إيران تواجه تحديات اقتصادية متزايدة وتعدل أسعار الوقود
في خطوة طال انتظارها، أعلنت إيران عن تعديل جديد في أسعار البنزين المدعوم، يوم السبت، في محاولة للحد من التكاليف المتصاعدة. يأتي هذا القرار بعد أربع سنوات من آخر زيادة في الأسعار عام 2019، والتي أثارت احتجاجات واسعة النطاق وقمعًا عنيفًا أسفر عن مقتل أكثر من 300 شخص، وفقًا لتقارير. أسعار البنزين في إيران لطالما كانت قضية حساسة، حيث يعتبرها المواطن حقًا مكتسبًا عبر الأجيال، لكن الضغوط الاقتصادية المتزايدة تجبر الحكومة على اتخاذ إجراءات صعبة.
الضغوط الاقتصادية وراء قرار رفع أسعار البنزين
تواجه إيران ضغوطًا اقتصادية هائلة، تتفاقم بسبب انخفاض قيمة الريال الإيراني والعقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي. هذه العوامل مجتمعة جعلت تكلفة دعم أسعار الوقود باهظة للغاية. إيران كانت من بين الدول التي تقدم أكبر دعم للطاقة في العالم، حيث قدرت وكالة الطاقة الدولية هذا الدعم بحوالي 52 مليار دولار في عام 2022.
الخبير الاقتصادي حسين رغفار يرى أن الزيادات السابقة في أسعار البنزين، منذ عام 2009، لم تحقق النتائج المرجوة، بل ساهمت في تفاقم المشاكل الاقتصادية مثل التضخم وعجز الموازنة. ويضيف رغفار أن الدعم الحكومي للطاقة لم ينجح في تقليل عجز الموازنة، بل أدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية.
تفاصيل نظام التسعير الجديد للبنزين
النظام الجديد يضيف شريحة تسعير ثالثة إلى نظام الدعم القائم في البلاد. سيستمر السائقون في الحصول على حصة مدعومة قدرها 60 لترًا (15 جالونًا) شهريًا بسعر 15000 ريال للتر (حوالي 1.25 سنت أمريكي). كما سيظل سعر الـ 100 لتر التالية (26 جالونًا) عند 30 ألف ريال للتر (حوالي 2.5 سنت).
أما الكميات التي تتجاوز ذلك، فستخضع للأسعار الجديدة التي تبلغ 50 ألف ريال للتر (حوالي 4 سنتات). على الرغم من هذه الزيادة، لا تزال أسعار الوقود في إيران من بين الأقل في العالم.
ردود فعل متباينة من المواطنين
ردود الفعل على الزيادة كانت متباينة. في بعض محطات الوقود بشمال طهران، بدا السائقون متقبلين للقرار، خاصة في ظل الطقس البارد والواضح. لكن الغضب كان حاضرًا أيضًا، كما عبر عنه سعيد محمدي، سائق سيارة الأجرة، قائلاً: “سخطنا ليس له نتيجة. الحكومة تفعل ما يحلو لها، ولا تسأل الناس إذا كانوا موافقين أم لا”.
حميد رضابور، صراف في بنك، يرى أن الحكومة ليس لديها خيار سوى زيادة الأسعار لإدارة الاقتصاد، واصفًا إياها بـ “ضريبة غير مباشرة”.
تداعيات محتملة وتوقعات مستقبلية
هذه الخطوة تمثل أهم تغيير في نظام دعم الوقود الإيراني منذ عام 2019. الزيادة السابقة في الأسعار أثارت احتجاجات واسعة النطاق، مما يثير المخاوف من تكرار السيناريو ذاته. المنتقدون يحذرون من أن كل زيادة قدرها 10 آلاف ريال في أسعار البنزين قد تؤدي إلى زيادة بنسبة 5% في معدل التضخم، الذي يتجاوز حاليًا 40% سنويًا.
ومع ذلك، يرى وزير النفط محسن باكنيجاد أن هذه الزيادة هي “بداية لتعديل اتجاه استهلاك الوقود”. وتشير تصريحات المسؤولين إلى أن إيران قد تسعى إلى زيادات حادة في الأسعار في المستقبل، حيث تخطط الحكومة لمراجعة الأسعار كل ثلاثة أشهر.
أهمية البنزين الرخيص للاقتصاد الإيراني
على الرغم من الضغوط الاقتصادية، يظل البنزين الرخيص ذا أهمية كبيرة للاقتصاد الإيراني. هناك حوالي 25 مليون مركبة في البلاد، بما في ذلك 3 ملايين سيارة عامة وحكومية و6 ملايين دراجة نارية. ويعمل أكثر من 8 ملايين إيراني كسائقي سيارات أجرة من خلال منصات الإنترنت، وهو ما يمثل حوالي 10% من السكان. هذا يدل على أن تكلفة البنزين تؤثر بشكل مباشر على دخل شريحة كبيرة من المجتمع.
الخلاصة
قرار إيران بزيادة أسعار البنزين هو انعكاس للضغوط الاقتصادية الهائلة التي تواجهها البلاد. في حين أن هذه الخطوة قد تساعد في تخفيف العبء على الميزانية، إلا أنها تحمل أيضًا مخاطر اجتماعية واقتصادية. من المرجح أن تستمر الحكومة في مراجعة أسعار الوقود في المستقبل، في محاولة لإيجاد توازن بين الحاجة إلى دعم الاقتصاد وتجنب إثارة احتجاجات شعبية واسعة النطاق. يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه الإجراءات ستنجح في تحقيق الاستقرار الاقتصادي في إيران.
الكلمات المفتاحية: أسعار البنزين في إيران، أسعار الوقود، تكلفة البنزين، دعم الوقود في إيران.
