سلطت لجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان الضوء على قضية حقوقية مقلقة في السلفادور، حيث دعت الحكومة إلى توفير الحماية القانونية لثلاثة مواطنين سلفادوريين تم ترحيلهم من الولايات المتحدة. هذا التطور يأتي في سياق انتقادات واسعة النطاق لانتهاكات حقوق الإنسان المستمرة في البلاد، والتي تفاقمت منذ إعلان حالة الطوارئ في عام 2022. القضية تثير تساؤلات جوهرية حول الإجراءات القانونية الواجبة والوصول إلى العدالة في ظل الظروف الحالية.

تدهور أوضاع حقوق الإنسان في السلفادور: دعوة للتحرك

أفادت اللجنة، وهي ذراع لمنظمة الدول الأمريكية، بأن ويليام ألكسندر مارتينيز روانو (21 عامًا) وخوسيه أوسمين سانتوس روبلز (41 عامًا)، بالإضافة إلى براندون بلاديمير سيجاران كروز (22 عامًا)، محتجزون حاليًا في السلفادور دون السماح لهم بالتواصل مع محاميهم أو أسرهم. يُزعم أن سيجاران كروز عضو في عصابة مارا سالفاتروتشا، بينما لم يتم الكشف عن طبيعة التهم الموجهة إلى الآخرين. هذا الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي يمثل انتهاكًا صارخًا للحقوق الأساسية المكفولة دوليًا.

حالة الطوارئ والاعتقالات الجماعية

منذ مارس 2022، شهدت السلفادور حملة اعتقالات واسعة النطاق في محاولة لقمع عصابات الشوارع القوية، وذلك بموجب صلاحيات الطوارئ الممنوحة للرئيس نجيب بوكيلي. وقد أدت هذه الإجراءات إلى اعتقال ما يقرب من 90 ألف شخص، مما أثار مخاوف بشأن الاعتقالات التعسفية والافتقار إلى الإجراءات القانونية السليمة. تؤكد التقارير أن العديد من المعتقلين لا يتمتعون بالوصول إلى التمثيل القانوني أو التواصل مع عائلاتهم، مما يزيد من حدة القلق بشأن أوضاعهم.

طلبات الحماية رفضها مبدئيًا

تقدم أقارب ومحامون بطلبات للحصول على أمر قضائي للمثول أمام المحكمة نيابة عن الرجال الثلاثة. كما طلب التحالف غير الحكومي لحقوق الإنسان والديمقراطية من لجنة حقوق الإنسان اتخاذ تدابير حماية عاجلة. استجابت اللجنة واعتبرت أن هناك “خطرًا جسيمًا على حقوقهم في الحياة والرفاهية الشخصية”، وهو ما دفعها إلى الموافقة على طلب الحماية.

استجابة الحكومة السلفادورية المحدودة

ردت الحكومة السلفادورية على اللجنة بشأن وضع الرجال، ولكنها لم تنكر حقيقة احتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي، على الرغم من الطلب المحدد بتقديم معلومات حول إمكانية زيارتهم من قبل أقاربهم ومحاميهم. هذا التجاهل لطلب اللجنة يثير شكوكًا حول استعداد الحكومة للامتثال للمعايير الدولية لحقوق الإنسان. تدعي الحكومة أن اللجنة يجب أن تتجنب استخدامها من قبل أفراد لديهم سجل إجرامي.

سوابق مقلقة: استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان

لم يكن هذا هو أول تدخل للجنة لحماية حقوق الأفراد في السلفادور. في سبتمبر/أيلول، منحت اللجنة تدابير حماية للمحاميتين السلفادوريتين روث لوبيز وإنريكي أنايا، وهما منتقدتان للحكومة تم اعتقالهما واحتجازهما دون السماح لهما بالتواصل مع أحد. هذه الحوادث تشير إلى نمط مثير للقلق من استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين الذين يمثلون المتهمين في قضايا حساسة.

الاعتقالات الجماعية وتحديات الوصول إلى العدالة

يشير المحامي جايمي ماجانيا، من حركة “أجنحة من أجل الحرية”، إلى أن الأشخاص المحتجزين في السلفادور في ظل حالة الطوارئ المستمرة يواجهون بشكل عام صعوبة كبيرة في التواصل مع أسرهم أو محاميهم. يصف هذا الوضع بأنه “أمر تقوله (اللجنة) منذ بدء حالة الطوارئ”، مما يؤكد أن هذا ليس حادثًا معزولًا بل جزءًا من ممارسة أوسع.

قضية الفنزويليين المعتقلين: سياق أوسع

تجدر الإشارة إلى أن إدارة ترامب أرسلت في وقت سابق من هذا العام أكثر من 250 رجلًا فنزويليًا إلى السلفادور، متهمة إياهم بالانتماء إلى عصابة “ترين دي أراجوا”. تم سجن هؤلاء الأفراد في السلفادور، قبل إطلاق سراحهم لاحقًا إلى فنزويلا في يوليو مقابل إطلاق سراح 10 أمريكيين محتجزين في فنزويلا. هذه القضية تسلط الضوء على تعقيد الترحيلات والاعتقالات التي تتم في إطار جهود مكافحة العصابات، وتثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الإجراءات تتوافق مع المعايير القانونية والإنسانية.

تدهور الديمقراطية وحقوق الإنسان

هذه الأحداث، مجتمعة، تشير إلى تدهور مقلق للديمقراطية وسيادة القانون في السلفادور. إن الاعتقالات الجماعية، والافتقار إلى الإجراءات القانونية الواجبة، واستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان، كلها مؤشرات على أن الحكومة تتجاوز حدود سلطتها وتقوض الحقوق الأساسية للمواطنين.

الحاجة الملحة للتدخل الدولي والشفافية

من الضروري أن تولي المنظمات الدولية والمجتمع الدولي اهتمامًا وثيقًا بالوضع في السلفادور. يجب على الحكومة السلفادورية أن تلتزم بتعليمات لجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان وأن تقدم تقارير دورية عن حالة المعتقلين. بالإضافة إلى ذلك، يجب عليها السماح بإجراء تحقيق مستقل وشامل في مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان، وضمان وصول جميع المحتجزين إلى التمثيل القانوني والعادل. إن حماية حقوق الإنسان والدفاع عن سيادة القانون أمران ضروريان لبناء مجتمع سليم وديمقراطي في السلفادور، وهي مسؤولية تقع على عاتق الحكومة والمجتمع الدولي على حد سواء.

لمزيد من المعلومات حول حقوق الإنسان في السلفادور، يرجى زيارة منظمة العفو الدولية أو هيومن رايتس ووتش.

شاركها.
Exit mobile version