أثار المستثمر مايكل بيري، المعروف بتوقعاته المتشائمة بشأن الأسواق، جدلاً جديداً بانتقاده لشركة نفيديا (Nvidia) وعمالقة الذكاء الاصطناعي الأخرى، وكشف عن اتخاذه رهانات عكسية ضد كل من نفيديا وبالانتير (Palantir). يأتي هذا في وقت يشهد فيه سهم نفيديا تقلبات ملحوظة، مما يثير تساؤلات حول تقييمات شركات الذكاء الاصطناعي المرتفعة. وتشمل المخاوف الرئيسية لبيري ممارسات الاستهلاك الإضافي للأصول واستمرار تقييم الشركات بناءً على توقعات النمو المستقبلية.
جاءت تصريحات بيري الأخيرة عبر منصة “سابستاك” (Substack) الخاصة به، رداً على مذكرة حديثة أصدرتها نفيديا للمحللين في وول ستريت، حيث ادّعى بيري أن الشركة ترد على حجج لم يطرحها هو شخصياً. وقد أثار بيري، الذي اشتهر بتوقعه انهيار سوق الإسكان في فيلم “The Big Short”، مخاوف بشأن جدوى الاستثمار في أسهم الذكاء الاصطناعي، معتبراً إياها فقاعة محتملة.
انتقادات مايكل بيري لشركة نفيديا وتقييمات الذكاء الاصطناعي
ركزت انتقادات بيري على طريقة تعامل نفيديا مع الاستهلاك الإضافي للأصول، وهو مصطلح محاسبي يتعلق بسرعة استهلاك قيمة الأصول الثابتة مثل المعدات. ووفقاً لبيري، قد يؤدي تمديد فترة الاستهلاك إلى تضخيم الأرباح قصيرة الأجل، لكنه يمكن أن يمهد الطريق لخسائر كبيرة في المستقبل. كما أشار إلى أن شركات مراكز البيانات الكبرى، مثل مايكروسوفت، تباطأت في بناء مراكز بيانات جديدة بسبب مخاوف بشأن التقادم السريع لشرائح الذكاء الاصطناعي.
الاستهلاك الإضافي للأصول: نقطة الخلاف الرئيسية
أوضح بيري أنه لم ينتقد نفيديا تحديداً لتدني معدل استهلاك أصولها، بالنظر إلى أنها شركة تصميم رقائق، وليست شركة تصنيع تعتمد بشكل كبير على الإنفاق الرأسمالي. بدلاً من ذلك، أعرب عن قلقه من أن الأجيال الجديدة من الرقائق قد تصبح عفا عليها الزمن بسرعة بين عامي 2026 و 2028، مما يقلل من قيمة الاستثمارات الحالية.
وصف بيري رد نفيديا على انتقاداته بأنه “غير صادق” و”مخيب للآمال”. وكشف بيري عن أنه يحتفظ بخيارات بيع على أسهم كل من نفيديا وبالانتير، على الرغم من أن هذه الرهانات لم تكلفه سوى حوالي 10 ملايين دولار لكل منها، مقابل قيمة اسمية تصل إلى 1.1 مليار دولار.
بينما لم ترد نفيديا على طلب للتعليق على تصريحات بيري الأخيرة، فقد شهد سهم الشركة انخفاضًا بنسبة 14% منذ ذروته في نوفمبر، مما يشير إلى تزايد قلق المستثمرين بشأن الإنفاق المفرط وتقييمات الشركات المبالغ فيها في قطاع الذكاء الاصطناعي.
وفي سياق متصل، يذكر أن بيري أغلق صندوق التحوط الخاص به أمام المستثمرين الخارجيين، وركز بشكل أكبر على الكتابة وتحليل الأسواق. وعاد إلى منصة “إكس” (تويتر سابقاً) في أواخر أكتوبر، حيث بدأ في التحذير من وجود فقاعة في أسهم الذكاء الاصطناعي.
يعكس انتقاد بيري اتجاهًا أوسع نطاقًا من التدقيق المتزايد في تقييمات شركات الذكاء الاصطناعي، خاصة بعد الارتفاعات الصاروخية التي شهدتها أسهمها في العام الماضي. ويرى بعض المحللين أن هذه التقييمات لا تزال مبالغ فيها، وأن هناك خطرًا من تصحيح كبير في السوق. ويتزايد الاهتمام بتقييم الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا (Tech Startups)، خاصة مع ارتفاع تكاليف التمويل.
في الوقت الحالي، يراقب المستثمرون عن كثب أداء نفيديا وبالانتير، بالإضافة إلى المؤشرات الاقتصادية الرئيسية، بحثًا عن علامات تدل على تباطؤ النمو أو حدوث تغيير في معنويات السوق. من المتوقع أن تقدم الشركات تقارير أرباحها للربع القادم في الأشهر القليلة المقبلة، وستكون هذه التقارير حاسمة في تحديد مسار أسهمها المستقبلي. بالإضافة إلى ذلك، فإن أي تغييرات في السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي، أو تطورات جديدة في مجال التكنولوجيا، يمكن أن تؤثر على قطاع الذكاء الاصطناعي بشكل كبير.
يجب على المستثمرين توخي الحذر وإجراء أبحاثهم الخاصة قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية في قطاع الذكاء الاصطناعي، مع الأخذ في الاعتبار المخاطر المحتملة والتقلبات في السوق. مع استمرار تطور التكنولوجيا، ستظل هذه الصناعة في بؤرة اهتمام المستثمرين والمحللين على حدٍ سواء.

