تُعد حركة الشباب في الصومال، وما تمثله من تهديد متزايد، محور قلق دولي متصاعد. ففي تقرير حديث صادر عن خبراء الأمم المتحدة، تم التأكيد على أن هذه الجماعة المتطرفة لا تزال تشكل أكبر تهديد مباشر للسلام والاستقرار ليس فقط في الصومال، بل وفي منطقة شرق أفريقيا بأكملها، وخاصةً كينيا. وعلى الرغم من الجهود المشتركة التي تبذلها القوات الصومالية والدولية، لا يزال تنظيم الشباب يحافظ على قدرته على تنفيذ هجمات معقدة، مما يستدعي تضافر الجهود لمواجهة هذا التحدي.

التهديد المستمر لحركة الشباب في الصومال والمنطقة

تستمر حركة الشباب في نشاطاتها الإرهابية، معتمدةً على استراتيجيات متنوعة تتجاوز مجرد الهجمات المسلحة. فبالإضافة إلى قدرتها على تنفيذ عمليات في العاصمة مقديشو، كما حدث في محاولة اغتيال الرئيس الصومالي في مارس الماضي، تعتمد الجماعة على الابتزاز، والتجنيد القسري، واستخدام الدعاية الفعالة لترويع السكان وزيادة نفوذها. هذا التنوع في الأساليب يجعل من الصعب للغاية احتواء تهديدها.

هجمات متصاعدة في كينيا

تُشكل كينيا هدفًا رئيسيًا لعمليات حركة الشباب، حيث يبلغ متوسط الهجمات حوالي ستة هجمات شهريًا. تركز هذه الهجمات بشكل خاص في مقاطعتي مانديرا ولامو، الواقعتين على الحدود مع الصومال، وتتراوح بين تفجيرات تستهدف قوات الأمن، وهجمات على البنية التحتية، وعمليات اختطاف، ومداهمات على المنازل وسرقة الماشية. هذه الهجمات المتكررة تؤثر بشكل كبير على الأمن والاستقرار في المناطق الحدودية الكينية.

أهداف حركة الشباب: الإطاحة بالحكومة وتأسيس دولة إسلامية

لا يزال الهدف الرئيسي لـ حركة الشباب هو الإطاحة بالحكومة الصومالية الحالية، و”تخليص” البلاد من أي وجود للقوات الأجنبية. بالإضافة إلى ذلك، تسعى الجماعة إلى إقامة ما تسميه “الصومال الكبير”، وهو مشروع يهدف إلى ضم جميع الصوماليين العرقيين في دول شرق أفريقيا تحت حكم إسلامي صارم. هذا الطموح التوسعي يمثل تهديدًا وجوديًا للدول المجاورة ويؤجج الصراعات العرقية والدينية في المنطقة.

صعود تنظيم داعش-الصومال: تهديد متزايد

بالتوازي مع نشاط حركة الشباب، يشهد الصومال صعود تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) المعروف باسم داعش-الصومال. على الرغم من أن عدد مقاتلي هذا التنظيم لا يزال أقل بكثير من عدد مقاتلي حركة الشباب، إلا أن خبراء الأمم المتحدة يحذرون من أن توسع نفوذه يمثل تهديدًا كبيرًا للأمن الإقليمي.

تجنيد مقاتلين أجانب

تشير التقارير إلى أن داعش-الصومال يجذب مقاتلين من جميع أنحاء العالم، مع غالبية كبيرة منهم من دول شرق أفريقيا. بحلول نهاية عام 2024، قدرت قوة هذا التنظيم بأكثر من 1000 مقاتل، 60٪ منهم على الأقل من المقاتلين الأجانب. هذا التدفق من المقاتلين الأجانب يزيد من تعقيد الوضع الأمني في الصومال ويساهم في انتشار الأيديولوجيات المتطرفة.

محدودية الموارد وتأثيرها على التهديد

على الرغم من محدودية موارده المالية وقوته البشرية مقارنة بـ حركة الشباب، إلا أن داعش-الصومال يتمتع بقدرة متزايدة على التوسع والتأثير. يعزى هذا إلى عدة عوامل، بما في ذلك الاستغلال الجيد لوسائل التواصل الاجتماعي، والتركيز على تجنيد الشباب المهمش، والقدرة على استقطاب المقاتلين الذين يبحثون عن تنظيم أكثر تطرفًا من حركة الشباب.

تمديد التفويض الأممي لقوة “الدعم وتحقيق الاستقرار”

في خطوة تعكس القلق الدولي المتزايد بشأن الوضع الأمني في الصومال، صوت مجلس الأمن الدولي بالإجماع على تمديد التفويض لقوة “الدعم وتحقيق الاستقرار” التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال حتى 31 ديسمبر 2026. تتكون هذه القوة من 11826 فردًا نظاميًا، بما في ذلك 680 شرطيًا، وتلعب دورًا حاسمًا في دعم جهود الحكومة الصومالية لمكافحة الإرهاب وتعزيز الاستقرار.

أهمية الدعم الإقليمي والدولي

إن مواجهة التهديد الذي تمثله حركة الشباب وتنظيم داعش-الصومال تتطلب تعاونًا وثيقًا بين الحكومة الصومالية والدول المجاورة، بالإضافة إلى دعم قوي من المجتمع الدولي. يجب على كينيا، على وجه الخصوص، أن تعزز إجراءاتها الأمنية على طول حدودها مع الصومال، وأن تعمل بشكل وثيق مع الحكومة الصومالية لتبادل المعلومات الاستخباراتية وتنسيق الجهود لمكافحة الإرهاب. بالإضافة إلى ذلك، يجب على المجتمع الدولي الاستمرار في تقديم الدعم المالي والتقني للحكومة الصومالية لتعزيز قدراتها الأمنية والتنموية.

في الختام، يظل الوضع الأمني في الصومال والمنطقة المحيطة به معقدًا وحساسًا. إن حركة الشباب، بتنوع أساليبها وقدرتها على التكيف، لا تزال تشكل تهديدًا كبيرًا للسلام والاستقرار. ومع ظهور تنظيم داعش-الصومال، يزداد هذا التهديد تعقيدًا. لذا، فإن تضافر الجهود الإقليمية والدولية، وتعزيز التعاون الأمني، والاستثمار في التنمية المستدامة، هي مفاتيح أساسية لتحقيق الاستقرار الدائم في الصومال ومنطقة شرق أفريقيا. ندعو إلى مزيد من التحليل والبحث حول هذه القضايا، ونشجع القراء على مشاركة آرائهم ومقترحاتهم حول كيفية مواجهة هذا التحدي.

شاركها.
Exit mobile version