في تطور لافت، يواجه تطبيق واتساب تحقيقًا من قبل الاتحاد الأوروبي بتهمة احتكار سوق الذكاء الاصطناعي. هذا التحقيق، الذي أُعلن عنه مؤخرًا، يثير تساؤلات حول ممارسات المنصة، خاصةً بعد إطلاق ميزة chatbot المدعومة بالذكاء الاصطناعي، ويُركز على مدى تقييد وصول المنافسين إلى البيانات الضرورية لتطوير خدمات مماثلة. يمثل هذا الإجراء أحدث فصل في سلسلة من التدقيقات التنظيمية التي تخضع لها شركات التكنولوجيا الكبرى في أوروبا، في سياق جهود متزايدة لحماية المنافسة وتعزيز الابتكار.
تحقيق الاتحاد الأوروبي في ممارسات واتساب الاحتكارية
بدأ تحقيق الاتحاد الأوروبي بشكل رسمي في مارس الماضي، وذلك بعد مخاوف أُثيرت حول سياسات واتساب الجديدة التي قد تعيق وصول مزودي خدمات الذكاء الاصطناعي الخارجيين إلى بيانات المستخدمين. الهدف الرئيسي من هذا التحقيق هو تحديد ما إذا كانت هذه السياسات تنتهك قوانين المنافسة الأوروبية. تزعم المفوضية الأوروبية أن هذه القيود قد تمنح واتساب، المملوكة لشركة Meta Platforms، ميزة غير عادلة على المنافسين في سوق الذكاء الاصطناعي.
تفاصيل سياسة واتساب المثيرة للجدل
تتعلق القضية بشكل أساسي بالتحديث الأخير لشروط استخدام واتساب لمستخدمي الأعمال. يسمح هذا التحديث لشركات معينة بالوصول إلى بيانات المستخدمين من خلال مساعدي الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، يخشى المنظمون من أن هذه الميزة قد تكون حصرية لخدمات Meta الخاصة (مثل مساعد الدردشة الخاص بها)، مما يحد من قدرة الشركات الأخرى على تقديم خدمات مماثلة على المنصة. هذا السيناريو قد يؤدي إلى خنق الابتكار وتقليل الخيارات المتاحة للمستخدمين.
ردود فعل واتساب والمفوضية الأوروبية
دفاعًا عن نفسها، صرحت واتساب بأن الادعاءات المقدمة من قبل المفوضية “لا أساس لها من الصحة”. وأوضحت الشركة أن زيادة عدد روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي قد أدى إلى ضغط كبير على أنظمتها، التي لم يتم تصميمها في الأصل للتعامل مع هذا الحجم من الاستخدام. ومع ذلك، تؤكد واتساب على أن سوق الذكاء الاصطناعي مُنافس للغاية، وأن المستخدمين لديهم العديد من البدائل المتاحة لهم للوصول إلى هذه الخدمات.
نائبة رئيس المفوضية الأوروبية، تيريزا ريبيرا، شددت على أن الاتحاد الأوروبي مصمم على منع احتكار شركات التكنولوجيا الكبرى. وقالت في بيان رسمي أن التحقيق يهدف إلى ضمان عدم استغلال Meta لسوق الرسائل الفورية للسيطرة على قطاع الذكاء الاصطناعي الناشئ. تهدف المفوضية إلى اتخاذ إجراءات سريعة في حال تبين أن سياسات Meta غير قانونية، وذلك لمنع أي ضرر لا يمكن إصلاحه للمنافسة.
نطاق التحقيق والتداعيات المحتملة
يشمل التحقيق جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، باستثناء إيطاليا، حيث تجري السلطات المحلية تحقيقًا منفصلاً حول ذات القضية. التحقيق الأوروبي يركز على تقييم شروط وأحكام واتساب الجديدة لمستخدمي الأعمال، ومحاولة تحديد ما إذا كانت هذه الشروط تشكل عائقًا أمام المنافسة.
إذا تم إثبات أن واتساب قد انتهكت قوانين المنافسة الأوروبية، فقد تواجه الشركة غرامات باهظة تصل إلى 10٪ من إجمالي إيراداتها السنوية العالمية. بالإضافة إلى ذلك، قد تُطلب من واتساب تغيير ممارساتها التجارية والسماح لمزودي خدمات الذكاء الاصطناعي الخارجيين بالوصول إلى بيانات المستخدمين بشروط عادلة.
تداعيات أوسع على صناعة التكنولوجيا
هذا التحقيق ليس مجرد قضية تتعلق بواتساب و Meta، بل يمثل تحولاً أوسع في الطريقة التي تتعامل بها الحكومات الأوروبية مع شركات التكنولوجيا الكبرى. هناك تركيز متزايد على ضمان المنافسة العادلة، وحماية خصوصية البيانات، وتعزيز الابتكار. تدرك الهيئات التنظيمية أن هذه الشركات لديها القدرة على التأثير بشكل كبير في الاقتصاد والمجتمع، وبالتالي يجب أن تخضع لرقابة دقيقة.
مستقبل الذكاء الاصطناعي في تطبيقات المراسلة
هذه القضية تسلط الضوء على التحديات التي تواجهها تطبيقات المراسلة مع تزايد شعبية الذكاء الاصطناعي. في حين أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يوفر فوائد كبيرة للمستخدمين، مثل تحسين خدمة العملاء وتسهيل الوصول إلى المعلومات، فإنه يثير أيضًا مخاوف بشأن حماية البيانات والمنافسة. يجب على شركات المراسلة إيجاد توازن دقيق بين الاستفادة من إمكانات الذكاء الاصطناعي وحماية مصالح المستخدمين والمنافسين.
في الختام، يمثل تحقيق الاتحاد الأوروبي في واتساب لحظة حاسمة في تنظيم صناعة التكنولوجيا. سيكون لنتائج هذا التحقيق تداعيات بعيدة المدى على واتساب و Meta، وعلى سوق الذكاء الاصطناعي و الرسائل الفورية بشكل عام. من المهم متابعة هذا التطور عن كثب، حيث يمكن أن يؤثر على الطريقة التي نستخدم بها التكنولوجيا في المستقبل. ندعو القراء إلى مشاركة آرائهم حول هذا الموضوع في قسم التعليقات أدناه.


