أوكرانيا تستعد لضربات أكثر تعقيدًا بالمسيرات البحرية في 2024، وتحدد مسار الحرب البحرية

مع استمرار الصراع في أوكرانيا، يبرز دور جديد ومهم للتكنولوجيا العسكرية، وبالأخص الطائرات المسيرة (المسيرات). فقد أعلن قائد عمليات الطائرات بدون طيار التابعة لوكالة المخابرات العسكرية الأوكرانية عن توقعات بزيادة الضربات المعقدة ضد القوات الروسية في العام المقبل، وذلك بعد نجاح هذه الطائرات في كبح تحركات البحرية الروسية في البحر الأسود. تعكس هذه التطورات تحولًا استراتيجيًا في طريقة خوض أوكرانيا الحرب، مع التركيز على الابتكار والتكنولوجيا منخفضة التكلفة لتحقيق أهداف كبيرة. هذا النجاح في استخدام المسيرات البحرية دفع روسيا إلى إعادة تقييم تكتيكاتها البحرية، مما يشير إلى تأثير كبير لهذه الأصول على مسار الصراع.

تأثير الطائرات المسيرة على العمليات البحرية الروسية

في مقابلة حصرية مع وكالة أسوشيتد برس، قال رئيس وحدة الطائرات البحرية المتخصصة، المعروفة باسم المجموعة 13، إن الهجمات الأوكرانية أجبرت روسيا على التكيف بشكل كبير. هذا التكيف أدى إلى تقليل قدرة روسيا على شن ضربات واسعة النطاق في البحر الأسود، وهي العمليات التي كانت شائعة في بداية الحرب. وأشار الضابط، الذي يُعرف فقط بعلامة الاتصال “13” وفقًا للبروتوكولات العسكرية الأوكرانية، إلى أن “اليوم، من المحتمل أننا وصلنا إلى مرحلة الاستقرار. نحن نعمل على الحد من تحركات العدو بشكل فعال، لكن تلك الضربات الدرامية البارزة التي شهدناها في وقت سابق لم تحدث منذ بعض الوقت”.

هذا يعني أن روسيا أصبحت أكثر حذرًا في نشر أسطولها، حيث أن سفنها البحرية تعمل الآن “بالكاد”، وغالبًا ما تميل إلى البقاء على مسافة لا تتجاوز 25 ميلًا (40 كيلومترًا) من الموانئ. تقوم هذه السفن بإطلاق الصواريخ ثم الانسحاب بسرعة، مما يدل على قيود جديدة فرضتها عليها القدرات الأوكرانية.

“أسطول الظل” والضربات الجوية البحرية

الشهر الماضي، كشفت تقارير أن أوكرانيا استخدمت المسيرات الهجومية البحرية في ضربات ضد “أسطول الظل” الروسي، وهو عبارة عن مجموعة من ناقلات النفط التي تحاول التهرب من العقوبات الدولية. وعلى الرغم من أن القائد لم يعلق بشكل مباشر على هذه العمليات، إلا أن هذا يشير إلى توسع نطاق استخدام الطائرات المسيرة في استهداف البنية التحتية اللوجستية الروسية.

تعد هذه التطورات مهمة بشكل خاص لأنها تُظهر قدرة أوكرانيا على التغلب على تفوق روسيا البحري التقليدي من خلال استخدام تكنولوجيا مبتكرة. علاوة على ذلك، يعتبر إسقاط طائرة مقاتلة روسية بواسطة طائرة “ماجورا” المسيرة في مايو الماضي بمثابة “اختراق” في الحرب البحرية، حيث يوضح إمكانية استخدام الطائرات المسيرة ليس فقط في الاستطلاع والضرب، ولكن أيضًا في الدفاع الجوي.

تطوير القدرات: الذكاء الاصطناعي ومستقبل الطائرات المسيرة

تستعد أوكرانيا لمرحلة جديدة من تطور الطائرات المسيرة، تتمحور حول دمج أعمق لتقنيات الذكاء الاصطناعي. ويهدف هذا التكامل إلى تحسين استهداف الطائرات المسيرة وتقليل العبء على المشغلين البشريين. حاليًا، يمثل البحث عن الهدف عملية مشتركة بين المشغل والذكاء الاصطناعي، ولكن في المستقبل، ستكون الطائرات المسيرة قادرة على تحديد الأهداف بشكل مستقل، والتمييز بين السفن المدنية والعسكرية، واتخاذ القرارات بشكل أكثر فعالية.

يؤكد الضابط أن الجيش الأوكراني يمتلك “كمية هائلة” من البيانات التشغيلية والتي يمكن استخدامها لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وتطويرها بشكل مستمر. كما يوضح أن الدول التي تدرس خيارات الضربات طويلة المدى والطائرات المسيرة الغاطسة وعمليات الأسطول المختلط المعقدة ترى في هذه الأنظمة خطوة منطقية إلى الأمام.

تعاون دولي لتعزيز الصناعة المحلية

لا يقتصر جهود أوكرانيا على تطوير قدراتها الداخلية في مجال الطائرات المسيرة، بل تمتد أيضًا لتشمل التعاون الدولي. تخطط أوكرانيا لتوسيع الإنتاج المشترك للطائرات المسيرة مع العديد من دول الناتو في العام المقبل.

وعقب زيارة الرئيس فولوديمير زيلينسكي إلى أثينا الشهر الماضي، أعلنت كييف واليونان عن خطط للعمل المشترك في مجال المركبات الجوية البحرية غير المأهولة، وتوسيع التدريبات والتمارين، وتبادل المعلومات حول التهديدات البحرية. يعكس هذا التعاون التزامًا متزايدًا من المجتمع الدولي بدعم أوكرانيا في جهودها الدفاعية وتعزيز صناعتها العسكرية المحلية.

الاستدامة والفعالية المستمرة

على الرغم من التعديلات التي أجرتها روسيا في تكتيكاتها، يؤكد القائد أن برنامج الطائرات المسيرة البحرية في أوكرانيا لا يزال فعالًا للغاية. ويقول: “إننا نعمل على عدة جبهات لتغيير هذا الوضع وخلق نقطة تحول. في الوقت الحالي، أستطيع أن أقول هذا: إننا لم نفقد فعاليتنا. لقد وصلنا ببساطة إلى نقطة تمكننا فيها من السيطرة على العدو”.

هذا التأكيد على الفعالية المستمرة يعزز الرسالة القوية بأن أوكرانيا لا تزال قادرة على تحدي التفوق البحري الروسي من خلال استخدام تكنولوجيا الطائرات المسيرة المبتكرة والاستراتيجيات الذكية. سيستمر هذا البرنامج، مع تطورات الذكاء الاصطناعي والشراكات الدولية، في تشكيل المشهد البحري للصراع وربما يُعيد تعريف الحرب البحرية في المستقبل. من المتوقع أن يمثل هذا البرنامج محورًا رئيسيًا في جهود أوكرانيا الدفاعية في عام 2024 وما بعده، مما يوضح أهمية هذا المجال في الصراع الحديث.

شاركها.