في ختام عام مليء بالتقلبات، شهدت الأسواق المالية العالمية، وخاصةً الأسهم الآسيوية، تباينًا ملحوظًا في تعاملات يوم الخميس، وذلك في ظل أجواء العطلة التي تسبق عيد الميلاد. ومع إغلاق معظم البورصات في المنطقة احتفالًا بالمناسبة، كانت أحجام التداول ضعيفة نسبيًا، مما أثر على حدة التحركات السعرية. هذا التباين يعكس حالة من الحذر والترقب بين المستثمرين، مع تركيز الأنظار على مستقبل الاقتصاد الأمريكي وسياسات البنوك المركزية.
أداء الأسواق الآسيوية في ظل عطلة عيد الميلاد
شهدت الأسواق التي بقيت مفتوحة أداءً متفاوتًا. في طوكيو، ارتفع مؤشر Nikkei 225 بنسبة طفيفة بلغت 0.1% ليصل إلى 40,407.79 نقطة، مسجلًا مكاسب تقارب 30% على مدار العام بأكمله. هذا الارتفاع يعكس الثقة المتزايدة في الاقتصاد الياباني، بالإضافة إلى تأثير السياسات النقدية المرنة.
في المقابل، تراجعت الأسهم في تايلاند وإندونيسيا، مما يشير إلى وجود عوامل ضاغطة خاصة بكل سوق. أما في البر الرئيسي للصين، فقد شهدت الأسواق تقدمًا ملحوظًا، حيث ارتفع مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 0.5% إلى 3959.62 نقطة. هذا الارتفاع جاء مدفوعًا ببيان إيجابي من بنك الشعب الصيني، الذي تعهد بضمان توفر السيولة الكافية لدعم النمو الاقتصادي وتحقيق أهداف التضخم.
تأثير السياسات النقدية والبيانات الاقتصادية
لقد كان قرار بنك الشعب الصيني بالإبقاء على أسعار الفائدة الرئيسية دون تغيير متوقعًا، ولكنه عزز من معنويات المستثمرين. هذا القرار يأتي في إطار جهود البنك لتحقيق التوازن بين دعم النمو الاقتصادي والسيطرة على التضخم.
أما بالنسبة للاقتصاد الأمريكي، فقد أظهرت البيانات الاقتصادية الأخيرة قوة ملحوظة، حيث نما الاقتصاد بمعدل سنوي بلغ 4.3% في الربع الثالث من العام، وهو أسرع معدل نمو له منذ عامين. ومع ذلك، تشير بعض المؤشرات إلى تباطؤ في النمو، مثل تراجع ثقة المستهلكين وضعف مبيعات التجزئة. هذه التناقضات تزيد من حالة عدم اليقين وتدفع المستثمرين إلى توخي الحذر.
سوق العمل الأمريكي: نظرة متفائلة بحذر
على الرغم من بعض الإشارات إلى ضعف سوق العمل، إلا أن عدد الأمريكيين المتقدمين للحصول على إعانات البطالة انخفض الأسبوع الماضي، وظل عند مستويات صحية تاريخيًا. هذا يشير إلى أن سوق العمل لا يزال يتمتع بمرونة نسبية، ولكنه قد يواجه تحديات في المستقبل القريب.
أداء الأسواق العالمية الأخرى
بالتزامن مع التباين في الأسواق الآسيوية، شهدت الأسواق الأمريكية أداءً إيجابيًا في اليوم السابق لعطلة عيد الميلاد. ارتفع مؤشر S&P 500 بنسبة 0.3% إلى 4,932.05 نقطة، وأضاف مؤشر داو جونز الصناعي 0.6% ليغلق عند 48,731.16 نقطة. كما ارتفع مؤشر ناسداك المركب بنسبة 0.2% إلى 13,613.31 نقطة.
هذا الارتفاع يعكس تفاؤل المستثمرين بشأن مستقبل الاقتصاد الأمريكي، بالإضافة إلى تأثير التطورات الإيجابية في قطاع التكنولوجيا. على سبيل المثال، ارتفع سهم Dynavax Technologies بنسبة 38.2% بعد إعلان شركة Sanofi عن الاستحواذ عليها في صفقة بقيمة 2.2 مليار دولار.
تطورات في قطاع الأدوية والطاقة
بالإضافة إلى صفقة الاستحواذ على Dynavax Technologies، شهد قطاع الأدوية تطورات إيجابية أخرى، حيث حصلت شركة Novo Nordisk على موافقة الجهات التنظيمية الأمريكية على نسخة حبوب من عقارها الرائج لإنقاص الوزن، ويجوفي. ومع ذلك، لا يزال سهم Novo Nordisk منخفضًا بنسبة 40% تقريبًا هذا العام، بسبب المنافسة المتزايدة من شركات أخرى، مثل Eli Lilly، التي ارتفع سهمها بنسبة 40% هذا العام.
في سوق الطاقة، استقر سعر النفط الخام الأمريكي عند 58.35 دولارًا للبرميل، بينما أغلق خام برنت عند 61.80 دولارًا للبرميل. هذه الاستقرار يعكس حالة من التوازن بين العرض والطلب في السوق العالمية.
نظرة مستقبلية وتوقعات المستثمرين
مع اقتراب نهاية العام، يتركز اهتمام المستثمرين على الاتجاه الذي سيسلكه الاقتصاد الأمريكي، وعلى القرارات التي سيتخذها الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة. يراهن معظم المستثمرين على أن الاحتياطي الفيدرالي سيحافظ على أسعار الفائدة ثابتة في اجتماعه في يناير، وذلك في ظل حالة عدم اليقين التي تسيطر على المشهد الاقتصادي.
بشكل عام، من المتوقع أن تظل أحجام التداول منخفضة خلال الأسبوع الحالي، حيث يغلق معظم المستثمرين مراكزهم استعدادًا لعيد الميلاد. ومع ذلك، فإن التطورات الاقتصادية والسياسية المستمرة قد تؤدي إلى تقلبات مفاجئة في الأسواق المالية.
في الختام، يمثل أداء الأسهم الآسيوية في ظل عطلة عيد الميلاد مجرد لمحة عن حالة عدم اليقين التي تسيطر على الأسواق المالية العالمية. ومع استمرار التحديات الاقتصادية والسياسية، يجب على المستثمرين توخي الحذر واتخاذ قرارات مستنيرة بناءً على تحليل دقيق للبيانات والتطورات المستمرة.

