الأسهم العالمية شهدت تذبذباً يوم الخميس، مدفوعة بتطورات في أسواق المال الرئيسية وتأثير قرارات البنوك المركزية، بالإضافة إلى أداء شركات التكنولوجيا الكبرى. يأتي هذا بعد فترة من الارتفاعات التي أعقبت جائحة كورونا، حيث تحاول الأسواق تقييم المسار المستقبلي للاقتصاد العالمي.
تباين أداء الأسواق العالمية بعد قرار الفائدة الأمريكي
شهدت الأسواق المالية العالمية تباينًا ملحوظًا في الأداء يوم الخميس، وذلك في أعقاب قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (الفيدرالي) بخفض أسعار الفائدة. في حين أن خفض سعر الفائدة كان متوقعًا على نطاق واسع، إلا أن تعليقات رئيس الفيدرالي جيروم باول أثارت تفاؤلاً حذرًا بشأن إمكانية إجراء المزيد من التخفيضات في عام 2026. هذا التفاؤل، مع ذلك، لم يمنع بعض الأسواق من الانخفاض، خاصةً في قطاع التكنولوجيا الآسيوي.
تأثير قرار الفائدة على وول ستريت
على الرغم من أن قرار الفيدرالي لم يحرك الأسواق بشكل كبير على الفور، إلا أن تعليقات باول شجعت بعض المستثمرين. يشير هذا إلى أن البنك المركزي قد يكون أكثر استعدادًا لتقديم دعم إضافي للاقتصاد إذا لزم الأمر. بشكل عام، تفضل وول ستريت أسعار الفائدة المنخفضة لأنها يمكن أن تعزز النمو الاقتصادي وتزيد من جاذبية الاستثمارات.
ومع ذلك، لا يزال الفيدرالي يواجه معضلة، حيث يتباطأ سوق العمل بينما يظل التضخم تحت ضغوط تصاعدية. أي محاولة لحل إحدى هاتين المشكلتين قد تؤدي إلى تفاقم الأخرى على المدى القصير. أشار باول إلى أن أسعار الفائدة قد وصلت إلى نقطة لا تدفع فيها التضخم أو سوق العمل إلى مستويات غير مستدامة، مما يمنح البنك المركزي الوقت لتقييم البيانات المستقبلية قبل اتخاذ المزيد من الإجراءات.
أداء الأسواق الآسيوية: أوراكل تقود موجة الانخفاض
لم يكن أداء الأسواق الآسيوية متسقًا، حيث شهدت بعض الشركات التكنولوجية انخفاضات حادة. كانت شركة أوراكل، الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، هي أبرز المتأثرين، حيث انخفض سهمها بنسبة 11.5% في تداولات ما بعد الإغلاق بعد إعلانها عن أرباح أقل من المتوقع.
هذا الانخفاض يعكس مخاوف متزايدة بشأن الإنفاق الكبير الذي تقوم به أوراكل على الذكاء الاصطناعي، والذي يتم تمويله بشكل كبير من خلال الديون. تساؤلات حول المدة التي ستستغرقها الشركة لتحقيق عائد على هذا الاستثمار الكبير بدأت تطفو على السطح. شركة SoftBank Group Corp، عملاق التكنولوجيا والاتصالات والمستثمر الرئيسي في الذكاء الاصطناعي، تأثرت أيضًا، حيث انخفض سهمها بنسبة 7.7%، مما أثر سلبًا على مؤشر Nikkei 225 في طوكيو الذي انخفض بنسبة 0.9%.
تراجع مؤشرات هونج كونج وشنغهاي
تراجع مؤشر Hang Seng في هونج كونج عن مكاسبه السابقة وانخفض بنسبة أقل من 0.1% بعد أن اتبعت سلطة النقد في هونج كونج خطى الفيدرالي وخفضت تكاليف الاقتراض إلى 4.00%، وهو أدنى مستوى لها منذ أكتوبر 2022. كما انخفض مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 0.7%، متأثرًا بالحذر قبل صدور بيانات الائتمان الصينية لشهر نوفمبر. وقد أظهرت بيانات أكتوبر انخفاضًا حادًا في القروض الجديدة باليوان، مما يشير إلى ضعف الطلب الاستهلاكي.
أداء الأسواق الأوروبية والأسترالية
في المقابل، شهدت بعض الأسواق الأوروبية أداءً إيجابيًا. ارتفع مؤشر FTSE 100 البريطاني بنسبة 0.1%، بينما ارتفع مؤشر CAC 40 الفرنسي بنسبة 0.5%. في ألمانيا، تراجع مؤشر داكس بشكل طفيف بنسبة 0.1%.
أما مؤشر S&P/ASX 200 الأسترالي، فقد أضاف ما يقرب من 0.2% بعد ثلاثة أيام من الانخفاض، مدعومًا بقوة أسهم الذهب والتعدين. كما ساهم استقرار معدل البطالة في البلاد عند 4.3% في دعم المعنويات.
نظرة مستقبلية: بيانات الائتمان الصينية ومخاوف أسعار الفائدة
تظل المعنويات حذرة في انتظار بيانات الائتمان الصينية لشهر نوفمبر. البيانات السابقة أظهرت ضعفًا في الطلب الاستهلاكي، مما قد يشير إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين.
بالإضافة إلى ذلك، تتعرض الأسهم المحلية في اليابان لضغوط متزايدة بسبب التوقعات بأن بنك اليابان سيرفع أسعار الفائدة في اجتماعه الأسبوع المقبل. في كوريا الجنوبية، تراجع مؤشر كوسبي بعد تحذيرات من البورصة الرئيسية بشأن ارتفاع أسهم بعض الشركات بسرعة كبيرة هذا العام.
بشكل عام، يشير هذا التباين في الأداء إلى أن الأسواق لا تزال حساسة للتغيرات في السياسة النقدية والبيانات الاقتصادية. المستثمرون يراقبون عن كثب تطورات الأسواق المالية ويقيمون المخاطر والفرص المحتملة في ظل هذه الظروف غير المؤكدة. التركيز الآن ينصب على البيانات الاقتصادية القادمة، وخاصةً بيانات الائتمان الصينية، لتقييم المسار المستقبلي للاقتصاد العالمي.

