شهدت شركة تسلا، رائدة صناعة السيارات الكهربائية، نمواً هائلاً في السنوات الأخيرة، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى أسلوب القيادة الفريد لمؤسسها، إيلون ماسك. يكشف سبنسر بن، وهو مؤسس شركة LightSource وعمل سابقاً في كل من تسلا و Waymo، عن رؤى قيمة حول كيفية إدارة ماسك للشركات، مع التركيز على أهمية المخاطرة والابتكار والتركيز على المنتج في تحقيق النجاح في مجال القيادة.

انتقل بن إلى كاليفورنيا قبل عشر سنوات، في الوقت الذي كانت فيه تسلا شركة ناشئة تنتج حوالي 1000 مركبة أسبوعياً. على الرغم من الشكوك التي أثارها الأصدقاء والعائلة حول مستقبل الشركة، إلا أنه كان متحمسًا لرؤية ما سيحققه ماسك.

أسلوب إيلون ماسك في القيادة: رؤى من داخل تسلا

كانت تفاعلات بن مع إيلون ماسك إيجابية بشكل عام، لكنه يؤكد أنه لم يكن من محبي ماسك بشكل أعمى. ومع ذلك، لاحظ بعض الجوانب البارزة في أسلوب قيادته والتي ساهمت في نجاح تسلا.

أحد هذه الجوانب هو الهيكل التنظيمي المسطح للشركة. حتى الموظفين الجدد نسبيًا كانوا على بعد مستويين فقط من ماسك، وهو أمر غير معتاد في معظم الشركات. ومع ذلك، يوضح بن أن هذا الهيكل لا يعني بالضرورة توزيعًا متساويًا للسلطة. فما زال إيلون ماسك هو صاحب القرار النهائي، وكل شيء يمر به.

بالإضافة إلى ذلك، كان ماسك يركز بشدة على المنتج نفسه. كان يهتم بالتفاصيل الدقيقة، مثل ملمس الطلاء، ويتطلب موافقته على أي تغييرات. هذا التركيز على المنتج، بحسب بن، هو ما يميز ماسك عن العديد من الرؤساء التنفيذيين الآخرين الذين يبتعدون عن التفاصيل التشغيلية.

تحديد الأهداف الطموحة وتحمل المخاطر

يشتهر ماسك بتحديد أهداف طموحة للغاية، وهو ما قد يؤدي أحيانًا إلى فقدان المصداقية، كما هو الحال مع تأخر إطلاق سيارة Roadster الجديدة. ومع ذلك، يرى بن أن هذا الطموح ضروري لتحقيق إنجازات كبيرة، مشيرًا إلى النجاح السريع لـ Starlink كمثال.

يؤكد بن على أن ماسك لا يخشى تحمل المخاطر، وغالبًا ما يراهن بالشركة بأكملها. هذه القدرة على تحمل المخاطر، والتي قد يجدها المديرون التنفيذيون المحترفون صعبة، هي ما يمنع الشركات من الوقوع في حالة من الركود وعدم القدرة على المنافسة.

كان ماسك يظهر التزامه بشكل ملموس من خلال تواجده الفعلي في المصنع، حتى لو كان ذلك يعني النوم في غرفة المؤتمرات. هذه الإشارة القوية كانت بمثابة حافز للموظفين لتقديم أفضل ما لديهم.

مقارنة بين هياكل تسلا و Waymo التنظيمية

بعد تسلا، عمل بن في Waymo، شركة السيارات ذاتية القيادة التابعة لـ Google. لاحظ بن اختلافًا كبيرًا في الهيكل التنظيمي بين الشركتين. كانت Waymo تتميز بهيكل تنظيمي رأسي تقليدي، يعكس حجم Google الكبير.

في المقابل، كان لدى Waymo هيكل تنظيمي أفقي، حيث يتمتع الموظفون بقدر أكبر من الحرية في تطوير أفكارهم. وصف بن هذا الهيكل بأنه يشبه “العفن الغروي” الذي ينتشر ويجد طريقه إلى كل الزوايا. على الرغم من أن هذا الهيكل قد يؤدي إلى تكرار الجهود، إلا أنه يشجع أيضًا على الإبداع والابتكار.

في تسلا، كانت القرارات تأتي بشكل أساسي من إيلون ماسك وفريقه المقرب، بينما في Google، كانت الأفكار الجيدة غالبًا ما تنبع من الموظفين العاديين. أدرك بن أهمية تفويض الابتكار إلى فرق العمل، وهي الدروس التي تعلمها من تجربته في Google.

تعتبر ثقافة العمل المرنة والتشجيع على التجريب من العوامل الرئيسية التي ساهمت في نجاح الشركتين. فقد سمح أحد مهندسي Waymo لنفسه بتأخير تاريخ البدء لمدة شهر لقراءة أحدث الأبحاث في مجال الذكاء الاصطناعي، مما أدى إلى تطوير ميزات جديدة للمنتج.

تُظهر هذه الأمثلة أهمية الاستثمار في تطوير الموظفين وتشجيعهم على استكشاف أفكار جديدة. كما تسلط الضوء على أهمية التكيف مع التغيرات السريعة في مجال التكنولوجيا.

في الختام، يمثل أسلوب إيلون ماسك في القيادة مزيجًا فريدًا من الطموح والمخاطرة والتركيز على المنتج. بينما قد لا يكون هذا الأسلوب مناسبًا للجميع، إلا أنه أثبت فعاليته في دفع تسلا إلى الأمام. من المتوقع أن تستمر تسلا في تطوير تقنيات جديدة وتوسيع نطاق أعمالها، مع بقاء إيلون ماسك في مركز القيادة. ومع ذلك، فإن قدرة الشركة على التكيف مع التحديات المستقبلية، مثل المنافسة المتزايدة والقيود التنظيمية، ستكون حاسمة لنجاحها على المدى الطويل.

شاركها.
Exit mobile version