يشهد دور مدير التكنولوجيا (CTO) تطوراً مستمراً مع التقدم المتسارع في مجال الذكاء الاصطناعي. لم يعد هذا الدور مقتصراً على الإشراف على البنية التحتية التقنية، بل أصبح محورياً في قيادة الابتكار وتحقيق الميزة التنافسية للشركات. يتناول هذا المقال التغيرات التي طرأت على دور مدير التكنولوجيا، وكيفية مواكبة هذه التطورات، مستندين إلى تجربة جون ستيشر، مدير التكنولوجيا في شركة بلاكستون، إحدى أكبر شركات الاستثمار في العالم.
على مدار العقدين الماضيين، لاحظ جون ستيشر تحول التكنولوجيا من مجرد “عنصر سحري في الخلفية” إلى قلب كل عمل تجاري. وأكد ستيشر أن التكنولوجيا لم تكن تعتبر ضرورة حتمية في السابق، ولكنها أصبحت كذلك الآن. فالبنية التحتية التكنولوجية المتينة ضرورية للنجاح في أي قطاع، بغض النظر عن طبيعته.
تطور دور مدير التكنولوجيا مع الذكاء الاصطناعي
بصفته المسؤول التنفيذي الذي يشرف على التكنولوجيا والأمن السيبراني والاستثمار في التكنولوجيا الناشئة وتحسين التكنولوجيا في محفظة بلاكستون الاستثمارية، يتحمل ستيشر مسؤولية الحفاظ على القدرة التنافسية لواحدة من أكبر شركات الاستثمار في العالم. وهذا يتطلب منه البقاء في الطليعة فيما يتعلق بكل شيء بدءًا من التهديدات السيبرانية وحتى التطورات الهندسية. يشدد ستيشر على أهمية التعلم المستمر والتكيف مع التغيرات السريعة في المشهد التكنولوجي.
روتين يومي في رحلة التنقل
يستغل ستيشر، بالإضافة إلى مسؤولياته المهنية، وقته في رعاية أطفاله البالغين من العمر 11 و 8 سنوات. لذلك، فهو يحرص على استغلال أي وقت فراغ لديه، بما في ذلك 35 دقيقة قضاها في رحلة التنقل إلى العمل والعودة. يخصص ستيشر هذا الوقت لقراءة الأخبار والمقالات البحثية المتعلقة بالتكنولوجيا التطبيقية في الصناعات المختلفة، مثل الطيران والروبوتات والأدوية.
“يمكنك أن تتعلم الكثير حول كيفية تطبيق التقنيات المختلفة في مجال عملك من خلال قراءة كيفية قيام شخص آخر بذلك في مكان آخر”، هذا ما قاله ستيشر. ويضيف أن هذه المعرفة تساعده في إيجاد حلول مبتكرة للتحديات التي تواجه بلاكستون.
بعد ذلك، يناقش ستيشر هذه الأفكار مع زملائه. “لحسن الحظ، لدي مجموعة من المهندسين المذهلين أعمل معهم، لذلك أتبادل معهم الأحاديث اليومية حول ما ينجح وما لا ينجح”، كما أوضح.
التعلم العملي وأهميته
لا يقتصر تعلم ستيشر على القراءة النظرية، بل يحرص على التطبيق العملي للتكنولوجيا. ويقول إنه درس علوم الكمبيوتر حتى يتمكن من بناء الأجهزة وتفكيكها، وهذا ما يزال يمارسه حتى اليوم. ويؤكد أن بناء التطبيقات البرمجية يشبه الرسم على الورق من حيث الإبداع والابتكار.
يرى ستيشر أن “التكنولوجيا الأساسية متشابهة” بغض النظر عن المجال الذي تعمل فيه، سواء كانت شركة نفط وغاز أو تطبيق مواعدة. ويخصص ستيشر ساعة أو ساعتين في نهاية الأسبوع لتجربة أدوات تكنولوجية جديدة. على سبيل المثال، قام ببناء أداة لتسهيل تحليل المستندات، مثل مذكرات لجنة الاستثمار التي يقرأها في نهاية الأسبوع.
لا تكون تجاربه دائماً ناجحة، ولكنه يعتبرها فرصة للتعلم وتطوير مهاراته. في بعض الأحيان، قد يكتفي باستخدام روبوت الدردشة Claude من Anthropic لكتابة التعليمات البرمجية لأتمتة بعض المهام المنزلية، مثل إطفاء الأنوار أو ضبط منظم الحرارة. ويعتبر هذا النوع من التحديات “ممتعاً” لأنه يتيح له مراجعة أساسيات الهندسة.
“إنه تجربة ملموسة وحسية”، هذا ما يؤكده ستيشر.
التحول الرقمي و الأمن السيبراني هما من المجالات التي يوليها ستيشر اهتماماً خاصاً، حيث يعتبرهما من أهم العوامل التي تؤثر على نجاح الشركات في العصر الحديث. كما يركز على الابتكار التكنولوجي كوسيلة لتحقيق النمو المستدام.
مع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، من المتوقع أن يشهد دور مدير التكنولوجيا المزيد من التغيرات. سيتطلب ذلك من مديري التكنولوجيا امتلاك مهارات جديدة، مثل القدرة على فهم وتطبيق تقنيات التعلم الآلي والبيانات الضخمة. كما سيتطلب منهم أن يكونوا قادة استراتيجيين قادرين على توجيه الشركات نحو مستقبل رقمي.
من المرجح أن تشهد الأشهر القادمة المزيد من المناقشات حول كيفية دمج الذكاء الاصطناعي في استراتيجيات الأعمال. سيكون من المهم مراقبة التطورات في هذا المجال، وكيفية استجابة الشركات لهذه التطورات. كما سيكون من المهم تقييم المخاطر والتحديات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، وكيفية التغلب عليها.

