بورتوريكو تشهد جدلاً حول قانون جديد للوصول إلى المعلومات العامة، ويُثير تساؤلات حول الشفافية الديمقراطية. فقد وقعت الحاكمة جينيفر غونزاليس مشروع قانون يرى المنتقدون أنه يقوض الحق في الوصول إلى المعلومات العامة في بورتوريكو ويزيد من صعوبة الحصول عليها، خاصة في ظل تاريخ الجزيرة الطويل من قلة الشفافية الحكومية.

مشروع قانون مثير للجدل: نظرة عامة

الجدل بدأ بعد توقيع الحاكمة غونزاليس على القانون يوم الأحد الماضي، الأمر الذي أثار ردود فعل غاضبة من قبل منظمات صحفية وحقوقية. وبررت غونزاليس هذا الإجراء بأنه يهدف إلى توضيح القواعد وتجنب الالتباس، بالإضافة إلى تقليل عدد الدعاوى القضائية التي تتعلق بالوصول إلى المعلومات. وتؤكد أيضًا أن القانون يفرض عقوبات على عدم الامتثال، مما قد يشجع المؤسسات الحكومية على التعاون بشكل أكبر.

معارضة واسعة النطاق من وسائل الإعلام والمدافعين عن الحقوق

مع ذلك، رفضت أكثر من اثنتي عشرة منظمة صحفية وجماعة للدفاع عن الحقوق المدنية هذا القانون، معلنين أنه تم إقراره بسرعة وبدون تشاور كاف. فقد عقدت جلسات استماع عامة لمدة يوم واحد فقط، وهو ما اعتبرته هذه المنظمات غير كافٍ لتقييم الآثار المحتملة للقانون.

كلايتون فايمرز، المدير التنفيذي لمنظمة مراسلون بلا حدود في أمريكا الشمالية، عبر عن قلقه البالغ قائلًا: “من غير المتصور أن يبذل زعماء بورتوريكو قصارى جهدهم للإضرار بوصول ناخبيهم إلى المعلومات وتدهور جودة حرية الصحافة في الجزيرة.” هذا التصريح يعكس شعورًا واسع النطاق بأن القانون يمثل خطوة تراجعية فيما يتعلق بالحقوق الديمقراطية الأساسية.

تفاصيل القانون: ما الذي تغير؟

الجديد في هذا القانون هو تطويل المدد الزمنية الممنوحة للجهات الحكومية لتقديم المعلومات المطلوبة. فبدلاً من 10 أيام، أصبحت لديهم الآن 20 يوم عمل لتسليم المستندات التي تحتوي على أقل من 300 صفحة أو التي تم إنشاؤها قبل أقل من ثلاث سنوات. أما المستندات الأطول أو الأقدم، فقد يستغرق إصدارها ما يصل إلى شهر، مع إمكانية طلب تمديد إضافي لمدة 20 يومًا.

هذه التغييرات أثارت انتقادات لاذعة، حيث يرى المعارضون أنها ستؤدي إلى تأخيرات غير مبررة في الوصول إلى المعلومات، مما يعيق عمل الصحفيين والباحثين والمواطنين الذين يسعون إلى مساءلة الحكومة.

اتهامات بتقويض الشفافية الحكومية

اتحاد الحريات المدنية الأمريكي في بورتوريكو لم يخفِ انتقاده الشديد للحاكمة غونزاليس، مؤكدًا أنها لم تلتزم بتعزيز الشفافية الحكومية، بل على العكس، سعت إلى تقويضها. وأضاف الاتحاد: “هذا القانون ليس في مصلحة أي شخص، باستثناء أي موظف عام يسعى إلى إعاقة أو منع الجمهور من الحصول على المعلومات التي يحق لهم الاطلاع عليها.”

رسالة احتجاج من منظمات المجتمع المدني

في وقت سابق من هذا الشهر، أرسل تحالف من المنظمات الصحفية ومنظمات المجتمع المدني رسالة إلى الحاكمة، يطلب منها استخدام حق النقض ضد مشروع القانون، واصفة إياه بأنه “انتهاك خطير لحق الجمهور في المعرفة.” واشارت الرسالة إلى أن القانون “يسمح أيضًا للحكومة بتصنيف المعلومات على أنها سرية دون مراجعة قضائية وإلغاء حماية الخصوصية الشخصية لأولئك الذين يطلبون المعلومات.”

تدهور الوصول إلى المعلومات: تاريخ من الصعوبات

لطالما كان الحصول على المعلومات العامة في بورتوريكو أمرًا صعبًا. ففي كثير من الأحيان، كانت المؤسسات الإعلامية المحلية تضطر إلى اللجوء إلى المحكمة، على الرغم من تحملها تكاليف باهظة، وذلك بعد إقرار قانون عام 2019 يهدف إلى تسهيل الوصول إلى المعلومات.

هذا القانون قدّم بعض التحسينات، مشيرًا إلى أن المواطنين والصحفيين كانوا يواجهون “إجراءات قضائية تقديرية مكلفة ويمكن أن تستغرق أشهرًا” للحصول على المعلومات. لكن على الرغم من أن الحق في الوصول إلى المعلومات منصوص عليه في الدستور، إلا أن غياب آلية فعالة لإنفاذ هذا الحق أدى إلى استمرار الانتهاكات.

قانون 2019: وعود لم تتحقق

قانون 2019 أكد على أن الحكومات السابقة قدمت وعودًا بتحقيق الشفافية ولكنها لم تفِ بها. وأشار إلى أن هذا الفشل ساهم في تآكل ثقة الجمهور في الحكومة، التي أصبحت تُعتبر “بنية معقدة وبيروقراطية ومبهمة في عملية صنع القرار.”

ولإيضاح الصورة، كانت إحدى الصحف المحلية تنشر بانتظام طلباتها للحصول على البيانات الحكومية إلى جانب المدة التي استغرقتها دون الحصول على رد من الجهات المعنية. هذا الواقع المؤلم يؤكد الحاجة الماسة إلى مزيد من الشفافية والمساءلة.

إقرار سريع وسط معارضة برلمانية

أقر مجلس الشيوخ في بورتوريكو مشروع القانون في منتصف أكتوبر بأغلبية 18 صوتًا مقابل 9 أصوات، دون عقد جلسات استماع عامة. ثم تبعه مجلس النواب في شهر نوفمبر، حيث تمت الموافقة عليه بأغلبية ضئيلة 29 صوتًا مقابل 24 صوتًا، بعد يوم واحد فقط من إجراء جلسات الاستماع. هذا الإقرار السريع أثار المزيد من الشكوك حول دوافع الحكومة الحقيقية.

المستقبل: تحديات وفرص لتعزيز الشفافية

يبدو أن مستقبل الوصول إلى الإفصاح عن المعلومات في بورتوريكو غير مؤكد في ظل هذا القانون الجديد. ومع ذلك، فإن الضغط المستمر من قبل منظمات المجتمع المدني والإعلام يمكن أن يدفع الحكومة إلى إعادة النظر في بعض جوانب القانون أو على الأقل إلى تحسين آليات تنفيذه.

من الضروري أن يتمتع المواطنون بالحق في الوصول إلى المعلومات التي تهمهم، وأن تكون الحكومة مسؤولة أمامهم عن قراراتها وأفعالها. فالشفافية ليست مجرد مبدأ ديمقراطي، بل هي أيضًا أداة قوية لمحاربة الفساد وتعزيز التنمية المستدامة.

لذا، من المهم متابعة هذا الموضوع عن كثب والعمل على ضمان بقاء الحق في المعلومات مكفولًا في بورتوريكو.

شاركها.
Exit mobile version