في خضم الحياة اليومية الصاخبة في بنجلاديش، هز زلزال قوي البلاد يوم الجمعة، مخلّفًا وراءه موجة من الدمار والخوف. هذا الحدث المأساوي، الذي بلغت قوته 5.5 درجة على مقياس ريختر، سلط الضوء على هشاشة البنية التحتية في البلاد وأهمية الاستعداد للكوارث الطبيعية. وتسبب الزلزال في مقتل ثمانية أشخاص على الأقل وإصابة أكثر من 300 آخرين، وذلك وفقًا لتقارير رسمية وإعلامية محلية.

تفاصيل الزلزال وتداعياته الأولية

وقع الزلزال في الساعة 10:38 صباحًا بالتوقيت المحلي، وكان مركزه منطقة جوراشال في منطقة نارسيندي، على بُعد حوالي 25 كيلومترًا شمال العاصمة دكا. أفادت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية (USGS) بأن عمق الزلزال بلغ 10 كيلومترات، مما زاد من حدة تأثيره على سطح الأرض. تبع الزلزال اهتزازات عنيفة استمرت لعدة ثوانٍ، مما أثار الذعر بين السكان الذين هرعوا إلى الشوارع بحثًا عن الأمان.

وتشير التقارير إلى أن المباني في دكا نفسها اهتزت بشكل ملحوظ. وتسببت الهزات في انهيار أجزاء من المباني القديمة، خاصةً الجدران والأسطح، مما أدى إلى سقوط الضحايا. كما سقط جزء من سور مبنى في أحد شوارع العاصمة، مما أسفر عن وفاة ثلاثة أشخاص كانوا يتسوقون في محل جزارة قريب.

حوادث مؤلمة وانتشار الإصابات

تلفزيون دي بي سي ذكر أن من بين الضحايا طفلين، مما زاد من مأساة الحادث. وذكر شهود عيان، مثل محمد عارف، عن مشاهد مروعة لسقوط الطوب وإصابة الأشخاص. “سمعت ضجيجًا عاليًا، وعندما خرجت رأيت بعض الطوب قد سقط ورأيت بعض الأشخاص مصابين أيضًا”، هذا ما قاله عارف لوكالات الأنباء.

وقامت فرق الإطفاء والدفاع المدني بنشر فرقها في مختلف المناطق التي أفيد عن وجود مباني مائلة أو حرائق فيها، خاصةً في حي باريدهارا بدكا. كما تم نقل عدد كبير من المصابين إلى المستشفيات لتلقي العلاج، بما في ذلك مستشفى كلية الطب في دكا.

تداعيات في المناطق الصناعية والزحام

تأثرت منطقة غازيبور، الواقعة خارج دكا والتي تضم مئات من مصانع الملابس والمرافق الصناعية الأخرى، بشكل كبير بالزلزال. وذكرت صحيفة بروثوم ألو أن 252 شخصًا، معظمهم من عمال الملابس، نُقلوا إلى المستشفيات المحلية.

هذا العدد الكبير من الإصابات في منطقة غازيبور يعود جزئيًا إلى حالة الذعر التي سادت بين العمال الذين حاولوا الخروج من المصانع بسرعة أثناء الهزات، مما أدى إلى حدوث تدافع وتراكم الإصابات. صور بثتها المحطات التلفزيونية أظهرت أقارب الضحايا في حالة قلق وبكاء أثناء انتظارهم لمعرفة مصير أحبائهم.

بنجلاديش والنشاط الزلزالي: نظرة عامة

على الرغم من أن المناطق الشمالية والجنوبية الشرقية من بنجلاديش تقع في مناطق نشطة زلزالياً بسبب التفاعلات بين الصفيحة الهندية وصفيحة أوراسيا، إلا أن المنطقة الوسطى من البلاد تعتبر أقل عرضة للزلازل. ومع ذلك، تشير بيانات هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية إلى أنه منذ عام 1950، وقع 14 زلزالًا فقط، بما في ذلك زلزالان بقوة 6 درجات، في دائرة نصف قطرها 250 كيلومترًا من مركز الزلزال الذي ضرب البلاد يوم الجمعة.

الاستعداد للكوارث يمثل تحديًا كبيرًا لبنجلاديش، التي يبلغ عدد سكانها 170 مليون نسمة. البنية التحتية في البلاد ليست دائمًا على مستوى عالٍ من الصلابة، مما يجعلها عرضة للأضرار الجسيمة في حالة حدوث زلازل قوية. كما أن العاصمة دكا، التي تضم حوالي 2.1 مليون مبنى، تواجه خطرًا أكبر بسبب الكثافة السكانية العالية وضعف معايير البناء في العديد من المناطق.

أهمية تعزيز البنية التحتية ومواجهة المخاطر

هذا الزلزال الأخير يمثل تذكيرًا مؤلمًا بأهمية الاستثمار في تعزيز البنية التحتية وتطبيق معايير بناء صارمة لمواجهة المخاطر الزلزالية. بالإضافة إلى ذلك، من الضروري زيادة الوعي العام حول إجراءات السلامة أثناء الزلازل وتوفير التدريب اللازم للمواطنين حول كيفية الاستجابة في حالات الطوارئ.

كما يجب على الحكومة البنغلاديشية والمنظمات غير الحكومية التعاون بشكل وثيق لتطوير وتنفيذ خطط شاملة للاستعداد للكوارث والحد من آثارها المدمرة. ويشمل ذلك إنشاء مراكز إيواء آمنة، وتوفير المعدات واللوازم الضرورية لفرق الإغاثة، وتطوير أنظمة إنذار مبكر فعالة.

في الختام، يمثل الزلزال الذي ضرب بنجلاديش يوم الجمعة مأساة حقيقية، ولكنه أيضًا فرصة للتأمل في مدى استعدادنا لمواجهة الكوارث الطبيعية. من خلال الاستثمار في البنية التحتية القوية، وتعزيز الوعي العام، وتطوير خطط شاملة للاستعداد للكوارث، يمكننا حماية الأرواح والممتلكات وبناء مستقبل أكثر أمانًا واستدامة. تابعوا آخر التطورات حول هذا الموضوع وشاركوا هذه المعلومات مع الآخرين لزيادة الوعي بأهمية الاستعداد للكوارث.

شاركها.
Exit mobile version