في خطوة تهدف إلى استعادة ثقة المستهلكين، أعلنت شركة “إنستاكارت” (Instacart) عن إنهاء برنامج مثير للجدل كان يسمح بعرض أسعار مختلفة لنفس المنتج على نفس العميل في نفس الوقت. يأتي هذا القرار بعد تقارير كشفت عن ممارسات تسعير غير شفافة، مما أثار قلقًا واسعًا بشأن عدالة الأسعار في خدمة توصيل البقالة الشهيرة. هذه الخطوة مهمة بشكل خاص في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، حيث يبحث المستهلكون عن أفضل الصفقات لتوفير المال على مشترياتهم الأساسية.
إنستاكارت تنهي برنامج الأسعار المتغيرة
أكدت “إنستاكارت” أن البرنامج الذي تم إلغاؤه كان يهدف إلى مساعدة محلات البقالة وتجار التجزئة على فهم حساسية الأسعار لدى المستهلكين. كان من المفترض أن يوفر بيانات حول المبلغ الذي يرغب العملاء في دفعه مقابل منتجات معينة، على غرار استراتيجيات التسعير التي تتبعها المتاجر التقليدية في مواقع مختلفة. ومع ذلك، أظهرت التحقيقات أن البرنامج أدى إلى نتائج غير مقصودة، حيث واجه العملاء أسعارًا متضاربة لنفس العناصر، مما أثار الشكوك حول نزاهة المنصة.
التقرير الذي أشعل فتيل الأزمة صدر عن مجلة “كونسيومر ريبورتس” (Consumer Reports) ومنظمتي “Groundwork Collaborative” و “More Perfect Union” للدفاع عن المستهلك. كشف التقرير أن ما يقرب من ثلاثة أرباع منتجات البقالة المعروضة على “إنستاكارت” تم تسعيرها بشكل مختلف للمتسوقين.
تفاصيل التجربة المثيرة للجدل
أظهرت التجربة التي أجريت في واشنطن العاصمة، على سبيل المثال، أن عشرة بيضات من نوع “لوسيرن” (Lucerne) تم عرضها بخمسة أسعار مختلفة على عملاء “إنستاكارت” المختلفين: 3.99 دولارًا، 4.28 دولارًا، 4.59 دولارًا، 4.69 دولارًا، و 4.79 دولارًا. هذا التباين الكبير في الأسعار أثار تساؤلات حول كيفية تحديد “إنستاكارت” للأسعار، وما إذا كانت هناك عوامل خفية تؤثر على المبلغ الذي يدفعه كل عميل.
أوضحت “إنستاكارت” أن هذه الممارسة لم تكن “تسعيرًا ديناميكيًا” (dynamic pricing)، وهو نظام شائع يرفع الأسعار استجابة لارتفاع الطلب. كما أنها أكدت أنها لم تكن تستخدم “تسعيرًا تمييزيًا” (discriminatory pricing)، حيث يتم تحديد الأسعار بناءً على دخل المستخدم أو تاريخ التسوق أو معلومات شخصية أخرى. بل كانت الشركة تعرض الأسعار بشكل عشوائي على العملاء كجزء من التجربة.
التزام بالشفافية والقدرة على تحمل التكاليف
في بيان رسمي، أكدت “إنستاكارت” التزامها بالشفافية والقدرة على تحمل التكاليف. وأشارت إلى أن هذه التجربة أثارت مخاوف مشروعة، خاصة في الوقت الذي يواجه فيه الكثير من الناس صعوبات مالية. وقالت الشركة: “في الوقت الذي تعمل فيه العائلات بجهد استثنائي لتوفير كل دولار من منتجات البقالة، أثارت هذه الاختبارات المخاوف، مما جعل بعض الناس يتساءلون عن الأسعار التي يرونها على إنستاكارت. هذا ليس مقبولاً – خاصة بالنسبة لشركة مبنية على الثقة والشفافية والقدرة على تحمل التكاليف.”
وأضافت “إنستاكارت” أن تجار التجزئة سيستمرون في تحديد أسعارهم الخاصة على المنصة، وقد يستمرون في تقديم أسعار مختلفة في مواقع مختلفة. ومع ذلك، أكدت الشركة أنها “لن تدعم أي خدمات لاختبار أسعار العناصر” من الآن فصاعدًا.
تسوية قضية ممارسات التسعير الخادعة
يأتي هذا الإعلان في أعقاب تسوية قضية منفصلة مع لجنة التجارة الفيدرالية (FTC) بشأن ممارسات التسعير الخادعة. وافقت “إنستاكارت” على دفع 60 مليون دولارًا كتعويض للعملاء الذين زُعم أنهم تعرضوا لرسوم مخفية وإعلانات مضللة حول عمليات التوصيل المجانية.
اتهمت لجنة التجارة الفيدرالية “إنستاكارت” بالإعلان عن عمليات توصيل مجانية بشكل غير صحيح وعدم الكشف بوضوح عن رسوم الخدمة، والتي يمكن أن تصل إلى 15٪ من قيمة الطلب. على الرغم من أن “إنستاكارت” نفت ارتكاب أي مخالفات، إلا أنها اختارت التوصل إلى تسوية لتجنب المزيد من الإجراءات القانونية والتركيز على تطوير أعمالها.
مستقبل التسعير في إنستاكارت
تؤكد “إنستاكارت” أن الثقة تُبنى من خلال الوضوح والاتساق، وأن العملاء لا ينبغي أن يضطروا إلى تخمين الأسعار التي يرونها. من الواضح أن الشركة تدرك أهمية الحفاظ على سمعتها كمنصة موثوقة وبأسعار معقولة.
بالإضافة إلى إنهاء برنامج الأسعار المتغيرة، من المتوقع أن تواصل “إنستاكارت” الاستثمار في تحسين تجربة المستخدم وتعزيز الشفافية في جميع جوانب خدماتها. هذا يشمل توفير معلومات أكثر تفصيلاً حول كيفية حساب الأسعار، وضمان أن العملاء على دراية بجميع الرسوم المطبقة قبل إتمام طلباتهم. الهدف النهائي هو إعادة بناء ثقة المستهلكين وترسيخ مكانة “إنستاكارت” كخيار مفضل لتوصيل البقالة. التركيز الآن سينصب على توصيل البقالة بأسعار واضحة وموثوقة.
في الختام، يمثل قرار “إنستاكارت” بإنهاء برنامج الأسعار المتغيرة خطوة إيجابية نحو تحقيق المزيد من الشفافية والعدالة في خدمة توصيل البقالة. من خلال التركيز على بناء الثقة مع العملاء، يمكن للشركة أن تضمن استمرار نجاحها في سوق تنافسي بشكل متزايد. نتوقع أن نرى المزيد من التغييرات في المستقبل القريب، حيث تسعى “إنستاكارت” إلى تلبية احتياجات وتوقعات المستهلكين المتطورين.
