يشهد قطاع العملات الرقمية تطورات متسارعة مع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي. أعلنت شركة Coinbase، وهي من أكبر منصات تداول العملات الرقمية، عن خطوات توسع في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين خدماتها، بما في ذلك إتمام أول معاملة بين أنظمة ذكاء اصطناعي لشراء وبيع رموز رقمية، مما يعكس مستقبلًا واعدًا لـ الذكاء الاصطناعي في مجال العملات الرقمية.
جاء هذا الإعلان بعد أن كشف الرئيس التنفيذي لـ Coinbase، براين أرمسترونج، عن إتمام أول “معاملة عملات رقمية بين ذكاءين اصطناعيين” عبر منصة X (تويتر سابقًا). وأوضح أرمسترونج أن الذكاء الاصطناعي قام بشراء رموز من ذكاء اصطناعي آخر، وليست رموز العملات المشفرة التقليدية، بل رموز لغوية تستخدم للتواصل بين نماذج اللغة الكبيرة.
Coinbase وتكامل الذكاء الاصطناعي: رؤية مستقبلية
تسعى Coinbase إلى دمج الذكاء الاصطناعي في مختلف جوانب عملياتها. بالإضافة إلى الاستحواذ على Agara، وهي منصة دعم تعتمد على الذكاء الاصطناعي، في عام 2021، أعلنت الشركة عن شراكة مع Perplexity AI لتزويد المتداولين ببيانات فورية حول سوق العملات الرقمية. وتهدف هذه الشراكة إلى تعزيز قدرات التحليل السوقي باستخدام بيانات COIN50 وغيرها من المؤشرات الرئيسية.
تطبيقات الذكاء الاصطناعي في Coinbase
يستخدم براين أرمسترونج نفسه تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل منتظم في عمله اليومي، وفقًا لتصريحاته في بودكاست “Cheeky Pint”. وأشار إلى أن فريقه يختبر حدود قدرة الذكاء الاصطناعي على اتخاذ القرارات، من خلال إدخال مساهمات الذكاء الاصطناعي في عملية صنع القرار المعروفة باسم RAPIDS.
ومع ذلك، لم يقتصر الأمر على الاختبارات. فقد أقر أرمسترونج بفصله موظفين لم يتمكنوا من دمج الذكاء الاصطناعي في سير عملهم قبل الموعد النهائي المحدد. ويشير هذا الإجراء إلى مدى جدية الشركة في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي.
تأتي هذه الخطوات في سياق اهتمام متزايد بالذكاء الاصطناعي في قطاع التكنولوجيا المالية. فالذكاء الاصطناعي يقدم إمكانات كبيرة لتحسين الكفاءة، وتقليل المخاطر، وتقديم خدمات مخصصة للعملاء. وتشمل التطبيقات المحتملة للذكاء الاصطناعي في مجال تداول العملات الرقمية تحليل البيانات الضخمة، واكتشاف الاحتيال، وأتمتة العمليات التجارية.
تعتبر Coinbase من بين الشركات الرائدة التي تستكشف هذه الإمكانات. وتشير تصريحات أرمسترونج إلى أن الشركة لا تكتفي باستخدام الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة، بل تسعى إلى جعله جزءًا أساسيًا من عملية صنع القرار.
في المقابل، يثير هذا التوجه تساؤلات حول مستقبل الوظائف في قطاع العملات الرقمية. فقد يؤدي الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي إلى تقليل الحاجة إلى بعض الوظائف التقليدية، بينما يخلق فرصًا جديدة في مجالات مثل تطوير الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات. كما أن هناك حاجة إلى تطوير مهارات جديدة للعاملين في هذا القطاع لمواكبة التطورات التكنولوجية.
بالإضافة إلى ذلك، يثير استخدام الذكاء الاصطناعي في العملات المشفرة مخاوف بشأن الأمن والخصوصية. فقد يكون الذكاء الاصطناعي عرضة للاختراق أو التلاعب، مما قد يؤدي إلى خسائر مالية أو انتهاكات للبيانات الشخصية. لذلك، من الضروري اتخاذ تدابير أمنية قوية لحماية أنظمة الذكاء الاصطناعي وضمان سلامة البيانات.
من المتوقع أن تستمر Coinbase في الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي وتوسيع نطاق تطبيقاتها. وستراقب الشركة عن كثب التطورات في هذا المجال، وستعمل على دمج أحدث الابتكارات في خدماتها. وفي الوقت نفسه، من المهم أن تضع الشركة في الاعتبار المخاطر المحتملة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، وأن تتخذ خطوات استباقية للتخفيف منها. من المرجح أن تشهد الأشهر القادمة المزيد من الإعلانات حول مبادرات الذكاء الاصطناعي من Coinbase وغيرها من الشركات في قطاع العملات الرقمية، مع التركيز على تحسين تجربة المستخدم وتعزيز الأمن والكفاءة.
يبقى التحدي الأكبر هو تحقيق التوازن بين الابتكار التكنولوجي وحماية المستهلكين وضمان استقرار سوق العملات الرقمية. وستكون الجهات التنظيمية في مختلف أنحاء العالم مطالبة بوضع إطار تنظيمي واضح ومناسب لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي في هذا القطاع.
