نهاية الأسبوع السابق.
تداعيات على أسهم أخرى وأسواق الخارج
بالإضافة إلى قطاع الذكاء الاصطناعي، تراجعت أسهم iRobot، الشركة المصنعة لمكانس Roomba، بشكل حاد بنسبة 73% إلى 1.18 دولار، بعد أن أعلنت عن احتمال خسارة المساهمين لاستثماراتهم بالكامل بسبب تقدمها لحماية الإفلاس بموجب الفصل 11. وقد توصلت الشركة إلى اتفاق بشأن بيعها لشركة Picea من خلال عملية تشرف عليها محكمة الإفلاس.
في نهاية التداول، انخفض مؤشر S&P 500 بمقدار 10.90 نقطة إلى 6816.51، وانخفض مؤشر داو جونز الصناعي 41.49 نقطة إلى 48416.56 نقطة، في حين تراجع مؤشر ناسداك المركب 137.76 نقطة إلى 23057.41 نقطة.
في الأسواق العالمية، سجلت المؤشرات الأوروبية ارتفاعًا، في حين أغلقت الأسواق الآسيوية على انخفاض. انخفض مؤشر هانج سينج في هونغ كونج بنسبة 1.3% ومؤشر شنغهاي المركب بنسبة 0.6% بعد إعلان الحكومة الصينية عن انخفاض في الاستثمار في المعدات الصناعية والبنية التحتية والأصول الثابتة الأخرى. يشير هذا الانخفاض إلى ضعف مستمر في الطلب في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
كما انخفض مؤشر Nikkei 225 الياباني بنسبة 1.3% بعد أن أظهر مسح أجرىه البنك المركزي تحسنًا طفيفًا في معنويات الشركات، مما قد يشجع بنك اليابان على المضي قدمًا في رفع أسعار الفائدة.
باختصار، تتسم الأجواء في وول ستريت بالحذر والترقب قبل صدور البيانات الاقتصادية الهامة. يتعلق الأمر بإيجاد التوازن بين مكافحة التضخم ودعم النمو الاقتصادي، وهو تحدي معقد يواجهه بنك الاحتياطي الفيدرالي. سيكون أداء أسهم الذكاء الاصطناعي والبقية من أسهم الشركات والمؤشرات مدفوعًا بشكل كبير بالنتائج التي ستظهر هذا الأسبوع. تابعوا التطورات لمعرفة كيف ستستجيب الأسواق لهذه المعلومات الحيوية.
