تدهور الأوضاع الإنسانية في كوبا: دعوات أممية لرفع الحظر الاقتصادي
تواجه كوبا تحديات اقتصادية وإنسانية متزايدة، وتلقي الأمم المتحدة الضوء على تأثير العقوبات الأمريكية المستمرة على حياة الشعب الكوبي. حث خبير حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، مؤخرًا، الولايات المتحدة على رفع الحظر على كوبا، مؤكدًا أنه يؤثر سلبًا على جميع جوانب الحياة في الجزيرة، بما في ذلك الرعاية الصحية والتغذية والتعليم. هذا الوضع يفاقم الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها كوبا منذ عام 2020، ويؤدي إلى تدهور مستمر في مستوى معيشة المواطنين.
تقرير الأمم المتحدة: تفاقم الأزمة الإنسانية
أكدت ألينا دوهان، المقررة الخاصة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، خلال زيارتها الثانية لكوبا في عام 2024، أن الوضع قد تدهور بشكل ملحوظ مقارنة بزيارتها السابقة في عام 2023. وأشارت إلى أن الإجراءات الأكثر صرامة التي فرضتها واشنطن تزيد من معاناة الشعب الكوبي، خاصة الفئات الأكثر ضعفًا.
تأثير الحظر على الصحة والتغذية
أوضحت دوهان أن نقص الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية أصبح مشكلة حادة، حيث أن 69% من الأدوية الضرورية غير متوفرة. هذا النقص يؤدي إلى ارتفاع معدلات الوفيات وتدهور الخدمات الصحية بشكل عام. بالإضافة إلى ذلك، فإن ارتفاع التضخم وندرة الموارد يجعل الحصول على التغذية السليمة أمرًا صعبًا للغاية، خاصة بالنسبة للأسر ذات الدخل المنخفض. هذا بدوره يؤثر على الأطفال، حيث أن نقص الغذاء يؤدي إلى انخفاض التحاقهم بالمدارس وتراجع مشاركتهم في الأنشطة التعليمية والثقافية.
التعليم والخدمات الأساسية تحت الضغط
لا يقتصر تأثير الحظر على كوبا على الصحة والتغذية، بل يمتد ليشمل قطاع التعليم والخدمات الأساسية الأخرى. نقص الموارد يؤثر على جودة التعليم ويحد من فرص التعلم والتطور للأجيال القادمة. كما أن انقطاع التيار الكهربائي المستمر يعيق عمل المستشفيات والمدارس والمؤسسات الحكومية، مما يزيد من صعوبة الحياة اليومية للمواطنين.
تاريخ الحظر وتصاعد التوترات
يعود تاريخ الحظر الاقتصادي على كوبا إلى عام 1960، بعد الثورة الكوبية التي أطاحت بالديكتاتور فولجنسيو باتيستا. وقد فرضت الولايات المتحدة هذا الحظر ردًا على تأميم الممتلكات المملوكة للمواطنين والشركات الأمريكية. على الرغم من استعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في عام 2016، وتخفيف بعض القيود في عهد الرئيس باراك أوباما، إلا أن الحظر لم يُرفع بشكل كامل.
تراجع العلاقات بعد أوباما
بعد تولي الرئيس دونالد ترامب منصبه، شهدت العلاقات بين الولايات المتحدة وكوبا تدهورًا ملحوظًا. فرض ترامب عقوبات جديدة مشددة، واستمر في ذلك خلال ولاية الرئيس جو بايدن، بل وتم تشديدها مرة أخرى بعد عودة ترامب إلى السلطة هذا العام. هذا التصعيد في العقوبات ساهم بشكل كبير في تفاقم الأزمة الاقتصادية والإنسانية في كوبا.
موقف الأمم المتحدة والضغط الدولي
لطالما دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى إنهاء الحظر على كوبا، حيث صوتت بأغلبية ساحقة لصالح هذا القرار لمدة 33 عامًا متتاليًا، بما في ذلك في أواخر أكتوبر 2024. يعكس هذا التصويت الدولي الواسع نطاق الإدانة للحظر وتأثيره السلبي على الشعب الكوبي.
دعوات للتوقف عن “القيود القصوى”
تطالب المقررة الخاصة للأمم المتحدة، ألينا دوهان، الولايات المتحدة بالتوقف عن استخدام العقوبات و”القيود القصوى” كأداة للضغط السياسي. وتؤكد أن هذه القيود تؤثر بشكل غير متناسب على المدنيين، وتنتهك حقوقهم الأساسية في الصحة والتغذية والتعليم. كما تشير إلى أن هذه السياسات لا تحقق الأهداف المرجوة، بل تزيد من معاناة الشعب الكوبي وتعمق الأزمة الإنسانية. العقوبات الأمريكية على كوبا أصبحت، بحسب رأيها، عقابًا جماعيًا.
مستقبل كوبا والتحديات القادمة
يواجه الشعب الكوبي تحديات كبيرة في ظل استمرار الحظر الاقتصادي وتدهور الأوضاع الاقتصادية. من الضروري إيجاد حلول مستدامة لمعالجة هذه الأزمة، بما في ذلك رفع الحظر وتخفيف القيود التجارية والاستثمارية. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الحكومة الكوبية اتخاذ خطوات لتعزيز الإصلاحات الاقتصادية وتحسين إدارة الموارد. الوضع يتطلب أيضًا دعمًا إنسانيًا عاجلاً لتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان، خاصة في قطاعات الصحة والتغذية. الاستقرار السياسي والاقتصادي في كوبا يمثل مصلحة إقليمية ودولية، ويتطلب جهودًا مشتركة من جميع الأطراف المعنية.

