أصبح تطبيق سبوتيفاي (Spotify) حديث وسائل التواصل الاجتماعي في ديسمبر، ليس بسبب قوائم التشغيل السنوية المعتادة “Wrapped” والتي تعرض تفاصيل استماع المستخدمين، بل بسبب ميزة جديدة أثارت جدلاً واسعاً: “العمر الموسيقي” أو “Listening Age”. هذه الميزة تقيّم عمر المستخدم بناءً على اختياراته الموسيقية، وكشفت النتائج عن مفاجآت غير متوقعة لدى الكثيرين، خاصةً الشباب.
بدأ الجدل يتصاعد مع انتشار مشاركات المستخدمين على منصات مثل “تويتر” و”تيك توك”، حيث عبّروا عن صدمتهم من العمر الذي حدده سبوتيفاي لهم. ففي حين أن الكثيرين توقعوا أن تكون نتائجهم متوافقة مع أعمارهم الحقيقية، أظهرت الميزة أن بعضهم يبدو أصغر أو أكبر سناً بكثير.
ماذا يقول عمر الاستماع في سبوتيفاي عنك؟ (Spotify Listening Age)
يعتمد سبوتيفاي في تحديد “العمر الموسيقي” على تحليل سنة إصدار الأغاني التي يستمع إليها المستخدم على مدار العام. ثم يقارن هذه البيانات ببيانات المستخدمين الآخرين من نفس العمر الفعلي، ويحدد ما إذا كانت هناك اختلافات كبيرة في الأذواق الموسيقية. وبحسب متحدث باسم سبوتيفاي، فإن الميزة تهدف إلى تحديد الأنماط الشاذة أو الفريدة في استماع المستخدمين.
على سبيل المثال، إذا كان المستخدم في الخامسة والعشرين من عمره ولكنه يستمع بشكل كبير إلى موسيقى أواخر السبعينيات، فقد يقدر سبوتيفاي عمره بـ 63 عاماً، على افتراض أن الأشخاص يميلون إلى الاستمتاع بالموسيقى التي كانت شائعة خلال فترة مراهقتهم (بين 16 و 21 عاماً). وهذا التفسير يوضح لماذا تكون نتائج “العمر الموسيقي” مختلفة بشكل كبير عن العمر الفعلي.
الجدل لم يقتصر على الاختلافات الكبيرة في العمر. البعض اعتبر أن الحصول على عمر أصغر من العمر الفعلي أمر مسيء، بينما رأى البعض الآخر أن الحصول على عمر أكبر هو دليل على ذوق موسيقي راقٍ ومتنوع. التحليل النفسي للاستماع للموسيقى يقترح أن ارتباطنا بالموسيقى يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالذكريات والتجارب الشخصية.
تتراوح ردود الأفعال بين الدعابة والسخرية، حيث يشارك المستخدمون قصصهم عن نتائجهم غير المتوقعة. البعض الآخر بدأ يتساءل عن دقة هذه الميزة وعن المعايير التي تعتمد عليها.
تأثير الأذواق الموسيقية المتوارثة
أظهرت العديد من الحالات أن الأذواق الموسيقية قد تنتقل من جيل إلى جيل. على سبيل المثال، قد يبدأ شاب في الاستماع إلى موسيقى والديه أو أجداده، ثم يطور هذا الأذواق ليصبح جزءاً من هويته الموسيقية. وهذا يمكن أن يفسر لماذا قد يحصل شاب على “عمر موسيقي” أكبر من عمره الفعلي.
التحول في الأذواق الموسيقية
قد يعكس “العمر الموسيقي” أيضاً تحولاً في الأذواق الموسيقية. فقد يبدأ الشخص في الاستماع إلى أنواع جديدة من الموسيقى في مرحلة معينة من حياته، ثم يفضل هذه الأنواع على حساب الأنواع الأخرى. هذا التحول يمكن أن يؤدي إلى تغيير في “العمر الموسيقي” الذي يحدده سبوتيفاي.
وبالنظر إلى هذه التفاعلات، يباين هذا الموقف الاهتمام السابق بـ “Spotify Wrapped”، حيث كانت تعتبر في السابق طريقة ممتعة لمشاركة الأغاني المفضلة. ولكن الآن، أصبحت أداة للتأمل الذاتي والتحليل النفسي للأذواق الموسيقية.
سبوتيفاي لم تعلق بشكل مباشر على الجدل الدائر، لكن من الواضح أن الميزة لاقت نجاحاً كبيراً من حيث إثارة النقاش والتفاعل بين المستخدمين. وهذا يشير إلى أن سبوتيفاي قد يواصل تطوير هذه الميزة في المستقبل، وربما إضافة المزيد من التفاصيل والتحليلات.
من المرجح أن يستمر تبادل الآراء ووجهات النظر حول “العمر الموسيقي” لسبوتيفاي في الأيام القليلة القادمة. وسيكون من المثير للاهتمام متابعة ردود فعل المستخدمين وكيف سيؤثر ذلك على تصورهم لأنفسهم وعلى اختياراتهم الموسيقية. وسيكون من المفيد أيضاً أن يقدم سبوتيفاي المزيد من الشروحات حول كيفية عمل هذه الميزة وما هي الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها من خلالها.
في نهاية المطاف، “العمر الموسيقي” هو مجرد أداة ترفيهية، ولا ينبغي أن تؤخذ على محمل الجد. ولكنها يمكن أن تكون أيضاً فرصة للتفكير في علاقتنا بالموسيقى وكيف تشكل هويتنا وشخصيتنا. وما زلنا في انتظار تحديثات من سبوتيفاي حول المستقبل المحتمل لهذه الميزة، والتغييرات التي قد ترافقها.

