في تعبير نادر عن خيبة الأمل الشخصية، أعرب البابا ليو الرابع عشر عن حزنه العميق إزاء قرار ولاية إلينوي، مسقط رأسه، بالموافقة على قانون يسمح بـ المساعدة الطبية على الانتحار. هذا القانون، الذي أثار جدلاً واسعاً، يمثل تحدياً للتعاليم الكاثوليكية الراسخة حول قدسية الحياة، ويدعو البابا إلى التفكير العميق في قيمنا الإنسانية، خاصة خلال فترة الأعياد.

رد فعل البابا ليو الرابع عشر على قانون إلينوي

أعرب البابا ليو الرابع عشر عن “خيبة أمل كبيرة” بعد توقيع حاكم إلينوي، جي بي بريتزكر، على القانون الذي يسمح للأفراد المصابين بأمراض عضال بإنهاء حياتهم بمساعدة طبية. وشدد البابا على أنه تحدث “بصراحة” مع الحاكم، وحثه على عدم المصادقة على مشروع القانون. كما ذكر أن الكاردينال بليز كوبيتش، رئيس أساقفة شيكاغو، بذل جهوداً مماثلة لإقناع الحاكم بالتراجع عن هذا القرار.

“كنا واضحين للغاية بشأن ضرورة احترام قدسية الحياة من البداية وحتى النهاية، ولسوء الحظ، لأسباب مختلفة، قرر التوقيع على مشروع القانون هذا”، صرح البابا للصحفيين أثناء مغادرته مقر إقامته الريفي في كاستيل غاندولفو، بالقرب من روما. هذا التصريح يعكس مدى تأثره الشخصي بالقانون، خاصة وأنه نشأ في شيكاغو، إلينوي.

دوافع الحاكم بريتزكر والمؤيدون للقانون

وقع الحاكم بريتزكر على القانون، المعروف أيضاً باسم “قانون ديب”، تكريماً لديب روبرتسون، وهو أحد سكان الولاية الذين عانوا من مرض عضال نادر. وقد دفع روبرتسون بقوة من أجل إقرار هذا القانون، مشدداً على حق الأفراد في تقرير مصيرهم في مواجهة المعاناة التي لا تطاق.

وأشار الحاكم بريتزكر إلى أنه تأثر بشدة بقصص المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة، ورغب في منحهم خياراً كريماً لإنهاء حياتهم بشروطهم الخاصة. هذا القانون يهدف إلى توفير الراحة والكرامة للأفراد الذين يواجهون نهاية حياتهم، ويسمح لهم بالسيطرة على مسارهم الطبي.

الموقف الكاثوليكي من المساعدة الطبية على الانتحار

يؤكد الموقف الكاثوليكي، الذي عبر عنه البابا ليو الرابع عشر، على أهمية الدفاع عن الحياة وحمايتها في جميع مراحلها، بدءاً من الحمل وحتى الموت الطبيعي. وتعتبر الكنيسة الكاثوليكية أن القتل الرحيم و المساعدة على الموت أشكالاً مرفوضة من التدخل في خطة الله للحياة.

وفي هذا السياق، قال البابا: “أود أن أدعو جميع الناس، وخاصة في أيام عيد الميلاد هذه، إلى التفكير في طبيعة الحياة البشرية، وخير الحياة البشرية”. وأضاف: “لقد أصبح الله إنسانًا مثلنا ليبين لنا ما يعنيه حقًا أن نعيش حياة بشرية، وآمل وأدعو الله أن ينمو احترام الحياة مرة أخرى في كل لحظات الوجود البشري، من الحمل إلى الموت الطبيعي”.

انتقادات الكنائس في إلينوي

لم يقتصر رد الفعل على مستوى البابا، بل انتقدت الأبرشيات الكاثوليكية الست في ولاية إلينوي بشدة توقيع الحاكم بريتزكر على القانون. وصفت هذه الأبرشيات القانون بأنه يضع الولاية “على طريق خطير ومفجع”، معبرة عن قلقها العميق بشأن العواقب الأخلاقية والاجتماعية المحتملة.

انتشار قوانين المساعدة الطبية على الانتحار في الولايات المتحدة

إلينوي ليست الولاية الوحيدة التي تسمح بـ المساعدة الطبية على الانتحار. حاليًا، تسمح إحدى عشرة ولاية أخرى بالإضافة إلى مقاطعة كولومبيا بهذا الإجراء، وفقًا لمجموعة المناصرة “الموت بالكرامة”. وكانت ولاية ديلاوير هي الأحدث في الانضمام إلى هذه القائمة، حيث سيدخل قانونها حيز التنفيذ في الأول من يناير 2026. وتدرس سبع ولايات أخرى حاليًا إمكانية السماح بالمساعدة الطبية على الانتحار، مما يشير إلى اتجاه متزايد نحو تقنين هذا الإجراء في الولايات المتحدة.

خلاصة القول: دعوة للتأمل في قيمة الحياة

إن قرار ولاية إلينوي بالموافقة على قانون المساعدة الطبية على الانتحار يثير تساؤلات عميقة حول قيمة الحياة، وحقوق الأفراد، ودور المجتمع في توفير الرعاية والدعم للمرضى. لقد عبر البابا ليو الرابع عشر عن خيبة أمله العميقة، ودعا إلى احترام قدسية الحياة في جميع مراحلها.

خلال فترة الأعياد هذه، يوجهنا البابا إلى التأمل في معنى الحياة البشرية، وفي التضحية التي قدمها الله من أجلنا. إن هذه الدعوة للتأمل تذكرنا بأهمية التعاطف والرعاية، وبضرورة الوقوف إلى جانب أولئك الذين يعانون، وتقديم الدعم لهم في أصعب الظروف. نأمل أن يثير هذا النقاش وعياً أكبر بأهمية الحوار المفتوح والصادق حول هذه القضايا المعقدة، وأن يؤدي إلى إيجاد حلول تحترم كرامة الإنسان وتحمي قيمة الحياة.

شاركها.
Exit mobile version