قطاع غزة على أعتاب مرحلة جديدة: هيئة دولية للإشراف على إعادة الإعمار ووقف إطلاق النار
يشهد قطاع غزة تطورات متسارعة نحو تحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار في ظل اتفاق وقف إطلاق النار الهش الذي بدأ في العاشر من أكتوبر. حيث كشفت مصادر دولية عن خطة لإنشاء هيئة دولية للإشراف على المرحلة القادمة، وذلك بدعم أمريكي وبتفويض من الأمم المتحدة. هذه الخطوة، التي من المتوقع الإعلان عنها بحلول نهاية العام، تأتي في إطار جهود مكثفة لإعادة بناء القطاع الذي دمرته الحرب، وضمان الأمن والاستقرار على المدى الطويل.
مجلس السلام الدولي: هيكل التفويض والتشكيل
وفقًا للاتفاق، ستتولى هيئة دولية، يُعرف باسم “مجلس السلام”، مسؤولية الإشراف على عملية إعادة إعمار غزة. ومن المقرر أن يرأس المجلس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ويضم في عضويته نحو عشرة قادة من دول الشرق الأوسط والغرب. سيحصل المجلس على تفويض لمدة عامين من الأمم المتحدة، قابل للتجديد، مما يمنحه صلاحيات واسعة لتوجيه وتنفيذ خطط إعادة الإعمار.
هذا التشكيل الدولي يهدف إلى ضمان الحياد والشفافية في توزيع المساعدات وتنفيذ المشاريع، بالإضافة إلى توفير ضمانات أمنية تمنع استئناف الأعمال القتالية. تعتبر هذه الهيئة جزءًا من خطة أوسع نطاقًا تتكون من 20 نقطة، تهدف إلى معالجة الأسباب الجذرية للصراع ووضع أسس دائمة للسلام.
إدارة غزة المدنية: لجنة تكنوقراط فلسطينية
بالتوازي مع تشكيل مجلس السلام الدولي، سيتم الإعلان عن لجنة من التكنوقراط الفلسطينيين لتولي الإدارة اليومية لقطاع غزة بعد انتهاء الحرب. هذه اللجنة ستعمل تحت إشراف المجلس الدولي، وستكون مسؤولة عن تنفيذ الخطط والمشاريع المتعلقة بإعادة الإعمار، وتقديم الخدمات الأساسية للسكان، وإدارة الشؤون المدنية.
يهدف هذا النهج إلى تمكين الفلسطينيين من تولي مسؤولية مستقبلهم، مع توفير الدعم والإشراف الدوليين اللازمين لضمان النجاح. من المتوقع أن يتم الإعلان عن تفاصيل هذه اللجنة خلال اجتماع مرتقب بين الرئيس ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
نزع سلاح حماس والقوة الدولية لحفظ الأمن
أحد الشروط الرئيسية لاتفاق وقف إطلاق النار هو نزع سلاح حركة حماس، وهو مطلب أساسي لإسرائيل. ولتحقيق هذا الهدف، تقترح الخطة تشكيل قوة استقرار دولية مسلحة، ستتولى مسؤولية الحفاظ على الأمن وضمان تنفيذ عملية نزع السلاح.
المفاوضات جارية حاليًا لتحديد الدول التي ستشارك في هذه القوة، ومن المتوقع أن تبدأ في الانتشار في الربع الأول من عام 2026. تعتبر هذه القوة عنصرًا حاسمًا في تحقيق الاستقرار على المدى الطويل، ومنع عودة العنف إلى قطاع غزة. ومع ذلك، تواجه هذه الخطوة تحديات كبيرة، حيث ترفض حماس حتى الآن الموافقة على نزع سلاحها.
معبر رفح: تطورات إيجابية ومخاوف دولية
في تطور إيجابي، أعلنت إسرائيل عن نيتها إعادة فتح معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر في الأيام القادمة، مما سيتيح للفلسطينيين مغادرة القطاع. هذا الإجراء، الذي نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار، يمكن أن يوفر فرصة حيوية للسكان الذين يعانون من الظروف الإنسانية الصعبة.
إلا أن هذا الإعلان أثار “قلقًا عميقًا” لدى حكومات مصر والأردن والإمارات العربية المتحدة وإندونيسيا وباكستان وتركيا والمملكة العربية السعودية وقطر. تتمثل المخاوف الرئيسية في ضرورة أن يكون المعبر مفتوحًا في كلا الاتجاهين، للسماح للفلسطينيين بالعودة إلى غزة، بالإضافة إلى ضمان عدم استخدام الإجراءات كأداة للضغط السياسي أو الترحيل القسري. تصر مصر على أن يتم السماح بالحركة في كلا الاتجاهين، بينما تشترط إسرائيل إعادة رفات آخر الرهائن قبل السماح بالعودة.
التحديات المستمرة وارتفاع عدد الضحايا
على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار، لا تزال التحديات قائمة. يشهد قطاع غزة أعمال عنف متفرقة، مع اتهامات متبادلة بانتهاك الهدنة. وقد قتل الجيش الإسرائيلي عدة فلسطينيين في شمال غزة والضفة الغربية المحتلة خلال الأيام الأخيرة، مما يثير المخاوف من تصعيد الموقف.
تستمر الأزمة الإنسانية في غزة في التفاقم، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء والماء والدواء. وقد ارتفع عدد القتلى الفلسطينيين إلى أكثر من 70,100 شخص منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023، وفقًا لوزارة الصحة في غزة.
مستقبل غزة: آمال وتساؤلات
يمثل تشكيل الهيئة الدولية والإعداد لإعادة الإعمار خطوة مهمة نحو مستقبل أفضل لقطاع غزة. ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من التساؤلات حول كيفية تنفيذ هذه الخطة، وكيفية التعامل مع التحديات الأمنية والسياسية المعقدة.
بالإضافة إلى ذلك، يثير غياب صوت فلسطيني قوي في الهيئة، وعدم وجود ضمانات واضحة بشأن إقامة دولة فلسطينية، قلقًا بالغًا لدى العديد من الفلسطينيين. يبقى تحقيق السلام والاستقرار الدائم في غزة رهنًا بإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، يلبي تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والكرامة.
الكلمات المفتاحية: غزة، وقف إطلاق النار، إعادة الإعمار، حماس، مجلس السلام، معبر رفح، الأزمة الإنسانية.

