انفجار مصنع غراء في فيصل آباد الباكستانية يخلف عشرات الضحايا

شهدت مدينة فيصل آباد بإقليم البنجاب في باكستان، يوم الجمعة، كارثة مأساوية بعد انفجار مصنع غراء، خلّف حتى الآن ما لا يقل عن 18 قتيلاً و21 جريحاً. وقد أثار هذا الحادث موجة من الصدمة والغضب في البلاد، وتسلط الضوء على مشكلة معايير السلامة المتدنية في المصانع الباكستانية. التفاصيل التالية تلقي الضوء على ملابسات الحادث، جهود الإنقاذ، والتحقيقات الجارية.

تفاصيل الحادث: دمار شامل وذعر في فيصل آباد

وقع الانفجار في مصنع لإنتاج الغراء شرق باكستان، وتحديداً في منطقة صناعية في فيصل آباد. وبحسب التقارير الأولية وشهادات العيان، كان الانفجار قوياً للغاية، لدرجة أنه أدى إلى تدمير كامل للمبنى الرئيسي للمصنع وإلحاق أضرار جسيمة بالعديد من المنازل المجاورة. أشعل الانفجار حريقاً هائلاً انتشر بسرعة، مما أدى إلى تفاقم الوضع وصعوبة عمليات الإنقاذ.

رجال الإطفاء وفرق الإنقاذ هرعوا إلى مكان الحادث، وعملوا لساعات طويلة لانتشال الجثث والناجين من تحت الأنقاض. وقد وصف السكان المحليون المشهد بأنه مروع، حيث سمعوا دوياً قوياً وشاهدوا ألسنة اللهب تتصاعد إلى السماء. وقال شهود عيان إنهم شعروا وكأن “زلزالاً” ضرب المنطقة، وأن المنازل المجاورة انهارت بسبب قوة الانفجار. كما أفادوا بوجود حالة من الذعر والفوضى العارمة بين السكان الذين فروا من منازلهم خوفاً من المزيد من الانفجارات أو انهيار المباني.

التحقيقات الأولية: تسرب غاز هو المشتبه به الرئيسي

في أعقاب الحادث، فتحت السلطات تحقيقاً موسعاً لتحديد الأسباب الحقيقية وراء انفجار مصنع الغراء. في البداية، لم يكن من الواضح سبب الانفجار، لكن قائد شرطة البنجاب، عثمان أنور، صرح بأنه لم يتم تحديد السبب بشكل قاطع بعد.

لاحقاً، رجحت الشرطة أن يكون تسرب الغاز هو السبب الرئيسي للانفجار، لكنها أكدت أن التحقيق لا يزال مستمراً لتحديد مصدر التسرب وظروفه الدقيقة. وقد ألقت الشرطة القبض على مدير المصنع، وتواصل البحث عن صاحب المصنع الذي فر بعد وقت قصير من الحادث. يسعى المحققون أيضاً إلى تحديد ما إذا كان هناك أي إهمال أو مخالفات في إجراءات السلامة بالمصنع ساهمت في وقوع الكارثة.

ومن الأمور التي يركز عليها التحقيق أيضاً، هي قانونية بناء المصنع في منطقة سكنية، حيث أشار المسؤول المحلي رجا جهانجير إلى أن تصاريح البناء قد تكون سمحت بذلك بشكل غير قانوني، في انتهاك لقوانين البناء والسلامة.

تداعيات الحادث: تعازي حكومية ومطالبات بتحسين السلامة

أعربت رئيسة وزراء البنجاب، مريم نواز شريف، عن تعازيها الحارة لضحايا انفجار مصنع الغراء وعائلاتهم، وأمرت بتقديم أفضل رعاية طبية ممكنة للمصابين. كما وجهت تعليمات بفتح تحقيق شامل وشفاف لتحديد المسؤولين عن الحادث ومحاسبتهم.

هذا الحادث المأساوي أعاد إلى الواجهة قضية معايير السلامة المتدنية في المصانع الباكستانية، والتي تعتبر سبباً متكرراً للحوادث الصناعية وحرائق المصانع. ففي عام 2024، أصيب العشرات من العمال في انفجار مرجل مماثل في مصنع نسيج في فيصل آباد. وفي الأسبوع الماضي أيضاً، أدى انفجار في مصنع للألعاب النارية إلى مقتل أربعة أشخاص في مدينة كراتشي الساحلية.

شهادات الناجين: لحظات رعب لا تُنسى

شارك بعض الناجين من انفجار مصنع الغراء قصصهم المروعة عن اللحظات التي عاشوها. قال محمد إقبال، أحد المصابين في المستشفى المحلي، إنه شعر وكأن “زلزالاً” قد ضرب المنطقة، وأن “أسطح وجدران المنازل المجاورة انهارت”. وأضاف أن زوجته وابنه أصيبا أيضاً، لكن حالتهما مستقرة.

كما روى نديم ظفر، 45 عاماً، كيف خرج مسرعاً من منزله بعد سماع دوي الانفجار، ووصف مشهد الفوضى العارمة الذي أعقب ذلك. وقال عبر الهاتف لوكالة أسوشيتد برس: “رأيت ألسنة اللهب والدخان الكثيف يتصاعد”. “كان الناس يصرخون، ويركضون في كل اتجاه، ويطلبون المساعدة”.

خلاصة.. الحاجة الملحة لتحسين إجراءات السلامة

يعد انفجار مصنع الغراء في فيصل آباد تذكيراً مؤلماً بالحاجة الملحة لتحسين معايير السلامة في المصانع الباكستانية. يجب على الحكومة والسلطات المعنية تشديد الرقابة على المصانع، والتأكد من التزامها بإجراءات السلامة اللازمة. ينبغي أيضاً توعية العمال بأهمية السلامة، وتزويدهم بالتدريب المناسب للتعامل مع المواد الخطرة والمعدات الصناعية. فحياة البشر هي أثمن ما نملك، ولا يمكن التهاون في حمايتها. هذا الحادث يستدعي وقفة جادة ومراجعة شاملة لإجراءات السلامة الصناعية في باكستان لتجنب تكرار هذه المآسي في المستقبل. معايير السلامة الصارمة ليست مجرد متطلبات قانونية، بل هي مسؤولية أخلاقية تجاه العمال والمجتمع ككل.

شاركها.