بانكوك شهدت إطلاق شراكة عالمية لمواجهة خطر متزايد يهدد الأفراد وال economies على حد سواء: عمليات الاحتيال عبر الإنترنت. هذا الخطر لم يعد مجرد إزعاج فردي، بل أصبح منظومة إجرامية متطورة تتسبب في خسائر تقدر بمليارات الدولارات سنويًا. المؤتمر الذي استضافته وزارة الخارجية التايلاندية ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة يومي الأربعاء والخميس، يمثل خطوة حاسمة نحو التصدي لهذه الظاهرة عبر التعاون الدولي.

تزايد عمليات الاحتيال عبر الإنترنت: تهديد عالمي

أصبح الاحتيال الإلكتروني مشكلة متفاقمة في السنوات الأخيرة، مدفوعة بالتقدم التكنولوجي وزيادة الاعتماد على الخدمات الرقمية. هذه الجرائم لا تقتصر على خسارة مالية للضحايا، بل تمتد لتشمل أضرارًا نفسية واجتماعية كبيرة. يشير رئيس الوزراء التايلاندي أنوتين تشارنفيراكول إلى أن هذه العمليات تكشف عن ضعف جماعي يتطلب معالجة مشتركة، مؤكداً أن أي دولة بمفردها لا تستطيع مواجهة هذا التحدي بفعالية.

التقديرات تشير إلى أن الضحايا قد خسروا ما بين 18 مليار إلى 37 مليار دولار أمريكي في عام 2023 وحده، مما يسلط الضوء على حجم المشكلة وضرورة التحرك العاجل. تتنوع أساليب الاحتيال لتشمل مخططات استثمارية وهمية، وانتحال شخصيات الأحباء، وغيرها من الحيل التي تستغل ثقة الضحايا.

إطلاق “الشراكة العالمية ضد عمليات الاحتيال عبر الإنترنت”

توج المؤتمر في بانكوك بالإعلان عن مبادرة جديدة تحمل اسم “الشراكة العالمية ضد عمليات الاحتيال عبر الإنترنت”. تعتبر هذه الشراكة إطارًا للتعاون بين الدول والمنظمات الدولية والقطاع الخاص لمكافحة هذه الجرائم. تتضمن اتفاقية الشراكة، والتي وقعتها تايلاند وبنغلاديش ونيبال وبيرو والإمارات العربية المتحدة، التزامات في مجالات رئيسية:

  • الالتزام السياسي: إعطاء الأولوية لمكافحة الاحتيال الإلكتروني على المستوى الوطني والإقليمي.
  • إنفاذ القانون: تعزيز التعاون بين سلطات إنفاذ القانون لملاحقة مرتكبي هذه الجرائم.
  • حماية الضحايا: توفير الدعم اللازم للضحايا لمساعدتهم على التعافي واستعادة حقوقهم.
  • التوعية العامة: نشر الوعي حول مخاطر الاحتيال الإلكتروني وكيفية تجنبه.
  • التعاون عبر الحدود: تبادل المعلومات والخبرات بين الدول لتعزيز الفعالية في مكافحة هذه الجرائم.

دور القطاع الخاص في مكافحة الجرائم السيبرانية

لا يمكن الحديث عن مكافحة الجرائم السيبرانية دون إشراك القطاع الخاص، وخاصة شركات التكنولوجيا الكبرى التي تمتلك البنية التحتية والخبرات اللازمة لمواجهة هذه التحديات. وقد أظهر المؤتمر في بانكوك هذه الأهمية من خلال مشاركة فعالة من شركات مثل Meta و TikTok.

قدمت Meta، الشركة الأم لـ Facebook و Instagram و WhatsApp، تقريرًا حول التهديدات يشير إلى الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي من قبل شبكات الاحتيال. تهدف الشركة إلى تطوير آليات فعالة لمنع هذه العمليات على منصاتها. في هذه المقابل، انضم تطبيق TikTok إلى الشراكة العالمية كأحد أوائل أعضائها من القطاع الخاص، مما يعكس التزامهم بالحد من انتشار المحتوى الاحتيالي على التطبيق.

TikTok والتحولات في السياسات الأمنية

شهد TikTok انتقادات وتدقيقًا متزايدًا من قبل الحكومات حول العالم بسبب مخاوف تتعلق بالخصوصية والأمن القومي. الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وكندا، وإندونيسيا، كلها طرحت قضايا مختلفة تتعلق بسياسات TikTok، وتحديداً فيما يتعلق بتبادل البيانات وحماية الأطفال. هذه التحولات في السياسات الأمنية دفعت الشركة إلى إعادة تقييم استراتيجياتها والبحث عن حلول تلبي مخاوف الجهات التنظيمية. من خلال الانضمام إلى هذه الشراكة، تأمل TikTok في إظهار التزامها بمعالجة هذه القضايا وتعزيز بيئة آمنة لمستخدميها.

دوافع الإسراع في مكافحة الاحتيال

تزايد المداهمات على مراكز الاحتيال في دول مثل ميانمار، بالإضافة إلى قضايا إعادة الضحايا إلى أوطانهم، وحالات مثل وفاة طالب كوري جنوبي بسبب الإكراه على القيام بأعمال احتيالية في كمبوديا، كلها عوامل أدت إلى زيادة الضغط من أجل اتخاذ إجراءات إقليمية ودولية لمكافحة هذه الظاهرة. كمبوديا، التي تعتبر مركزًا رئيسيًا لعمليات الاحتيال، تعرضت لانتقادات، لكنها لم تشارك في المؤتمر بسبب الخلافات مع تايلاند.

لقد أظهرت دول رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) أيضًا التزامًا متزايدًا بمكافحة شبكات الاحتيال، حيث تم تقديم اتفاقيات مماثلة في الأشهر الأخيرة. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجرائم الإلكترونية، التي تم توقيعها من قبل أكثر من 70 دولة، إطارًا قانونيًا هامًا لتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال.

مستقبل التعاون لمواجهة الاحتيال

يعتبر إطلاق “الشراكة العالمية ضد عمليات الاحتيال عبر الإنترنت” خطوة مهمة في مكافحة هذه الجرائم المتزايدة. يعتقد خبراء صناعة أن مشاركة جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومات وشركات التكنولوجيا والبنوك وشركات الاتصالات، أمر ضروري لتحقيق النجاح. كما أن زيادة الوعي العام حول مخاطر الاحتيال عبر الإنترنت وتعزيز ثقافة الحذر والمسؤولية لدى المستخدمين يلعب دورًا حاسمًا في منع الوقوع ضحية لهذه الجرائم. يجب أن يهدف التعاون المستقبلي إلى تبادل أفضل الممارسات، وتطوير تقنيات جديدة للكشف عن الاحتيال وتوقفه، وتوفير الدعم اللازم للضحايا.

شاركها.
Exit mobile version