في أعقاب الأمطار الغزيرة التي اجتاحت جزيرة سومطرة الإندونيسية، تواجه المنطقة كارثة طبيعية مروعة. رجال الإنقاذ يعملون على مدار الساعة في ظروف قاسية للعثور على ناجين وانتشال الجثث بعد الفيضانات والانهيارات الأرضية المدمرة التي خلفت عشرات القتلى والمفقودين. هذه الكارثة تسلط الضوء على هشاشة البنية التحتية في بعض المناطق وشدة التغيرات المناخية التي تؤثر على الأرخبيل.
الوضع المأساوي في سومطرة الشمالية
بدأت مأساة الفيضانات في مقاطعة سومطرة الشمالية يوم الثلاثاء، بعد أسبوع من الأمطار الموسمية المستمرة. وارتفع عدد القتلى في المقاطعة إلى 37 شخصًا، بينما لا يزال 52 مفقودًا. جرفت المياه قرية جبلية بأكملها، ودمرت أو غرقت أكثر من 2000 منزل ومبنى. هذه الفيضانات والانهيارات الأرضية تسببت في نزوح الآلاف من السكان الذين اضطروا للجوء إلى الملاجئ الحكومية.
فرق الإنقاذ تواجه تحديات كبيرة في جهود البحث، حيث تعيق انهيارات الطين وانقطاع التيار الكهربائي وضعف الاتصالات وصولهم إلى المناطق المتضررة. المتحدث باسم شرطة المقاطعة، فيري والينتوكان، صرح بأن الوضع يزداد سوءًا، ومن المرجح أن يرتفع عدد القتلى مع استمرار عمليات البحث في المناطق النائية.
توسع نطاق الكارثة إلى مناطق أخرى
لم تقتصر آثار هذه الكارثة على سومطرة الشمالية فقط، بل امتدت إلى مناطق أخرى في جزيرة سومطرة. ففي منطقة جنوب تابانولي، تم انتشال 17 جثة حتى يوم الخميس، بينما في مدينة سيبولجا، عثر على ثماني جثث أخرى. بالإضافة إلى ذلك، ضربت انهيارات أرضية مناطق في تابانولي الوسطى، مما أدى إلى وفاة أسرة مكونة من أربعة أفراد على الأقل، وشخص آخر في مدينة بادانج سيديمبوان.
وفي منطقة باكباك بهارات، تم انتشال جثتين، ويجري البحث عن خمسة مفقودين في هومبانج هاسوندوتان. كما سقط ضحية واحد على الأقل في انهيار طيني على طريق رئيسي في جزيرة نياس الصغيرة. هذه الأحداث المتفرقة تؤكد حجم الضرر وانتشار الكارثة في جميع أنحاء المنطقة. تأثير الفيضانات يمتد ليشمل البنية التحتية والطرق، مما يعيق جهود الإغاثة بشكل كبير.
جهود الإنقاذ في آتشيه وسومطرة الغربية
بالتزامن مع جهود الإنقاذ في سومطرة الشمالية، تواجه مقاطعات أخرى تحديات مماثلة. في آتشيه، تم انتشال تسع جثث على الأقل بعد انهيارات أرضية ناجمة عن الأمطار الغزيرة التي ضربت ثلاث قرى. رئيس المنطقة دعا إلى إرسال حفارة للمساعدة في انتشال شخصين آخرين يُعتقد أنهما مدفونان تحت الطين.
وحسب وكالة التخفيف من آثار الكوارث في آتشيه، نزح حوالي 47 ألف شخص بسبب ارتفاع منسوب المياه، واضطر ما يقرب من 1500 منهم إلى الفرار إلى ملاجئ مؤقتة. وفي سومطرة الغربية، غمرت الفيضانات آلاف المنازل، بما في ذلك أكثر من 3300 منزل في منطقة بادانج باريامان، مما أدى إلى نزوح حوالي 12 ألف شخص. وقد تم تأكيد وفاة 23 شخصًا على الأقل في سومطرة الغربية، ولا يزال هناك خمسة مفقودين.
شهادات من الناجين
تعكس شهادات الناجين حجم المعاناة والخوف الذي عاشوه خلال هذه الكارثة. لينجا ساري، إحدى سكان قرية مالاكاك، تذكرت اللحظات المروعة عندما اجتاحت الفيضانات منزلها فجأة بينما كانت تحاول تهدئة طفلتها. “فجأة سمعت صوتًا هادرًا ظل يعلو”، قالت وهي تحكي عن اللحظة التي بدأت فيها المياه في الارتفاع بسرعة. اضطرت هي وآخرون للركض نحو حقل الأرز للنجاة بحياتهم.
في منطقة أجام الأكثر تضررًا، هناك حوالي 200 شخص ما زالوا معزولين في قرية جورونج تابوه بسبب انهيار أرضي قطع الطرق المؤدية إليها. رئيس المنطقة، بيني وارليس، أكد صعوبة الوصول إلى القرية وتقييم حجم الأضرار بسبب انقطاع الاتصالات وتدهور الأوضاع.
الاستعداد للكوارث والتحديات المستقبلية
تتكرر حوادث الفيضانات والانهيارات الأرضية في إندونيسيا بشكل دوري، خاصة خلال موسم الأمطار الغزيرة. هذه الكارثة تدعو إلى إعادة تقييم خطط الاستعداد للكوارث وتعزيز البنية التحتية في المناطق المعرضة للخطر. بالإضافة إلى ذلك، يجب تكثيف الجهود لمواجهة التغيرات المناخية وتقليل آثارها المدمرة على المجتمعات المحلية.
من الضروري الاستثمار في أنظمة الإنذار المبكر، وتطوير خطط إخلاء فعالة، وتوفير التدريب اللازم للمجتمعات المحلية حول كيفية التعامل مع الكوارث الطبيعية. كما يجب العمل على حماية الغابات والمحافظة على البيئة، حيث أن إزالة الغابات تزيد من خطر الانهيارات الأرضية والفيضانات.
في الختام، هذه الكارثة المأساوية في سومطرة الإندونيسية هي تذكير صارخ بأهمية الاستعداد للكوارث الطبيعية والعمل على بناء مجتمعات أكثر مرونة. الوضع لا يزال يتطلب جهودًا مكثفة من فرق الإنقاذ والمنظمات الإنسانية لتقديم المساعدة اللازمة للناجين وإعادة بناء المناطق المتضررة. ندعو الجميع إلى دعم جهود الإغاثة والتبرع للمتضررين.


