في تطور لافت للأحداث، رفضت محكمة الاستئناف الدولية في لاهاي، هولندا، طلب الإفراج عن الرئيس الفلبيني السابق، رودريغو دوتيرتي، لأسباب صحية. ويواجه دوتيرتي اتهامات خطيرة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، تتعلق بحربه المثيرة للجدل على المخدرات خلال فترة ولايته. هذه القضية تثير اهتمامًا دوليًا واسعًا، وتسلط الضوء على المساءلة عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

استمرار احتجاز دوتيرتي في لاهاي

أكدت القاضية لوز ديل كارمن إيبانيز كارانزا، خلال جلسة المحكمة في لاهاي، أن قرار مجلس النواب بإبقاء دوتيرتي رهن الاحتجاز كان مبررًا وغير معقول. وعلى الرغم من أن الرئيس السابق لم يكن حاضرًا في المحكمة يوم الجمعة، إلا أن محاميه، نيك كوفمان، أعلن عن نية الفريق القانوني إعادة تقديم طلب الإفراج عنه بعد نتائج الفحص الطبي المتوقع الشهر المقبل.

الحجج القانونية والدفاع عن دوتيرتي

يركز الدفاع على حالة دوتيرتي الصحية، مدعيًا أنه “عاجز ومنهك”، وأن استمرار احتجازه أثناء المحاكمة يعتبر قاسيًا وغير إنساني. وقد أُجلت الجلسة التمهيدية في سبتمبر في انتظار تقييم طبي شامل، حيث تشير ملفات الدفاع إلى تدهور القدرات المعرفية لدى دوتيرتي إلى حد يمنعه من مساعدة محاميه بشكل فعال.

ومع ذلك، وجدت المحكمة سابقًا أن هناك خطرًا كبيرًا من أن يرفض دوتيرتي العودة للمحاكمة، وأن حريته قد تستخدم لترهيب الشهود. هذا الخطر، بحسب المحكمة، لا يمكن تخفيفه ببساطة.

تفاصيل الاتهامات الموجهة لدوتيرتي

تتعلق الاتهامات الموجهة إلى دوتيرتي بفترة توليه منصب رئيس بلدية مدينة دافاو الجنوبية في الأول من نوفمبر 2011، وصولًا إلى انسحاب الفلبين من المحكمة الجنائية الدولية في 16 مارس 2019. وتتهمه المحكمة بإصدار تعليمات وأوامر بارتكاب “أعمال عنف، بما في ذلك القتل، ضد المجرمين المزعومين”، بمن فيهم تجار المخدرات ومتعاطيها.

حجم الخسائر البشرية خلال “الحرب على المخدرات”

تتباين التقديرات حول عدد القتلى خلال فترة ولاية دوتيرتي الرئاسية. تشير تقديرات الشرطة الوطنية إلى أكثر من 6000 قتيل، بينما تقدر جماعات حقوق الإنسان العدد بما يصل إلى 30000 قتيل. وقد أعربت عائلات الضحايا عن ارتياحها لاعتقال دوتيرتي في مارس الماضي، معتبرة إياه خطوة نحو تحقيق العدالة.

ردود الفعل والتحركات القانونية الأخرى

طلب الفريق القانوني لدوتيرتي نقله إلى عهدة دولة عضو أخرى في المحكمة الجنائية الدولية، لكن قضاة الاستئناف اتفقوا مع مجلس النواب على أن الخطر الذي يشكله إطلاق سراحه “لا يمكن تخفيفه” من قبل تلك الدولة.

التحقيق الأولي وانسحاب الفلبين من المحكمة

بدأ المدعون العامون للمحكمة الجنائية الدولية تحقيقًا أوليًا في أعمال العنف التي وقعت خلال فترة وجود دوتيرتي في السلطة في فبراير 2018. ردًا على ذلك، أعلن دوتيرتي، الذي كان لا يزال رئيسًا، بعد شهر أن الفلبين ستنسحب من المحكمة، في خطوة يعتبرها نشطاء حقوق الإنسان محاولة للتهرب من المساءلة.

تؤكد المحكمة أن الدول لا يمكنها استغلال حقها في الانسحاب من نظام روما الأساسي لحماية الأفراد من العدالة فيما يتعلق بالجرائم المزعومة التي تخضع للتحقيق.

موقف الحكومة الفلبينية الحالية وردود فعل عائلة دوتيرتي

اعترفت الحكومة الفلبينية الحالية، بقيادة الرئيس فرديناند ماركوس جونيور، بقرار المحكمة في لاهاي، وأعلنت احترامها له. ومع ذلك، ألقت عائلة دوتيرتي وحلفاؤه باللوم على الرئيس الحالي فيما زعموا أنه اعتقال واحتجاز غير قانوني للرئيس السابق.

وعلى الرغم من ذلك، أكدت عائلة دوتيرتي قبولها للقرار “بقلوب مسالمة”، وأعلنت استمرارها في العمل مع فريق الدفاع ودعم الرئيس السابق.

مستقبل القضية وتداعياتها

تظل قضية جرائم ضد الإنسانية الموجهة إلى رودريغو دوتيرتي قضية معقدة ومثيرة للجدل. من المتوقع أن تستمر الإجراءات القانونية، مع التركيز على نتائج الفحص الطبي المتوقع الشهر المقبل. هذه القضية لها تداعيات كبيرة على المساءلة عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وعلى دور المحكمة الجنائية الدولية في تحقيق العدالة في مثل هذه الحالات. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه القضية تلقي الضوء على أهمية المساءلة الدولية وضرورة احترام سيادة القانون.

هذا التطور يمثل لحظة حاسمة في سعي تحقيق العدالة لضحايا “الحرب على المخدرات” في الفلبين، ويؤكد على أهمية العدالة الجنائية الدولية في التعامل مع الجرائم الأكثر خطورة التي تثير قلق المجتمع الدولي.

شاركها.
Exit mobile version