بوراس، كولومبيا – يراقب أوليفيريو كويرا، وهو من السكان الأصليين، بركان بوراس عن كثب، فهو جزء لا يتجزأ من حياته وروحانيته. على الرغم من التحذيرات المتزايدة من احتمال ثوران وشيك، يواصل كويرا رعاية ماشيته بالقرب من البركان، معربًا عن عدم خوفه العميق المتجذر في تاريخه وعلاقته الوثيقة بهذه الأرض المقدسة. هذا المقال يتناول حالة التأهب الحالية حول بركان بوراس، ردود فعل السكان المحليين، وجهود الاستعداد للطوارئ، والأهمية الثقافية العميقة للبركان بالنسبة لشعب كوكونوكو.

حالة التأهب حول بركان بوراس: تصاعد النشاط الزلزالي

أعلنت السلطات الكولومبية حالة تأهب برتقالية حول بركان بوراس في 29 نوفمبر، بعد رصد زيادة ملحوظة في النشاط الزلزالي وانبعاث أعمدة من الرماد والدخان تصل إلى 900 متر. هذا النشاط يثير قلقًا بالغًا، حيث أن بركان بوراس يعتبر من بين أكثر البراكين نشاطًا في كولومبيا، مع سجل حافل بالثورات يعود إلى عام 1400، حيث سجلت ما لا يقل عن 51 ثورانًا. آخر ثوران كبير شهده البركان كان في عام 1977، مما يجعله خطرًا دائمًا على المجتمعات المحيطة.

تقييم المخاطر وجهود الإخلاء الوقائي

تقوم الخدمة الجيولوجية الكولومبية بمراقبة دقيقة للبركان، وتقييم المخاطر المحتملة بشكل مستمر. في الوقت الحالي، تستعد السلطات لإجلاء وقائي لما لا يقل عن 800 شخص يعيشون في المناطق المعرضة للخطر على أطراف البركان. تعتبر هذه العملية تحديًا لوجستيًا كبيرًا نظرًا للتضاريس الوعرة وتشتت المنازل بين الجبال.

العلاقة الروحية بين شعب كوكونوكو وبركان بوراس

بالنسبة لشعب كوكونوكو، السكان الأصليين الذين يعيشون تقليديًا حول بركان بوراس، فإن البركان ليس مجرد جبل، بل هو كائن مقدس، وروح حامية لأراضيهم. يعتقدون أن البركان يتواصل معهم من خلال انبعاث الرماد، ويرسل رسائل حول الحاجة إلى احترام الطبيعة ورعايتها.

قال ألفريدو مانكيلو، نائب حاكم بوراس: “البركان هو سيدنا، وليس لدينا سبب للخوف منه. لهذا السبب نحترمها ونؤدي الطقوس باسمها.” تتضمن هذه الطقوس تقديم القرابين من الذرة البركانية والنباتات الحلوة والمشروبات الكحولية التقليدية المصنوعة من الفاكهة، المعروفة باسم جوارابو.

ردود فعل السكان المحليين: بين التأهب والثقة

على الرغم من حالة التأهب، يظهر العديد من السكان المحليين، مثل أوليفيريو كويرا، ثقة عميقة في البركان. يعزو كويرا، البالغ من العمر 65 عامًا، عدم خوفه إلى نشأته في ظل البركان، وعيشه معه طوال حياته. “لقد عشت في البركان، ونشأت هناك… لذا ليس لدي سبب للخوف منه. سأستمر في الذهاب إلى هناك، سواء كنت في حالة تأهب أم لا. يجب أن أعتني بحيواناتي”، كما صرح لوكالة أسوشيتد برس.

ومع ذلك، فإن التوتر يسود بين أفراد المجتمع، خاصةً الأصغر سنًا الذين يشهدون نشاط البركان لأول مرة. يسعى كبار السن الذين شهدوا ثورانات سابقة إلى طمأنتهم وتذكيرهم بأهمية احترام البركان.

تحديات الاستعداد والإخلاء في بوراس

تواجه بوراس تحديات كبيرة في الاستعداد لثوران محتمل. تفتقر البلدة إلى البنية التحتية والخدمات اللوجستية اللازمة لعملية إخلاء كاملة. تعمل السلطات حاليًا على إنشاء ملاجئ مؤقتة، لكنها تحتاج أيضًا إلى توفير صهاريج تخزين المياه والغذاء، وحلول لحماية الماشية والحيوانات الأليفة، التي تعتبر مصدر رزق أساسي للمجتمع الزراعي.

قال رينالدو بيزو، 75 عامًا، الذي يعيش في منطقة خطرة: “كما يقول بعض رفاقنا: إذا كان علينا أن نموت هنا، فسوف نموت هنا. لكننا لن نذهب إلى مكان آخر لنموت من الجوع فقط”. هذا التصريح يعكس التحديات المعقدة التي تواجهها السلطات في إقناع السكان المحليين بالإخلاء، خاصةً أولئك الذين يعتمدون بشكل كبير على أراضيهم ومواشيهم.

استغلال البركان: من الكبريت إلى السياحة

يشير مانكيلو إلى أن العلاقة بين السكان المحليين والبركان ليست خالية من الاستغلال. فقد تم استخراج الكبريت من البركان لمدة 60 عامًا تقريبًا، مما أثر على البيئة. الآن، مع تزايد السياحة، هناك مخاوف من أن يتم استغلال البركان بطرق أخرى. يعتقد مانكيلو أن البركان “يقول: أنا الشخص المسؤول، أنا الشخص الذي يملك السلطة.”، مؤكدًا على الحاجة إلى ممارسات مستدامة تحترم البيئة وتضمن رفاهية المجتمع.

في الختام، حالة بركان بوراس الحالية هي تذكير بقوة الطبيعة وأهمية الاستعداد للطوارئ. ومع ذلك، فإنها أيضًا تسلط الضوء على العلاقة العميقة والمعقدة بين شعب كوكونوكو والبركان، والتي تتجاوز مجرد الخوف والتهديد. فالبركان هو جزء لا يتجزأ من هويتهم الثقافية وروحانيتهم، ويتطلب احترامًا ورعاية مستمرين. لمتابعة آخر التطورات حول النشاط البركاني في كولومبيا، يمكنكم زيارة موقع الخدمة الجيولوجية الكولومبية.

شاركها.
Exit mobile version