في أعقاب حادثة إطلاق النار المأساوية في شاطئ بوندي بسيدني، والتي أودت بحياة 15 شخصًا بسبب دوافع معادية للسامية، تتجه ولاية نيو ساوث ويلز نحو اتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة التطرف والكراهية. هذه الإجراءات المقترحة، التي تتضمن حظرًا محتملاً لعرض رموز تنظيم الدولة الإسلامية (“داعش”)، تهدف إلى تعزيز الأمن المجتمعي وإرسال رسالة قوية ضد التعصب. وتأتي هذه الخطوات في وقت يشهد فيه المجتمع الأسترالي تصاعدًا مقلقًا في الحوادث المعادية للسامية، مما أثار تساؤلات حول كفاية الحماية التي يتمتع بها اليهود الأستراليون. مكافحة التطرف هي جوهر هذه التغييرات التشريعية.
حظر رموز “داعش” وخطاب الكراهية في نيو ساوث ويلز
تهدف مشاريع القوانين الجديدة إلى تجريم الإعلان العلني عن رموز تنظيم الدولة الإسلامية، بما في ذلك الأعلام والشعارات، وغيرها من المواد المرتبطة بالجماعات المتطرفة. وستواجه من يرتكب هذا الفعل عقوبات تصل إلى السجن لمدة عامين وغرامات مالية كبيرة. هذا الحظر يأتي ردًا مباشرًا على اكتشاف الشرطة لأعلام لتنظيم “داعش” محلي الصنع في سيارة أحد المشتبه بهم في حادثة إطلاق النار.
إلى جانب ذلك، تسعى الحكومة إلى حظر هتافات مثل “عولمة الانتفاضة”، والتي يراها البعض تحريضًا على العنف وتأجيجًا للتوترات. يجادل المؤيدون للفلسطينيين بأن هذا الشعار يعبر عن الاحتجاجات العالمية ضد الحرب في غزة، بينما يرى قادة المجتمع اليهودي أنه يشجع على الهجمات ضد اليهود. رئيس وزراء الولاية، كريس مينز، أكد أن خطاب الكراهية والتحريض على الكراهية ليس له مكان في مجتمعهم.
تعزيز صلاحيات الشرطة لمواجهة التطرف
بالتوازي مع هذه الإجراءات التشريعية، تهدف الحكومة إلى منح الشرطة صلاحيات أوسع لمواجهة التطرف. ويشمل ذلك القدرة على مطالبة المتظاهرين بإزالة أغطية الوجه التي قد تخفي هوياتهم وتتيح لهم نشر الكراهية دون محاسبة. هذه الصلاحيات الجديدة ستساعد الشرطة على تحديد وملاحقة الأفراد المتورطين في أنشطة متطرفة.
استجابة وطنية وتصعيد الإجراءات الأمنية
لم تقتصر الاستجابة على مستوى ولاية نيو ساوث ويلز، بل امتدت لتشمل الحكومة الفيدرالية الأسترالية. رئيس الوزراء أنتوني ألبانيز تعهد باتخاذ خطوات للحد من التطرف والكراهية، بما في ذلك توسيع نطاق تعريف جرائم خطاب الكراهية ليشمل الداعية والقادة الذين يروجون للعنف. بالإضافة إلى ذلك، سيتم تشديد العقوبات على هذه الجرائم، وتصنيف بعض المجموعات على أنها تحرض على الكراهية.
وسيتمكن القضاة أيضًا من اعتبار الكراهية عاملاً مشددًا في حالات التهديدات والمضايقات عبر الإنترنت، مما يعكس الاعتراف المتزايد بتأثير هذه الجرائم على الضحايا والمجتمع. وتشمل الإجراءات المتخذة أيضًا مراجعة قوانين الأسلحة الصارمة بالفعل في أستراليا وتقييم الحاجة إلى مزيد من القيود. الأمن القومي يمثل أولوية قصوى في هذه المرحلة.
يوم التأمل الوطني وتكريم الضحايا
أعلنت السلطات الأسترالية عن يوم وطني للتأمل يوم الأحد، وهو اليوم الأخير من عيد حانوكا، تكريمًا لضحايا إطلاق النار في بوندي. تم تنكيس الأعلام على جميع المباني الرسمية، وانضم الأستراليون إلى الآخرين في بوندي للوقوف دقيقة صمت عند الساعة 6:47 مساءً، وهو الوقت الذي تلقت فيه الشرطة التقارير الأولى عن الحادث. هذه المبادرة تعكس الوحدة والتضامن مع المجتمع اليهودي الأسترالي، وتأكيدًا على رفض العنف والكراهية.
تطورات التحقيق ووجهة نظر المجتمع
أفادت الشرطة بأن ساجد أكرم، أحد المشتبه بهم، قُتل بالرصاص خلال عملية اعتقاله يوم الأحد. بينما لا يزال ابنه نافيد أكرم البالغ من العمر 24 عامًا محتجزًا في المستشفى، حيث وجهت إليه 59 تهمة، بما في ذلك القتل وارتكاب عمل إرهابي. التحقيق لا يزال جاريًا، والشرطة تدرس الأدلة المتاحة لتحديد الدوافع الحقيقية وراء الحادثة وتحديد ما إذا كان هناك أي متورطون آخرون.
هجوم بوندي أثار جدلاً واسعًا حول مستوى الحماية الذي يتمتع به اليهود الأستراليون، خاصة في ظل التصاعد الملحوظ في الحوادث المعادية للسامية. فبعد هجمات حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023 والحرب التي اندلعت في غزة ردًا على ذلك، ارتفعت الحوادث المعادية للسامية في أستراليا بأكثر من ثلاثة أضعاف، وفقًا لتقارير جيليان سيجال، المبعوث الخاص للحكومة لمكافحة معاداة السامية. معاداة السامية تمثل تحديًا حقيقيًا للمجتمع الأسترالي.
الخلاصة
إن الإجراءات المقترحة في نيو ساوث ويلز، بالإضافة إلى الاستجابة الوطنية الشاملة، تمثل خطوة مهمة نحو مكافحة التطرف وحماية المجتمعات الضعيفة. من خلال حظر رموز الكراهية، وتعزيز صلاحيات الشرطة، وتوسيع تعريف جرائم خطاب الكراهية، تسعى أستراليا إلى إرسال رسالة واضحة بأن التعصب والعنف لن يتم التسامح معهما. ومع ذلك، فإن هذه الإجراءات يجب أن تكون مصحوبة بجهود مستمرة لتعزيز التفاهم والاحترام المتبادل بين جميع أفراد المجتمع. يجب على الجميع المشاركة في بناء مجتمع أكثر تسامحًا وأمانًا، ومواجهة أي شكل من أشكال الكراهية والتطرف.

