جاردن جروف، كاليفورنيا – افتتح متحف تفاعلي فريد من نوعه أبوابه في حرم كاتدرائية المسيح في جنوب كاليفورنيا، مخصصًا لـ كفن تورينو، وهو القماش الذي يعتقد البعض أنه كفن دفن السيد المسيح. يهدف هذا المعرض المذهل، الذي تبلغ قيمته 5 ملايين دولار، إلى تقديم تجربة غامرة للزوار، تجمع بين العلم والإيمان والتاريخ الغني المرتبط بهذا الأثر المحير.
ما هو كفن تورينو ولماذا يخلق كل هذا الجدل؟
كفن تورينو هو قطعة قماش كتانية يبلغ طولها 14 قدمًا وعرضها 3.5 قدم، تحمل صورة باهتة لرجل يظهر عليها علامات إصابات تتوافق مع الوصف التقليدي لمعاناة يسوع المسيح. يحتفظ بالكفن الأصلي في كاتدرائية القديس يوحنا المعمدان في تورينو بإيطاليا، داخل صندوق محكم الإغلاق ومُتحكم في المناخ، بسبب حساسيته الشديدة. هذا المتاحف الجديد في كاليفورنيا، يتيح للجمهور فرصة استثنائية للتعرف على القماش وتاريخه، دون الحاجة للسفر إلى إيطاليا.
يعتبر الكفن رمزًا قويًا للإيمان بالنسبة للمسيحيين، لكنه أيضًا موضوع نقاش وجدل علمي مستمر. الفاتيكان نفسه يصفه بأنه “صورة مؤثرة لمعاناة المسيح” ولكنه لا يدعي صحته. تاريخ كفن تورينو يمتد لقرون، وقد خضع للعديد من التحاليل والاختبارات، بما في ذلك اختبارات التأريخ بالكربون المشع.
“كفن تورينو: تجربة غامرة” – رحلة عبر الزمان والإيمان
تم تطوير المعرض على مدى ثلاث سنوات بتمويل من التبرعات الخاصة، وبإشراف شركة Othonia, Inc.، وهي مجموعة مقرها روما متخصصة في دراسة كفن تورينو. يمتد المعرض على مساحة 10,000 قدم مربع، ويضم مجموعة متنوعة من المعروضات التفاعلية.
التقنيات المستخدمة في المعرض
من بين أبرز معالم المعرض مسارح تعرض صورًا بزاوية 360 درجة، ونسخ طبق الأصل ذات جودة عالية من الكفن، وأكشاك تفاعلية تتيح للزوار التعرف على الأبحاث العلمية التي أجريت على القماش، بالإضافة إلى تمثال بالحجم الطبيعي للمسيح. إحدى التجارب الأكثر إثارة هي إعادة خلق قيامة المسيح، حيث يجلس الزوار في نموذج لقبر، ويشاهدون اختفاء الصورة الظاهرة على الكفن في وميض من الضوء. كما يعرض المتحف نسخًا من الرمح الذي يعتقد أنه اخترق صدر المسيح وخوذة الشوك.
البحث العلمي وراء المعرض
يرتكز المعرض بشكل كبير على الأبحاث العلمية المكثفة التي أجريت على كفن تورينو. يركز المعرض على دراسات أجريت في عام 1978 من قبل فريق من العلماء بقيادة جون جاكسون، حيث توصلوا إلى أن القماش لا يبدو أنه عمل فني مُصنّع، وأن بقع الدماء الموجودة عليه دماء بشرية حقيقية. والأهم من ذلك، وجدوا أن طريقة تشكيل الصورة على الكفن لا يمكن تفسيرها بالعمليات الفيزيائية أو الكيميائية أو البيولوجية المعروفة.
الجدل حول التأريخ والآثار المحتملة
لا يزال تأريخ كفن تورينو مثارًا للجدل. تشير اختبارات التأريخ بالكربون المشع إلى أن القماش يعود إلى القرن الثالث عشر أو الرابع عشر الميلادي، لكن العديد من المؤمنين – ومن بينهم علماء بارزون – يعتقدون أن هذه النتائج قد تكون ملوثة وغير دقيقة. ويرون أن القماش قد يكون أقدم بكثير، مستندين إلى أدلة مثل وجود حبوب اللقاح التي تنتمي إلى نباتات تنمو فقط في منطقة القدس، وأن القماش منسوج بنمط فريد من نوعه كان شائعًا في القرن الأول الميلادي.
يرى بعض العلماء أن الصورة على الكفن قد تكون تشكلت نتيجة لانفجار من الإشعاع، وهو ما يتطلب كمية هائلة من الطاقة. يقترحون أن الجسد قد تبخر ببساطة، تاركًا بصمته على الكتان. هذا الجانب من البحث يضيف بعدًا علميًا مثيرًا للاهتمام على النقاش الدائر حول أصل كفن تورينو.
هدف المعرض وتأثيره المحتمل
يهدف القس تيموثي فرير، الأسقف المساعد في الأبرشية، إلى أن يعزز المعرض قوة محبة الله في نفوس الزائرين، سواء كانوا متدينين أو متشككين أو حتى غير مؤمنين. يهدف المعرض إلى إثارة التساؤلات وعزز الإيمان.
وفقا لرودى ديكتل أحد العلماء الذين شاركوا في دراسات القماش عام 1978، فإن المعرض يقدم فرصة فريدة لمشاهدة القماش عن قرب، مما يجعل معانات المسيح وتضحياته أكثر واقعية و تأثيرًا.
من المتوقع أن يستمر المعرض في جاردن جروف حتى عام 2030 على الأقل، ويتوقع القائمون عليه استقبال أعداد كبيرة من الزوار من جميع أنحاء العالم. هذا المعرض هو بالتأكيد حدث مهم للمهتمين بالدين والتاريخ والعلم، ويوفر فرصة لا تُفوّت للتأمل في أحد أكثر الألغاز الدينية إثارة للجدل في التاريخ.
المتحف الجديد هو فرصة للتعمق في دراسة كفن تورينو والتفكر في الرسالة التي يحملها، وربما إيجاد معنى جديد للإيمان والأمل. الجدل الدائر حول هذا الأثر الغامض سيستمر بلا شك، ولكن هذا المعرض يوفر منصة رائعة لاستكشاف جميع الجوانب، من العلمية إلى الروحية.

